دراسات وبحوث

أكرم عثمان: غزوة الخندق وتهيئة بيئة العمل الجاذبة والمحفزة للمنظمات

تكالبت الأحزاب مجتمعة على المسلمين في غزوة الخندق في جيش كبير تعداده عشرة الآلاف مقاتل بالمقارنة مع جيش المسلمين الذي لا يتعدى حينها ثلاثة الآلاف، تأمر كبير وحقد مستشري في نفوس من تأمروا على الإسلام والمسلمين في المدينة المنورة من قبائل العرب ويهود بني النضير فقد تجاوزوا المواثيق ونقضوا العهود التي أبرموها مع الرسول صلى الله عليه وسلم، عانى المسلمين أوضاع قاسية وبرد شديد وجوع، " فلما تجمع أصحاب الأحزاب لقتال المسلمين بالمدينة، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ليستشيرهم في كيفية الدفاع عن المدينة وصد الأعداء، فأشار الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر الخندق، حيث قال: يا رسول الله: إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام على هذه الخطة الحكيمة التي لم تكن معروفة لدى العرب، فكانت بحمد الله تعالى من أسباب صد الأحزاب وفشلهم في تلك الغزوة. .[1]

فكان هذا الرأي السديد في المشورة وأعطى الرسول عليه الصلاة والسلام الأمر والتعليمات  للعمل لأصحابه وجنوده بحفر الخندق وخطط له في توزيع المهام بحيث يحفر كل عشرة أشخاص أربعين ذراعاً (والذراع يساوي 45.72 سم)، أي كل عشرة يحفرون ما مقداره (18 متراً)، وكان صلى الله عليه خير قدوة وجندي في الميدان يحفر ويحمل التراب على ظهره حتى أن كشف عن صدره عليه السلام و ظهر منه شعر صدره وكان كثيفاً. أما غزوة الخندق (تسمى كذلك غزوة الأحزاب) وقعت في شهر شوال من العام الخامس من الهجرة (الموافق مارس 627م) بين المسلمين بقيادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والأحزاب الذين هم مجموعة من القبائل العربية التي اجتمعت لغزو المدينة المنورة والقضاء على المسلمين والدولة الإسلامية. سميت هذه الغزوة بهذا الاسم لأجل الخندق الذي حفر حول المدينة بأمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم.[2]. فسارعوا إلى عمله حتى فرغوا منه، وذكر موسى بن عقبة أن مدة الحصار كانت عشرين يوماً، ولم يكن بينهم قتال إلا مراماة بالنبل والحجارة ، وأصيب منها سعد بن معاذ بسهم فكان سبب موته. وأن هزيمتهم أن نعيم بن مسعود الأشجعي ألقى بينهم الفتنة فاختلفوا، وذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - له بذلك . ثم أرسل الله عليهم الريح فتفرقوا، وكفى الله المؤمنين القتال .[3]. وأن طول الخندق كان خمسة آلاف وخمس مائة وأربعة وأربعين متراً ـ5544ـ ومتوسط عرضه أربعة أمتار فاصلة اثنين وستين ـ 4.62 ـ  ومتوسط عمقه ثلاثة أمتار فاصلة ثلاثة وعشرين ـ3.23.[4]

فقد تصدى عليه الصلاة والسلام والمسلمون للأحزاب المتحالفة ضدهم، وذلك عن طريق حفر خندق شمال المدينة المنورة لمنع الأحزاب من دخولها، ولمَّا وصلت الأحزابُ حدود المدينة المنورة عجزوا عن دخولها، فضربوا حصاراً عليها دام ثلاثة أسابيع، وأدى هذا الحصار إلى تعرِّض المسلمين للأذى والمشقة والجوع. وانتهت الغزوة بانسحاب الأحزاب وذلك بسبب تعرضهم للريح الباردة الشديدة، ويؤمن المسلمون أن انتصارهم في غزوة الخندق أن الله تعالى زلزل أبدانَ الأحزاب وقلوبَهم، وشتت جمعَهم بالخلاف، وألقى الرعبَ في قلوبهم، وأنزل جنودًا من عنده.[5]

رؤية القيادة لبيئة العمل وتوزيع أدواره:

نجح مشروع حفر الخندق تمامًا وكان عملًا جماعيًا ضخمًا، وهناك ضوابط جعلته ينجح، فقد أدار الرسول عليه الصلاة والسلام المشروع بكفاءة غير عادية، فقد وضع قواعد ناجحة في إدارة الأعمال الناجحة والمتميزة من خلال مشاركة القائد في العمل جبناً إلى جنب مع أتباعة وجنوده، وقام بتوزيع المهام بدقة متناهية على الجميع والإحاطة بأسلوب الجدة في العمل رغم الظروف الصعبة والأجواء المناخية الباردة وشديدة الرياح العاتية واللين والرفق والدنو والحنو عليهم، بالإضافة لرفع الهمة وبناء الأمل في النفوس.[6]، حيث أشار أحد الصحابة الكرام " رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الخَنْدَقِ وهو يَنْقُلُ التُّرَابَ حتَّى وارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وكانَ رَجُلًا كَثِيرَ الشَّعَرِ، وهو يَرْتَجِزُ برَجَزِ عبدِ اللَّهِ اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ ما اهْتَدَيْنَا... ولَا تَصَدَّقْنَا ولَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا... وثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا إنَّ الأعْدَاءَ قدْ بَغَوْا عَلَيْنَا... إذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبيْنَا يَرْفَعُ بهَا صَوْتَهُ".[7]

ومن شدة الجوع وقلة الطعام قد ربطوا على بطونهم الحجارة، ناهيك عن تثبيط المنافقون في أدوارهم الواهية والشائنة ، فكانوا يتأخرون في العمل وينشرون الإحباط والتثبيط في نفوس المسلمين وإضعاف عزائمهم ومعنوياتهم، ويتسللون هاربين بدون إذن من الرسول صلى الله عليه وسلم ، يذهبون إلى أسرهم وأهليهم، وفي خضم حفز الخندق وما لاقاه المسلمين من نصب وتعب وجوع  حدثت مواقف ومعجزات عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم، فمنها ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نحفر الخندق، فعرضت لنا كدية؛ أي حجر كبير، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم عجزوا عنه، فقال عليه الصلاة والسلام: إني نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول، فضرب الحجر على ضخامته، فما كان من الحجر إلا أن كان كثيبًا؛ أي رملًا لينًا، فحفروه، فسبحان من قدرته عمَّت كل شيء.[8]

القائد النموذج بين أتباعه وجنوده:

وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، قال وعرض لنا فيه صخرة لم تأخذ فيها المعاول، فشكوناها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فأخذ المعول ثم قال: بسم الله، فضرب ضربة، فكسر ثلث الحجر، وقال: الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا.[9]

إن الظروف التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من تأمر وتكالب وظروف شديدة القصوة استمرت لستة ايام في حفر الخندق لكي يحميهم ويصد عدوهم من النيل منهم والأنتصار عليهم ، ورغم ما عانوه من كافة الظروف والمعطيات المحيطة بهم ، صبروا وتحملوا في أجواء محفزة و طاقات إيجابية عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم النموذج والأسوة الحسنة، حيث أن القائد أو من يتحمل مسؤولية العمل ويشارك أتباعه الهموم والتعب والجهد بنفس راضية وصبر جميل، كان يبث فيهم أشعاراً محفزة وكلمات ينبعث منها الأمل وتحريك الطاقات.

استلهام بث الأمل ونشر التحفيز بين الأفراد والجماعات:

فقد شرع المسلمون في حفر الخندق في أجواء باردة، ورسول الله معهم يحفر ويحمل التراب بنفسه، وقد جعل لكل عشرة منهم أربعين ذراعًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما بهم من النصب والتعب حفزهم وأدخل في نفوسهم النشاط والحماس بمثل قوله: اللهمّ إن العيش عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة، فيجيبون قائلين:  نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الجهاد ما بقينا أبدًا.  وهكذا تجاوبت المشاعر المليئة بالإيمان والنفوس العظيمة بالعزيمة والإصرار والتحمل والجلد. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن البراء بن عازب قال: لما كان يوم الأحزاب، وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته يحمل من تراب الخندق حتى وارى عنه التراب جلدة بطنه وكان كثير الشّعر، فسمعته يرتجز بكلمات عبد الله بن رواحة وهو ينقل التراب يقول:

اللهمّ لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدّقنا ولا صلّينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبّت الأقدام إن لاقينا

إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا

ثم يمد صوته باخرها، يعني بقول: أبينا. أبينا .

ولا تسل عما كانت تصنعه هذه الكلمات المؤمنة العذاب في نفوسهم من مضاعفة الجهد، والاستهانة بالنصب والتعب، وبهذا العمل الدائب أتموا حفر الخندق في ستة أيام، وقد استعانوا بالأحجار الصلبة فاتخذوا منها متاريس يتحصنون بها.[10]

تأمل معي الاستراتيجية التحفيزية التي قام النبي على أصحابه بتخفيف وطأة المشقة والجوع بترديد الشعر[11]: " لقد حصل للصحابة رضوان الله عليهم تعبٌ وجوعٌ وبرد ، لأنه كان في زمن عسرةٍ وعام مجاعة، ولما رأى صلى الله عليه وسلَّم ما بأصحابه من النصبِ والجوع، قال متمثِّلاً بقول عبد الله بن رواحة ـ أحد أصحابه وكان شاعراً ـ كان عليه الصلاة والسلام في أثناء الحفر يقول:   اللهم لا عيْشَإِلا عَيْشُ الآخِرَةِ     فَأَصْلِحِ الأَنْـصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ

[من صحيح البخاري عن أنس بن مالك]

اللهمَّ لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة    فارحم الأنصار والمهاجــرة

اللهمَّ لا خيرَ إلا خيرُ الآخـرة    فبارك في الأنصار والمهاجرة

اللهمَّ إن الأجر  أجر الآخـرة    فارحم الأنصار والمهــاجرة

اللهمَّ لا  خيرَ إلا خيرُ الآخرة     فانصر الأنصار والمهـاجرة

***

فهذا الشعر الذي يبُثُّ الحماس في نفوس أصحابه، ويخفِّف عنهم متاعب الجوع والخوف والبرد والجهد الشاق ، فأجابوه رضي الله عنهم:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا    عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا

[ من صحيح البخاري: عن أنس بن مالك]

وقال صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ينقل التراب ، وقد وارى التراب جلد بطنه الشريف ، متمثلاً قولَ ابن رواحة :

وَ اللَّهِ لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا     وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَـا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَـــا     وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَـا

إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَـلَيْنَا      إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَــا

وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ:

أبَيْنَا أَبَيْنَا

[من صحيح البخاري عن أنس بن مالك]

وأعاد أبينا ثلاث مرَّات:

إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَــا

أبَيْنَا أَبَيْنَا

هكذا قال الله عزَّ وجل:

﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ(39)﴾ .

(سورة الشورى)

ومع ذلك فرغوا بعد معاناة من الحفر والتعب والبرد والجوع من حفز خندق طوله خمسة الآف ذراع وعرضه تسعة أذرع وعمقه سبعة أذرع في ستة أيام في بيئة مجهدة لكنها محفزة وقريبة من النفوس العظيمة التي تدافع عن نفسها في ظل قيادة حكيمة تتسم بالتشاور وأخذ أراء الأتباع والأفراد والجماعات، وتعمل بكد وجهد مضني وبث روح البسمة والتحفيز في النفوس من خلال الأشعار والكلمات التي تحرك الجماد قبل الإنسان بالرغم من أنها تتعرض لأجواء باردة وبطون فارغة، وبث فيها روح الأمل عندما اعترضت صخرة كبيرة جاء القائد لزرع المستقبل المشرق في نفوس الأفراد والجماعات عندما خرجت شرارة قال كذا وكذا .

أي بيئة رائعة تلك التي يبث فيها روح وطاقات إيجابية ومستقبل أخاذ رغم المعاناة وتأمر المتآمرين وخذلانهم، فقمة النصر أن تتغلب على ذاتك وتخرج الطاقات الكامنة للعمل والإنجاز والتميز والتفوق والنصر في نهاية المشاور، انهزم الأحزاب وفروا من حيث أتوا هاربين تتسم نفوسهم بالضعف والهوان والهزيمة رغم كثرة العدد والعتاد. إنها معالم الصبر والجلد والإيمان الحقيقي بالقيادة و أفرادها وما تملكه من قدرات وطاقات خلاقه تحول الهزيمة إلى نصر وتمكين وغلبة.

فقد كانت القيادة التي تولاها الرسول صلى الله عليه نموذج فعال ومتميز من حيث إدارته للواقع الذي كانوا فيه، من مشورة وإعطاء مساحة للخبرات والآراء المتميزة في التعبير عن الموقف السديدة والرشيد لمصلحة عمل الجميع ونجاحه، تخطيط عالي المستوى في توزيع المهام وتنفيذ الأفكار المطروحة دون تأجيل أو تسويف، مشاركته عليه الصلاة و السلام في الحفر ومساندة جنوده وإتباعه فهو واحد منهم لا يفرق القادم إليهم أن هذا قائد وذاك جندي أثناء أداء المهام و العمل، إضفاء الروح المرحة والأناشيد والشعر الذي كان يردده أمام أتباعه فما هو إلا تحفيز وبناء للهمة والجلد وقضاء الساعات والأيام في مرح وتسلية ودعابة وأجواء احتفالية رغم البرد والتعب والجوع الشديد الذي نال من الجميع دون استثناء، ومع ذلك يستمر العطاء والجهد دون توقف، بل أكثر من ذلك كان القائد عليه الصلاة والسلام نموذجاً فريداً في تحدي الصعاب عندما كان يعجز أصحابه أداء بعض الأعمال، كان يتصدى له ويتعامل معه بحكمه وصبر وجلد، ورغم الواقع المرير خاطب أصحابه عن الآمال المستقبلية التي ذكرها لأصحابه في الفتوحات التي القادمة، عندما قال عليه الصلاة والسلام (الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا)[12]، ناهيك عن تعامله بتحييد للمنافقين الذي كانوا يتسللون إلى بيوتهم دون استئذان منه صلى الله عليه وسلم ، وكان هؤلاء المتخاذلين من المنافقين عندما كان يبشر أصحابه بالفتوحات القادمة أردوا أن يبثوا روح الهزيمة في نفوس المؤمنين بقولهم " كنا لا نأمن على الذهاب للخلاء من شدة الرهب والخوف ويبشرنا بفتوحات للشام والفرس". على العكس من المؤمنين الطائعين الذي ما برحوا مكاناً إلا طلبوا أذنه عليه السلام من قوة إيمانهم وإخلاصهم وتفانيهم في دعوتهم ورسالتهم.

بيئة العمل الجاذبة في منظماتنا:

من حسن الطالع أن نسهم في الإجادة في توفير بيئة عمل جاذبة ومحفزة في منظماتنا عندما نعتبر غزوة الأحزاب وتصرف الرسول صلى الله عليه وسلم نموذجاً راقياً للقائد الذي حرص في توفير بيئة ويعتبر نفسه جزءاً أساسياً وعضواً فاعلاً في العمل يقوم بتوزيع الأدوار ويعطي كل فرد مسؤوليته ويعمل بنفسه ويتعايش مع أفراده ويكون قريباً منهم يشد من أزهم ويدعم حضورهم وعملهم ويتعاطف مع همومهم وتعبهم وجهودهم ويتصدى لكل الصعوبات التي تعترض أصحابه والقريبين منه، يحمل هموم أتباعه وأعضاء مجتمعه من بث الإيجابية والأمل في نفوسهم رغم التعب والنصب والجوع، ويحفزهم بكلمات وأشعار لها أثراً كبيراً في الأعضاء العاملين معه، ويمنيهم بالمستقيل المشرق بفتوحات لليمن والشام وفارس بالرغم من أنهم محاصرون ومرهقون وجائعون، فالتحدث عن المستقبل ربما يبدد كل هم وضيق وقلق وتجعل العاملين والأعضاء لهم رؤية ثاقبة وهمة عالية للنجاح في العمل وإنجازه وامتلاك الروح القوية والمنعة في التصدي للغزاة والمنافسين والتحديات التي يفرضها واقع الحال، بالإضافة لمشورة الأعضاء وإعطائهم دوراً في الاستفادة من خبراتهم ومعارفهم واستخراج وتوظيف قدراتهم ومواهبهم عندما استجاب لرأي وفكرة سلمان الفارسي رضي الله عنه في حفر الخندق و دهاء نعيم بن مسعود في نشر الفتنة وتفريق الأعداء وإضعافهم، ناهيك عن استخدام عنصر التجاهل للمنافقين الذين يتسللون إلى بيوتهم دون إذن منه عليه السلام، وكأنه يعطينا درساً أن التركيز على الأشخاص الإيجابيين والمخلصين يبدد كل ضعف أو انهزامية عند البعض وقتل ممارساتهم وأفعالهم التي لا ترقى للفعل الحسن والسلوك القويم والسليم.

***

د. أكرم عثمان - مستشار ومدرب في التنمية البشرية

2024

................................

[1] https://www.islamweb.net/ar/fatwa/39817

[2] https://islamonline.net

[3] https://www.islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=2218

[4] https://www.islamweb.net/ar/fatwa/132835

[5] https://islamonline.net

[6] https://www.alshareyah.com

[7] رواه البخاري ومسلم

[8] https://www.alukah.net/sharia/0/158187/

[9] رواه أحمد

[10] https://www.alshareyah.com

[11] http://www.quran-radio.com/?page=details&newsID=1379&cat=184

[12] رواه أحمد

في المثقف اليوم