ترجمات أدبية

خوسيه لياندرو: أبانا الذي في السماء

أبانا الذي في السماء وقصص أخرى

تأليف: خوسيه لياندرو أوربينا

ترجمتها إلى الانجليزية: كريستينا شانتز فريدريك

ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم

***

1- أبانا الذي في السماء

بينما كان الرقيب يستجوب والدته وأخته، أخذ النقيب الصبى من يده إلى الغرفة الأخرى.

سأله:

- أين والدك؟

همس:

- إنه في الجنة.

سأل النقيب المذهول:

- كيف؟ مات؟

قال الصبى:

- لا. كل ليلة ينزل من السماء ليأكل معنا.

نظر النقيب لأعلى ورأى الباب الصغير المؤدي إلى العلية.

**

2- بورتريه لسيدة

في ضوء الفجر الذي تسلل بخجل عبر النافذة، قامت بتسوية ثوبها بعناية. كان أحد أظافرها ينظف باقى الأظفار. بللت أطراف أصابعها باللعاب وصقلت حاجبيها. عندما انتهت من ترتيب شعرها، سمعت حراس السجن يأتون على طول الممر. أمام حجرة الاستجواب، تذكرت الألم، ارتجفت ساقاها. ثم وضعوا غطاء محرك السيارة عليها وتجاوزت العتبة. كان الصوت في الداخل هو نفس الصوت في اليوم السابق. و كانت الخطى نفس خطى اليوم السابق، وصلت إلى مقعدها، اخترق الصوت اللزج أذنها.

- أين كنا بالأمس يا آنسة جيمينيز؟

قالت:

- كنا نقول إنه يجب أن تتذكر أنك تتعامل مع سيدة.

تلقت ضربة في وجهها. شعرت بطقطقة في عظام الفك.

- أين كنا يا آنسة جيمينيز؟

قالت:

- كنا نقول إنه يجب أن تتذكر أنك تتعامل مع سيدة.

**

3- علاقات

قال لي إنني مثير للقلق وأخبرته أنه أعمى. أخبرني أنه إذا كان الأمر كذلك حقا، فستعرف الحكومة ما يجب فعله وليس هناك ما يدعو للقلق. أخبرته أن موقفه كان أنموذجا للأشخاص الذين يعتقدون أن جميع المشكلات يمكن حلها من أعلى، وشعرت أن هذا تصرف غير مسؤول للغاية. أخبرني أنه من غير المسؤول أن نتحايل على التشهير ونشر الفتنة. قلت له إنه من الحقير أن يقود الناس إلى الذبح بالكذبة البيضاء لمشروع أيديولوجي لم يعد صالحًا. أخبرني أن مواقف مثل موقفي ستؤدي إلى كارثة وسيحكم علينا يومًا ما. أخبرته أخيرًا أن يذهب إلى الجحيم. لم نتحدث مع بعضنا البعض مرة أخرى. بالأمس علمت أنه كان في الزنزانة المجاورة لي وفي هذا الصباح رأيته عندما سمحوا لنا بالخروج إلى الفناء. لم نقل مرحبًا، لكنني أعلم أنه كان ينظر إلي. نظرت إليه بطرف عيني أيضًا. يبدو أنه في حالة صحية سيئة، مثلي تماما.

**

4- استجواب

في تشرين الثاني (نوفمبر)، بعد أن أمضيت أكثر من شهرين في المنزل، قررت المخاطرة بالزيارة. كان الوقت مبكرا بعد الظهر، والشمس مشرقة، ولا يوجد أحد تقريبًا في الشوارع. تفتح أمي الباب وأدخل بسرعة. البيت الكبير فارغ. والدي وإخوتي ما زالوا في السجن. كانت أمى بمفردها طوال هذا الوقت، وتذهب ثلاثة أيام في الأسبوع لتطلب أخبارًا عنهم. وبينما نعبر الفناء باتجاه المطبخ، أخبرتني أنها تأمل أن يتم إطلاق سراحهم في اعياد الميلاد. قبل أن تخطو فوق العتبة، توقفت، وأخذت يدي و سألتني: هل تؤمن بوجود إله، يا بني؟ أنظر إليها، هى أصغر حجما وأكبر سنا الآن، وأعتقد أن هذه المرأة التي تنظر إلي بعيون قلقة كما لو أن إجابتي كانت نوعًا من الحكم، هذه المرأة، أمى، تذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد وفي العطلات الدينية الأخرى لأكثر من خمسة وأربعون سنة. ثم، عندما أراها هكذا، أنا الذى لم أبك منذ فترة طويلة جدا، احتضنها دون إجابة وأبكي بلا خجل.

(تمت)

***

.......................

المؤلف: خوسيه لياندرو أوربينا / ولد خوسيه لياندرو أوربينا في سانتياغو دي تشيلي عام 1949 م. عندما كان طالبًا في الآداب، نفي إلى الأرجنتين عام 1974. ومنذ عام 1977 يعيش في كندا، عاد إلى تشيلي عام 2005 لكنه ما زال يشير إلى نفسه بأنه منفى دائم..نشر مجموعته القصصية الأولى تحت عنوان: قضايا مفقودة. تدور أحداثها في تشيلي تعاني من القمع الذي أعقب اغتيال سلفادور أليندي في الانقلاب الذي قاده الجنرال أوغستو بينوشيه والقمع ضد أنصار أليندي. إنهم غارقون في روح الخوف والعنف المخمر مع روح الدعابة الكئيبة. وقد ترجمت كريستينا شانتز فريدريك هذه المجموعة إلى الانجليزية عام 1987 م. القصص المترجمة هنا من موقع كتب مهملة وهذا رابط الموقع والقصص:

https://neglectedbooks.com/?p=4792

The Neglected Books Page

في نصوص اليوم