ترجمات أدبية

بابلو نيرودا: أَطلبُ الصمت

بقلم: بابلو نيرودا

ترجمة: عبد الوهاب البراهمي

***

ليتركوني وشأني الآن

ليعتادوا غيابي الآن

سأغمض عينيّ

لا أريد سوى خمسة أشياء،

خمسة جذور مفضّلة

أولاها الحبّ بلا نهاية.

وثانيها أن أرى الخريف

لا يمكن أن أكون دون أن

تطير الأوراق ثم تعود إلى الأرض.

وثالثها الشتاء القارس،

المطر الذي أحببته، مُلامسةُ

النار في البرد الغابيّ.

رابعها الصيف

مستدير مثل بطيخة

خامس شيء هو عيناك

عزيزتي ماتيلدا،

لا أريد النوم دون عيناك،

لا أريد أن أكون دون أن تنظري إليّ:

أُغيّر الرّبيع

كي تواصلي النظر إلّي .

أصدقائي ، هذا ما أريد.

هو تقريبا لاشيء وتقريبا كلّ شيء.

الآن ارحلوا إن رغبتم.

عشت طويلا حتى يوم

عليكم فيه نسياني لا محالة،

سوف تمحونني من اللّوحة:

فليس لقلبي نهاية.

لكن، لأني أطلب الصمت

فلا تعتقدوا أنّي سأموت:

ما يحدث لي مخالف تماما

يحدث أن أعيش نفسي.

يحدث أن أكون وأتابع.

لن يكون إذن سوى بداخلي

تنمو المزارع،

أوّلا هي الحبيبات تمزّق

الأرض كي ترى النور

لكن الأرض الأمّ مُظْلمة،

وأنا مظلم في داخلي:

أنا  مثل بئر على ماءه

يُوِدع الليل نجومه

ويتابع سيره وحيدا عبر الحقول

الحقيقة أني عشت طويلا

حتّى أنّي أريد أن أعيش أكثر

لم أشعر أبدا بمثل هذه الحيوية

ولم أحظى أبدا بمثل هذا القدر من القبلات

الآن، الوقت مبكّر، مثلما هو دائما .

يطير الضوء بأجنحته.

اتركوني وحيدا مع النهار.

أطلب الإذن بالولادة.

***

...........................

* بابلو نيرودا "اكسترافاغاريا" (1958) "موجة تنحرف عن مسيرها" ص9، ترجمة جاي سيوراس، شعر، غاليمار، ماي 2003.

في نصوص اليوم