أقلام ثقافية

بقلم بكر السباتين: بسمة وإرهاصات روايتي الجديدة

bakir sabatinهجعت عمان في بهيم هذه الليلة التي غادرتها الحكايات إلى مهاجع السمّار في البيوت المنغلقة على أسرارها، فلا ينبعث منها إلا ما تسفه الرياح المتناوحة في طريقها إلى غياهب المجهول، حيث هناك ثمة رواة يبحثون عنها كأنها قادمة من الغياب.. خرجوا من راسي وفي عيونهم ملامحها.. وقصتها الواقعية التي يتواضع أمامها الخيال وترتجف الدهشة، تخيلتها رشيقة الروح غجرية الشعر في عيونها متاهات أبعد من الأفق.. وجهها ذلك الفردوس إذْ يرتوي من ابتسامتها الرقراقة نضارة الشباب.. تستظل بذكرياتها كأنها تتنسم طلة من حبيبها المسلوب إلى امرأة أخرى.. فهل تستعيد أريجاً من ذكرياته الجميلة معه.. ثمة حلم كان يراود عينيها الساهمتين إلى حمرة الأفق عند المغيب.. والرواة يباغتونها " ستجدين بقية الحكاية عند الكاتب العراف" فصدقتهم حتى صارت عندي على جناح السرعة..

إذن أنا هو الكاتب العراف الذي داهمته الهواجس في وحدته إثر غياب الزوجة الحبيبة عند أهلها في زيارة قد تمتد ليومين كأنهما الدهر.. ومبيت الابن الأصغر في السكن الجامعي بالطفيلة، فيما الابن الأكبر يتقلب على فراش الغربة في السعودية لبناء مستقبله في زمن مليء بالمتاهات..

وهكذا صادفت هذه الشخصية الروائية التي طالما حلمت بكتابتها منذ زمن... ساقتها الأقدار إليّ كأنها أحجية تلقفها قلبي الشفوق الذي بات أسيراً لها .. تسامرنا حتى وجه الصباح بعد أن احتست قهوتي وشاركتني تدخين الأرجيلة بمبسم واحد.. فكان لطعم البوح نكهة الدهشة ، ثم ذهبت لتنام في ذاكرتي قريرة العين بعد أن استودعتني أسرارها.. سأطلق عليها اسم بسمة أو باسمة! وربما ابتسام.. وهذا لم يأت من فراغ ما دمت سأطلقه على صاحبة أجمل ابتسامة أحسست بغموضها الآسر.. أنا لا أتحدث عن المونليزا ولن أجبرك على تصديق الحكاية! آه من هذه الضيفة التي ملأت على وحدتي لساعات ثم غادرت على أمل اللقاء من جديد.. كأنها السنونو أورقت حكاياته في روحي ثم طافت ترفرف في المكان قبل أن تغادر قلبي إلى المجهول.. كأنها جاءت لتزرع الحيرة ثم تختفي.. كانت عيناها الواسعتين أعمق من المدى.. وجهها المورق بالحكايات الحزينة تظلله خصلة شعر تدلت مشاكسة نسائم الوجد.. كأنها تراقص ابتسامة المونليزا الغامضة في سمرة وجهها الذي يحمل معالم آذار.. بدت وهي تسرد حكايتها كالفرس الجامحة بشعرها المتطاير مع الريح وهي تصهل بروح غجرية. هذه الشخصية موعودة بأجمل قصة حب ستعيشون تفاصيلها المدهشة مع المناضل بهاء الذي خرج من الأسر حالماً بلقائها، في مدينة لا تنام.. الراوي يستعد منذ هذه اللحظة لرصد التفاصيل وتراكمات الحدث في حواري عمان العتيقة في ظل زمن ما زال الراوي يستشعر بهرولته في أسواق المدينة وأزقتها وبيوتها وتفاصيلها الغنية بالمتناقضات.. وتبقى الرواية في عهدة الراوي.

 فإلى لقاء قادم مع أحداث رواية شرعت بكتابتها منذ اللحظة.

 

 

في المثقف اليوم