أقلام ثقافية

ثامر الحاج امين: انيس منصور.. صائغ النكتة

يعد الكاتب المصري (انيس منصور 1924ــ 2011) واحدا من أكثر الكتاب الذين استقطبت كتاباتهم جمهورا واسعا من القراء وأثّرت فيهم لما اشتملت عليه من ميزات تتعلق برشاقة اللغة وجمال الصياغة وسعة الخيال وكذلك التنوع في الموضوعات والاجناس الأدبية وبالتالي كان يستحق تصنيفه ضمن مجموعة (أولياء الكتابة الصالحون)، فهو كاتب صحفي وفيلسوف يمثل علامة فارقة في ميدان المقالة الصحفية وأدب الرحلات وارتبط بعلاقات واسعة مع الرعيل الاول من كبار الأدباء والصحفيين امثال طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ومصطفى وعلي امين، وكل هذه المؤهلات والفرص باعتقادي سهّلت له طريق الشهرة وكذلك ليكون من المقربين للرؤساء المصريين خصوصا عبد الناصر والسادات، كما انه ملهمٌ لقرّائه، فعلى الصعيد الشخصي ومنذ وقت مبكر من رحلتي مع الأدب استمالني لمتابعة كتاباته فتوجهت لقراءة معظم أعماله الأدبية وتبلور لدي تصورعن طبيعة منجزه الأدبي يتلخص في امتلاك هذا الكاتب خزين من الذكريات والتجارب الشخصية والاسرار التي جمعها ورواها بأسلوب جاذب وممتع ولاذع احيانا ويمتلك ايضا لغة صافية صقلتها تجربته الطويلة في العمل الصحفي وما رافقها من جولات واسعة حول مدن العالم اكسبته خبرة عن طبيعة حياة المجتمعات وابرزها جولته التي دون تفاصيلها في كتابه الشهير (حول العالم في 200 يوم) الذي عرض فيه معلومات مهمة عن دول جنوب شرق اسيا ودول غربية اخرى، كما وجدته كاتبا فيلسوفا ينظر الى الحياة على انها محطة لا مناص يوما من مغادرتها لذا هو يدعو الى السكينة والصدق مع الذات والتواضع في الطموح فيقول (لا ترهق نفسك في هذه الدنيا .. فلن تخرج منها حيا)، وأبرز ما ظهر عليه منصور في منجزه الابداعي هو سرعة البديهة والقدرة الفائقة على تأليف النكتة الساخرة وصياغتها بأسلوب السهل الممتنع الذي لا يتردد فيها حتى عن تجاوز الخطوط الحمر ومنها ما كتبه عن حائط المبكى الذي يحظى بالقدسية عند اليهود اذ اعتادوا زيارة الحائط ولمسه والبكاء عنده يرافق ذلك قيام كل واحد منهم بكتابة شكواه على ورقة ودسها بين احجار الحائط، الكاتب انيس منصور التقط هذا الطقس وكتب ان امريكيا زار القدس ونسى اسم الحائط.. فقال لسائق التاكسي خذني الى المكان الذي يبكي اليهود عنده ليلا ونهارا .. فذهب به الى مصلحة الضرائب .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم