أقلام ثقافية

أيمن عيسى: كلمات تذكر وتؤنث فى العربية

من الظواهر المميزة للغة العربية، أنك تجد فيها كلمات تذكر وتؤنث فى آن واحد، وكلاهما فصيح وصائب، لأن كلتا الحالتين موروث عن العرب. والسبب فى ذلك هو اختلاف اللهجات فى التعامل مع الكلمة، فترى لهجة قبيلة تذكر كلمة، بينما نفس الكلمة فى لهجة قبيلة أخرى تعاملها من منظورها اللغوى وما اتفقت عليه الجماعة اللغوية، معاملة المؤنث.

من هنا فإننا نجد بعض الكلمات تذكر وتؤنث فى آن واحد. وأبعد ما يكون فى سبب تلك الظاهرة أن نخطىء ونذهب إلى أن من أسبابها وقوع اللحن اللسانى، خاصة ممن دخلوا الإسلام وهم ليسوا من العرب. لأن العربية لا تقر لحنا ولا تعتمد انحرافا، كما أن هذه الظاهرة هى ناشئة فى العربية قبل الإسلام.

ومن هذه الكلمات التى تعامل معاملة المذكر والمؤنث فى آن واحد، نجد:

طريق: فنقول هذا الطريق، وهذه الطريق

الحال: فنقول هذا الحال، وهذه الحال

إصبع: فتقول هذا الإصبع، وهذه الإصبع

العنق: فنقول هذا العنق، وهذه العنق

الضرس: فنقول هذا الضرس، وهذه الضرس

السن: فنقول هذا السن، وهذه السن

حانوت: فنقول هذا الحانوت، وهذه الحانوت

العضد: فنقول هذا العضد، وهذه العضد

الفأس: فنقول هذا الفأس، وهذه الفأس

دُكـَّان: فنقول هذا الدكان، وهذه الدكان

ومن الكلمات السابقة، نلاحظ:

1 – الكلمات التى تقبل التذكير والتأنيث، تخلو تماما من التاء المعقودة التى تدل على تأنيث الشىء، فلو أن بها تاء معقودة تدل على التأنيث، لانقطع القول بجريان التذكير عليها واقتصرت على التأنيث فقط.

2 – العرب أجرت هذه الظاهرة ليس على الكلمات عربية الأصل فقط، بل أجرت هذه الظاهرة على الكلمات المستعربة أيضا، بعد أن أخضعتها لقواعد التصريف وقواعد اللسان العربى.

3 – كل الكلمات التى تقبل هذه الظاهرة، لا يوجد فيها مؤنث حقيقى يلد أو يبيض، ولا يوجد بها مذكر حقيقى أيضا يكون سببا فى إنجاب أو نسل. ذلك لأن المؤنث الحقيقى لا يقبل إلا التأنيث، وكذلك المذكر الحقيقى لا يقبل إلا التذكير. لذلك فإن كل الكلمات حملت فى داخلها معنى التذكير أو التأنيث على المعنى المعنوى.

4 – الكلمات التى تذكر وتؤنث فى العربية، ممكنة الحصر لقلتها، فهى كلمات قليلة.

5 – لا يجوز التوسع اللسانى فى هذه الظاهرة عما جاءنا عن السابقين، إلا بمسوغ معجمى أو قرار مجمعى. وذلك لعدم الانزلاق فى مغبة الخطأ أو الخلط، المسألة ليست عشوائية أو اعتباطية.

6 – هذه الظاهرة أخذت اهتمام العلماء واللغويين، وأول من انتبه إليها بطبيعة الحال، هم القدماء. لكن من الواضح أن اهتمام المعجميين كان الأبرز، ومنهم الفيروز آبادى والجوهرى.

7 – هذه الظاهرة جرت فى الكلمات الجامدة مثل " فأس ". وجرت فى الكلمات القابلة لتصريف البنية والاشتقاق. إلا أن جريانها فى الكلمات الجامدة أقل بكثير من جريانها فى النوع الآخر.

8 – هذه الظاهرة جرت فى الكلمات ذات الأصول الثلاثية، ولم نجد فيها كلمة ذات أصل رباعى.

***

د. أيمن عيسى - مصر

في المثقف اليوم