أقلام ثقافية

التعالق النصي في شعر فاضل العزاوي.. دراسة جمالية

فيصل عبدالوهابجرت في جامعة تكريت\ كلية التربية للبنات في 20\11\2019 مناقشة أطروحة الماجستير عن التعالق النصي في شعر فاضل العزاوي للباحث عبدالخالق فياض علي حيث أورد في مقدمته تعريفات متعددة للمصطلح ومرادفاته وأوضح أن الناقد محمد مفتاح هو أول من استعمل مصطلح "التعالق النصي" بدلا من المصطلح الشائع "التناص"، ويبدو أن الباحث قد اعتمده في أطروحته كأساس دون غيره من المصطلحات وهو ما تساءلت عنه عضوة لجنة المناقشة د. نفلة حسن وعن السبب الكامن خلف ذلك. كما أورد الباحث ما اصطلح عليه في هذا الصدد في النقد العربي القديم ومنها "السرقات الأدبية" و"الأخذ" و"الإشتراك في المعنى" وغيرها. وقد انتقدت د. نفلة الباحث في ان تحليلات النصوص التي تناولها لم تظهر الجمالية فيها. كذلك نبهت الباحث إلى ما ذكره في المقدمة بأن فاضل العزاوي يعد في طليعة شعراء العصر الحديث وقالت يحسن أن يكون في طليعة الشعراء المعاصرين لأن الشاعر ينتمي إلى عصر ما بعد الحداثة كما نبهته إلى إهماله لناقدة عربية كبيرة هي سلمى الخضراء الجيوسي التي أطلقت على التعالق النصي "التضمين" أو "الإشارة". ثم أشارت د. نفلة إلى أنه بالإمكان وضع الموروث الديني ضمن الموروث الأدبي ولا حاجة للفصل بينهما مثلما قام به الباحث حيث يقول طه حسين أن الكلام يقسم إلى ثلاثة أقسام: شعر ونثر وقرآن، لأن القرآن أرقى أنواع الأدب. أما عن استخدام القناع فقالت الأستاذة أن القناع مرتبط بالرمز وبينما توجد مرجعية في التعالق لا توجد مرجعية في الرمز. كما انتقدت الأستاذة الباحث في اعتماده على كلمة "أنا" في ربط تعالق بين نص فاضل العزاوي ونص المتنبي: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي.. وقد لاحظت الأستاذة أن الشاعر يتجاوز في شعره على الذات الإلهية لذلك انتقدت الباحث في مدحه للشاعر في هذا السياق، كما لا ينبغي دراسة شخصية النبي نوح ضمن الموروث الأسطوري لأنه حقيقة وليس أسطورة. كما أن سيف بن ذي يزن ليس شخصية أسطورية لذلك لا يمكن دراسته وفق هذا السياق. ثم أشارت الأستاذة إلى أن الفصل الأخير من الأطروحة لم يكن متكاملا وليس له علاقة بالتعالق النصي وكأن الباحث قد كتبه على عجل.

وأيدت أ. م. أحلام عامل هزاع زميلتها في أن الأطروحة تخلو من الدراسة الجمالية وقالت ينبغي أن يكون عنوان الأطروحة: التعالق النصي في شعر فاضل العزاوي فقط وبدون دراسة جمالية. كما قالت أنها تفضل مصطلح التناص على مصطلح التعالق النصي. كما وافقت زميلتها بأن الفصل الثاني من الأطروحة وهو عن الموروث الديني ينبغي أن يكون قبل الموروث الأدبي باعتبار أسبقية القداسة. وانتقدت الأستاذة الباحث في أنه لم يوضح الحدود العامة للسرقات الأدبية. كما أشارت الأستاذة إلى وجود مقاييس عامة للجمال ينبغي اعتمادها بالاضافة إلى الذائقة. ثم اتفقت مع زميلتها بضرورة استبدال النصوص الشعرية التي تتجاوز على الذات الإلهية في شعر الشاعر الذي يدرسه الباحث. واختتمت الأستاذة نقاشها بالقول أن الباحث قد نجح في الكثير من المواضع في الأطروحة.

ثم شرع أ. م. د. عبدالله حسن جميل رئيس اللجنة في نقاشه بالقول أن على الباحث أن يلتزم بالمنهجية العلمية في الرسالة من بدايتها إلى نهايتها وأن يجتاز النصوص التي تتجاوز على الذات الإلهية فضلا عن ذكر كلمة "خلق" فهي من صفات الله تعالى. وقال كذلك ينبغي على الباحث أن يكتب الترجمات ويشمل الجميع لا أن يذكر البعض ويهمل البعض الآخر. وانتقد الأستاذ الباحث في اعتماده الواسع على موسوعة ويكيبيديا وإنما ينبغي أن يشير إلى المصادر المعتمدة. وقال أيضا على الباحث أن يهتم بتخريج النصوص من مصادرها الأصلية وأهاب الأستاذ بالطلبة بالتأني وعدم الاستعجال في كتابة رسائلهم الجامعية لتلافي كثرة الأخطاء. كما فضل الأستاذ استخدام مفردة "طالب" على مفردة "باحث" لأن شروط الباحث صعبة ولا يمكن حيازتها بسهولة حتى لطالب الدكتوراه فالمسيرة طويلة وشاقة. كما أنه قال أن مصطلح "طالب" ليس بالشيء الهين وإنما تحمل دلالات كبيرة.

وقد سأل د. عبدالله الباحث عن مغزى استخدام القناع في شعر فاضل العزاوي فأجاب الباحث بأن سجن الشاعر في بغداد قد فرض عليه أن يتقنع بقناع لمواجهة الوضع السياسي السائد آنذاك ، لكن د. عبدالله وجد تفسيرا آخر للموضوع بالقول هل هو مجرد الهروب من السلطة أو من نقد الآخرين أو أنه أراد أن يشحن النص بتقنيات وادوات فنية تجعل القاريء يبذل جهدا في سبيل الوصول للمعنى والتخلص من فجاجة المباشرة. كذلك سأل د. عبدالله الباحث عن الفرق بين التناص والتعالق فأجاب الباحث أن التناص يعني اقتباس النص نفسه دون تغيير لذلك فالتعالق أشمل من التناص، فقال د. عبدالله أنه قد وجد تناصا وليس تعالقا في الأطروحة فالأولى أن يكون عنوان الأطروحة "التناص" وليس "التعالق". كذلك انتقد د. عبدالله الباحث لاستعراضه تعريفات للنص دون أن يتمكن من استخلاص تعريف خاص به تظهر شخصيته فيه كباحث وقال ينبغي أن تكون له شخصية واضحة في الأطروحة في التعريفات واختيار النصوص وتحليلها. وقد اختلف د. عبدالله في رأيه بخصوص تقديم الموروث الديني على الموروث الأدبي الذي قالت به زميلتاه بأن عد القداسة ليست هي الموضوع في التقديم والتأخير وإنما الكثرة والقلة فيقدم الذي توفرت فيه تناصات أكثر وهو الموروث الأدبي.

كما لم يشر أي من الأساتذة المناقشين إلى قصر سيرة الشاعر في الأطروحة حيث لم يتاولها الباحث بشيء من التفصيل كي تضيء النصوص التي تم تحليلها وكان من المفترض التوسع فيها لما لها من أثر كبير في شعره وتوجهاته.

وفي نهاية المناقشة أثنى الأساتذة على الجهد الكبير الذي بذله الباحث في أطروحته المميزة وكذلك جهد المشرفة أ. د. لقاء نزهت سليمان في إدارة الأطروحة.

 

د. فيصل عبد الوهاب

 

في المثقف اليوم