أقلام ثقافية

السياحة الايكوثقافية.. تجارب رائدة

تزخر الكثير من الدول بتجارب رائدة وناجحة على طريق السياحة الايكوثقافية، سبيلا للاستدامة، والتي صارت مطلوبة وملحة فيما يخص المجالات الثقافية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.. ويتحقق ذلك من خلال الاستغلال الأفضل للموارد الثقافية والطبيعية المتوفرة في منطقة ما (معا) و(جنبا إلى جنب) (مثل المنتجات الحرفية اليدوية، قرى المجاميع العرقية المتميزة، ينابيع المياه المعدنية، الشلالات، التكوينات الجيولوجية الغريبة، الانظمة البيولوجية الغنية، التشكيلات المرجانية الجذابة، والطقوس والشعائر الاثنية للمجاميع الاصلية... الخ)، والحيلولة دون نضوبها وتراجعها، مع التركيز على الهشة والمهددة منها، والدفع باتجاه إشراك المجتمعات المحلية في المناطق التي تشهد ظهور ونمو هذا النمط السياحي في الأنشطة السياحية (إرشاد ودلالة، إيواء، إطعام وشراب، وبرامج ثقافية وفنية...)، وبطريقة مستدامة، ودون المساس بخصوصياتهم وبالحد من السلبيات، وإيجاد السبل الكفيلة بتصريف السلع المنتجة محليا من قبل الافراد والاسر المنتمية إلى هذه المجتمعات من أجل النهوض بواقعها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، واستحداث منتجات سياحية جديدة وجاذبة، وإيجاد قنوات فعالة لتسويقها داخليا وخارجيا. كما هو الامر في بلدة روشيا مونتانا برومانيا التي كانت في الماضي البعيد مستوطنة مرتبطة بالتعدين والتنقيب عن الذهب والفضة، وحتى عام 2006 عندما أنهيت هذه النشاطات الصناعية وإلى الابد، لما أضرته بالبيئة والأنظمة البيولوجية المنتشرة فيها، وما خلفته من تلوث وبدرجات عالية لا يمكن السكوت عنها. وتم التوجه إلى إصلاح وتدارك الاثار السلبية الناجمة عن ذلك، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موارد طبيعية وتنميتها وتوظيفها في السياحة، والاهتمام بالمكونات العديدة والمتميزة للتراث الثقافي لبلدة روشيا مونتانا من خلال إنشاء المتاحف وترميم المنازل والمباني العتيقة التي تعتبر معالم بارزة في البلدة. مع إقامة مختلف البرامج والمهرجانات الثقافية التي تبرز هذا التراث وتعريفه للزوار والسياح من مختلف بلدان العالم.. مع إيجاد فرص عمل دائمية ومؤقتة جديدة لسكان البلدة تعويضا عن الفرص التي خسروها جراء إنهاء أعمال التنقيب والتعدين. وأيضا حول بحيرة فيديرسي في المانيا المنتمية إلى الشبكة الايكولوجية الأوروبية ومنذ عام 2000، لما تزخر به من طيور وحيوانات ونباتات نادرة ومستنقعات مائية جاذبة للسياح الذين يجدون فيها ضالتهم، فيمارسون فيها شتى أنواع الرياضات والهوايات المائية من صيد السمك والسباحة وركوب الزوارق اليدوية، بالإضافة إلى كم هائل من الاثار والبقايا التاريخية التي تعود بعضها إلى العصر الحجري والعصر البرونزي. وأيضا حول بحيرة ليس دي شابلاين الفرنسية الغنية بالآثار من العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي، بالإضافة إلى الأنظمة الايكولوجية الغنية بشتى أنواع الحياة النباتية والحيوانية التي تشكل مغريات (مجذبات) طبيعية وثقافية قوية بالنسبة للأشخاص الذين ينشدون السياحة الايكوثقافية.

***

بنيامين يوخنا دانيال

في المثقف اليوم