أقلام ثقافية

بنيامين يوخنا دانيال: السفر المستدام في كمبوديا

تشير المصادر والادبيات السياحية إلى (السفر المستدام) على أنه ببساطة: السفر الذي يحترم فيه المسافر – السائح البيئة الطبيعية بمفهومها الواسع، والمجتمعات المحلية التي تتواجد في المناطق والأماكن التي يتم زيارتها، وذلك من خلال اعتماد سلوكيات منضبطة ومسؤولة تجاههما (مسؤولية أخلاقية واجتماعية وبيئية)، وبالتقيد بالضوابط والتوجيهات التي تصدرها وتعلنها السلطات السياحية والبيئية والثقافية المعنية على ضوء قواعد الاستدامة المعروفة، والرامية إلى المحافظة على البيئة، وحماية الخصوصيات الاجتماعية والثقافية لتلك المجتمعات، وتطويرها وتنميتها بصورة مستدامة . وهي من أهم الأركان التي تقوم عليها السياحة المستدامة بأشكالها العديدة، مثل السياحة الايكولوجية والسياحة الايكوثقافية والسياحة المجتمعية الثقافية المعروفة اختصارا بـ(سي بي سي تي) والسياحة المسؤولة وغيرها .

ويسمى هذا المسافر ب (المسافر المستدام) الذي عليه أن يختار بعناية ومسؤولة: الوجهة السياحية (تلك التي تتبنى قيم الاستدامة)، وسيلة النقل (المشتركة، الدراجات الهوائية، توكتوك، ركشا، كارو، حنطور + السير على الاقدام + ركوب الخيل والفيلة ..)، مكان الإقامة (فنادق تستخدم الطاقة المتجددة والمياه المستصلحة ...)، الطعام والشراب (مطاعم تستخدم المنتجات الزراعية المحلية العضوية وتقدم المأكولات الطازجة ...)، وبما يتماشى مع القواعد والضوابط المشار اليها أعلاه .

وكان إيجاد السفر المستدام ضروريا في كمبوديا تماشيا مع الاتجاهات الحديثة في صناعة السياحة الرامية إلى الاستدامة، وللحد من الاضرار التي أصابت البيئة والإرث الثقافي من جراء: إزالة الغابات بهدف توسيع الرقعة الزراعية وتأمين المراعي أولا، الامر الذي أفضى إلى فقدان مساحات واسعة من الغابات المطيرة وتآكل التربة وحدوث انهيارات ترابية على نحو خطير مع تهديد الأنظمة الايكولوجية الغنية، وتوسع قائمة الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض في مملكة كمبوديا، وأيضا النمو العشوائي للمساكن والزحف الحضري العمراني على حساب هذه الأنظمة والكائنات الحية النادرة ثانيا، وتدمير جانب كبير من التراث الثقافي للبلد نتيجة الحرب الاهلية والصراعات الداخلية (20 سنة) ثالثا، فحطمت وهربت الكثير من الاثار القيمة التي لا تقدر بثمن . ووجدت المئات من القطع الاثرية طريقها إلى أسواق التحف والمقتنيات الاثرية في مختلف بقاع العالم . كما حدث بالنسبة لمعابد (أنغور وات) الفريدة في مقاطعة (سيم ريب) وقرية (بروهير) ومنطقة (أبسارا) ومدينة المعابد المقدسة في (بريه خان) .

و من أجل إيجاد سفر مستدام حقيقي في كمبوديا فقد لجأت السلطات البيئية – الثقافية – السياحية إلى وضع الضوابط والارشادات الضرورية، والواجب اتباعها من قبل السياح عند زيارتهم للمحميات الطبيعية مثل (أنغ تراباينغ، بريك توال، ثمور) والمنتزهات الوطنية مثل (ريام، بوتوم ساكول) والمعابد الاثرية مثل (أنغور، أنغور وات ثوم) والقرى الثقافية مثل (قرية سيم ريب الثقافية) والمتاحف ومناطق استيطان المجموعات العرقية المتميزة والسكان الأصليين مثل (ستونغ ترينغ، موندولكيري) .

***

بنيامين يوخنا دانيال

سيم ريب – كمبوديا في 25/ 12 / 2015

 

في المثقف اليوم