أقلام ثقافية

سُوف عبيد: مع أصدقاء مدينة المهديّة

ما أبهجها من لحظات عندما تجد الأصدقاء القدامى في اِنتظارك وأنت قادم إليهم من تونس العاصمة وتنزل بينهم ليستقبلوك بالأحضان في مدينة المهدية هذه المدينة التونسية العريقة التي تتربع  وسط السواحل التونسية تبعد عن تونس العاصمة مسافة 250 كلم وكانت عاصمة الدولة الفاطمية على كامل أنحاء إفريقية في القرن الرّابع الهجري إنّها مدينة المعزّ لدين الله وقائد جيشه جوهر الصقلي ومدينة الشاعر اِبن هانئ الأندلسي

ــ 2 ــ 

قصدت المهدية يوم السبت 17 فيفري 2024 لأحضر اِفتتاح المكتبة الخاصة لصديقنا الفقيد الأديب عبد المجيد يوسف رحمه الله وقد هيأتها عائلته الكريمة بعناية لتكون كتبها المختلفة في متناول الأدباء  والدارسين والباحثين وهذه بادرة جديرة بالتقدير لما ترمز إليه من تقدير ووفاء لصديقنا العزيز من ناحية ومن ناحية أخرى لما تُتيحه من مجالات بحث في أدبه وفي الأدب التونسي والأدب العربي وحتى في بعض الآداب الأخرى لأن مدوّنة الأديب عبد المجيد يوسف تشمل أجناسا مختلفة من الكتابات شعرا وقصة ورواية ونقدا ومقالات في اللغة ومقدّمات وغيرها من المترجمات من اللّغة الفرنسية والإيطالية وقد حملتُ معي إلى هذه المكتبة صورة جميلة كبيرة لصديقي الرّاحل لتقابل كل من يدخل إليها     بسلام... فسلام وسلام على روحك يا صديقي وأرجو من ـ الصّالون الأدبي والفكري ـ الذي تسمّى  باِسمك أن يواصل التعريف بمختلف إصداراتك وأن يعمل جاهدا لجمعها ونشرها ضمن طبعة ـ أعمال كاملة ـ كي لا تضيع ويطويها الإهمال والنسيان وما هذا بعزيز إذا صحّ العزم

ــ 3 ــ

كانت مناسبة إذن للإلتقاء بأصدقائي القدامى والجلوس معهم والفضل يعود لصديقي الطبيب الدكتور المولدي فرّوج الذي أعلمهم بقدومي وهو شاعر وروائي ومسرحي وكاتب صحفي عرفته منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين عندما كان طالبا في الطب ومن روّاد ـ  النادي الثقافي الطاهر الحداد ـ ثمّ تعارفنا أكثر بمناسبات اِتحاد الكتّاب التونسيين وجلسات نادي الشعر وعلى صفحات ـ جريدة الرأي ـ وفي ملتقيات الشعر بتوزر والمتلوي وغيرها وهاهو اليوم أجده في اِنتظاري فذكرنا بأسف ولوعة أصدقاءنا الشعراء والأدباء الذين فارقونا في المدة الأخيرة واِسترجعنا بعض الذكريات معهم ولم يغب عنا كذلك الخوض في أحوال اِتحاد الكتّاب التونسيين وما يشهده من ركود في نشاطه وتواصينا أن نساند في المؤتمر القادم المترشّحين الذين نتوسّم فيهم العمل الجدّي والإضافة للخروج بالاِتحاد من أزمته الحالية ليُحقّق طموحات الأدباء وليكون صوتا متميّزا وعاليا في كل ما يهمّ الشأن الثقافي خاصة والقضايا الوطنية عامة وقد تبادلنا الحديث في هذا الموضوع مع الأصدقاء الحبيب بن فضيلة عمار العموري وخالد الرداوي الذين عبّروا عن أملهم وتمسّكهم بالاِتحاد باعتباره مكسبا يمكن أن يكون ناجعا أكثر بفضل ما في رصيده من إنجازات وبما يزخر به من طاقات وخبرات .

ــ 4 ــ

عدت من المهدية بهدايا ثمينة هي إصدارات جديدة للصديق المولدي فرّوج

 * رواية ـ في الاِنتظار

* مجموعة شعرية ـ  هذا كلام في الريح

ومجموعة قصصية للصديق الحبيب بن فضيلة

* أجراس صدئة

ــ 5 ــ

بعد الجلسة في المقهى دُعيت إلى الغداء في أحد المطاعم الفاخرة ولكني شكرتهم على كرم الضيافة واِخترت الأكلة التي تختصّ بها المهدية وهي ـ الشّاباتي ـ فأخذوني إلى دكّان مشهود له في هذه الأكلة التي تتكوّن مع عجين مطروح رقيق ثم يُحشى ببيضًا مسلوقا وجُبنًا وفُتاتَ التّن مع شيء من البهارات ويُلفّ الجميع على شكل قرص نصف دائرة ثم يوضع في الفرن وما ألذّه وأشهاه !

سألت صديقي الدكتور الطبيب مولدي فرّوج قبل أن أبدأ تناوله عن طريقة أكله ـ كي لا أوضع في حرج ـ فأرشدني ناصحًا أن أبدأ من زاويته السّفلى المكتنزة

 إنّ حكمة طريقة أكل لحمة الكتف إذن تشبه تماما طريق أكل ـ الشاباتي ـ إذ كلاهما يؤكل بداية من الزاوية السّفلى حتّى لا يسيل ماءُ لحمة الكتف على الثياب وكي لا يتساقط ما في ـ الشّاباتي ـ بين اليدين !

ولم أبدأ إلا بعدما رأيت صديقي يتناول ـ الشاباتي ـ التي أو الذي ـ أمامه بخبرة ومهارة...كيف لا وهو الطبيب الأديب !!

***

سُوف عبيد ـ تونس

 

في المثقف اليوم