أقلام ثقافية

نهلة مهاج: تأملات في عنوان كتاب بعنوان "سراديب الموت" للأديب الحسين بوخرطة

النقد المبني على الشخصية للمجموعة القصصية -أوان الرحيل- للدكتور علي القاسمي

الموت حقيقة حتمية ومآل لا بد منه كما جاء في الآية 30 من سورة الزمر "إنك ميت وإنهم ميتون"

إن استحضار الموت يعتبر محطة مهمة للوقوف والتأمل في ماهية الموت وكيف أن نجعل الموت حدثا للتفكر، للاستخلاص العبر، للقيام بالأعمال الصالحة التي تعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات.

كما جعل الله الموت في علم الغيب عنده فلا أحد يعرف متى وكيف وبأي أرض سيموت؟

وقد كرم الله النفس في الإسلام وعظمها "وقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم عما كثير ممن خلقنا تفضيلا"

فما دام الإنسان على قيد الحياة لا بد أن يترك عملا صالحا كيفما كان موقعه، أو منصبه أوعرقه أو ثقافته أو ديانته ، خدمة للإنسانية جمعاء ، أن يقدم العون والمساعدة للمحتاجين والضعفاء، أن يغرس شجرا،  يبني مساجدا أو مدارس أو مستشفيات، أن يساهم كل من موقعه ولو بعمل تطوعي بسيط.

ولقد تعددت الأسباب والموت واحد "كل نفس ذائقة الموت" ، فذكر الموت أو وصول خبر الموت  يبعث على الخوف ، على الرهبة والكل يحب الحياة ويتشبث بها - حب البقاء - ولا يستحضر الإنسان الموت إلا عند وقوعها بين الأهل والأحباب والأصدقاء رغم  أنها أقرب إلينا من حبل الوريد وهذا المشهد يجعلنا في وجل وفي هذه اللحظات نتذكر أننا في هذه الدنيا عابري سبيل ومستخلفون في الأرض للعبادة والقيام بالأعمال النبيلة ولعمارة الأرض لكن الإنسان ينشغل بالحياة، بالمستقبل ويعمل جاهدا بكل الوسائل المتاحة لتحقيق ذاته ، أهدافه ،غاياته أحلامه  وتحسين وضعه الاجتماعي، وفي خضم كل هذا وذاك ،ينسى الموت تماما ،فعندما نحضر إلى مأتم عزاء نحس برهبة المكان، بألم الفراق، بذكر مناقب الفقيد (ة) وصفاته، أخلاقه، مناقبه ومعزته وكيف أن المنية قد أخذته في غفلة منا.

حتى الموت له قدسيته فيقال أين الجثة وفي تشييع الجنازة يحمل النعش إلى متواه الأخير فأيا كان الميت غنيا أو فقيرا مثقفا أو أميا وزيرا أو عالما الكل سواسي أمام الموت ولا يبقى إلا العمل الصالح والأثر الطيب فلنترك أثرا طيبا.

واليوم للأسف نلاحظ بألم وحصرة شديدتين كيف أن الروح استرخصت وكيف يقتل الأبرياء بدم بارد وكيف تصبح الإنسانية بدون معنى ولا طعم وكيف تستباح الأرواح بطريقة همجية وضيعة.

***

بقلم الأستاذة نهلة مهاج

المعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط

الثلاثاء 14/05/2024

في المثقف اليوم