أقلام ثقافية

علجية عيش: واسيني لعرج يكتب عن الروائي المقبور حيًّا محمد عرعار

هي وقفة وقفها الروائي العالمي الجزائري  واسيني لعرج أرد من خلالها إنصاف رفيق دربه في الإبداع الروائي محمد عرعار  عندما وجه رسالة إلى وزيرة الثقافة والفنون  الدكتورة  صورية مولوجي  بغية إعادة  طبع أعماله وتنظيم ملتقى وطني لتسليط الضوء على فكره وأعماله الإبداعية التي كانت موضع نقاش من طرف  النقاد حيث عَدَّهُ البعض رائد الرواية العربية في الجزائر، في رسالة له وجهها إلى الدكتورة صورية مولوجي قال واسيني لعرج: إن الغالبية لا تعرف من هو محمد عرعار مؤسس للرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية وهذا جدّ مؤسف، كاشفا عن تنظيم له لقاءً خاصا يكون في وزن حجمه الإبداعي الراقي وسيكون محمد عرعار ضيفا على "برنامج القلم" قريبا.

هي الرسالة التي وجهها الروائي العالمي واسيني لعرج إلى وزيرة الثقافة الدكتورة صورية مولوجي نظرا لاهتمامها الكبير بمجال الثقافة و الإبداع وتكريم المبدعين، ويأتي اهتمام الروائي واسيني لعرج بأعمال الروائي محمد عرعار  الروائية حسبما جاء  تغريدة له نشرها في صفحته عبر موقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك أن محمد عرعار يعتبر من  كبار مؤسسي الرواية الجزائرية التأسيسية الحديثة بعد عبد الحميد بن هدوقة والطاهر وطار، واصفا إياه بأنه "الذاكرة التي تسير على قدمين"، دون أن يلتفت إليها أحدٌ، حيثُ طاله التهميش والنسيان من قبل النخبة والمسؤولين، وتساءل واسيني لعرج قائلا: كيف للصمت أن يأكله وللعزلة أن تمحوه؟ هو سؤال تقشعر له النفس ونحن نقف على واحد من وجوه الرواية الجزائرية الذين أبدعوا وخدموا الرواية الجزائرية ومنحوها حقها الذي تستحقه، وعاد الروائي واسيني لعرج إلى أيام زمان، واللقاءات التي كانت تجمعه مع  الروائي محمد عرعار، وكان محمد عرعار كما يبدو قد تغيرت ملامح وجهه، فلمّا التقى بواسيني لعرج كما يسرد هذا الأخير، سأله إن كان قد عرفه أم لم يتذكره، حيث سأله بتواضع  ووجهه يحمرّ من شدة  الخجل بعد أن قدم له التحية،  هل عرفتني؟  يقول واسيني لعر ج: تفرست وجهه الذي لم تغيب اللحية الفوضوية ملامحه،  صرخت: "ما لا تذروه الرياح "  ثمّ ابتسم .

 والروائي محمد عرعار اسمه الحقيقي محمد العالي عرعار  روائي جزائري من مواليد  الثالث مايو ستة وأربعون وتسعمائة وألف بمدينة خنشلة، بدأ مشواره التعليمي بالكتاب قبل أن يلتحق بمدرسة التربية والتعليم الحرة بمسقط راسه، لينتقل الى معهد عبد الحميد ابن باديس  بقسنطينة،  بعدها سافر إلى العاصمة ومنها التحق بمعهد الحقوق بجامعة الجزائر، كما تلقى تكوينا خاصة بقطاع الشباب والرياضة التي كان بداية حياته المهنية  كمفتش، وظل بقطاع الرياضة إلى أن أحيل على التقاعد سنة 2008، رغم بعده عن المجال الأدبي إلا أن محمد عرعار كان قلبه ينبض أدبا وفكرا، حيث كما قيل عنه يراقص القلم ويقبل الأوراق، حيث تعلق بالكتابة والإبداع، فكان يكتب الرواية والقصة القصيرة، فكان كالطير يغرد، وكانت بداية السبعينيات الفترة التي بدأت أعمل محمد عرعار تظهر في الساحة وتظهر لعشاق الرواية والأدب بأنواعه، من أعماله :  ما لا تذروه الرياح وهي الرواية التي ذكرها الروائي واسيني لعرج في تغريدته، وإصدارات أخرى بعنوان :  الطموح، البحث عن الوجه الآخر، زمن القلب، غضب في المدينة، تحت ظلال الدالية، سباق المجد، الآمال الزائفة،  وغيرها من الأعمال التي تستق أن تكون موضوع نقاش من قبل المختصين في الأدب  في ملتقى وطني لتسليط الضوء عليها، لتمكون مرجعا أدبيا للباحثين والطلبة الجامعيين.

يقول النقاد أن أعمال الروائي محمد عرعار تعدّ إرثا تاريخيا، فالكاتب  محمد عرعار في كتاباته ينتقل أو يرتحل من زمن الثورة التحريرية نحو زمن بعيد  مستحضرا زمن الثائرة  "الكاهنة" ملكة البربر من منظور استعادة تاريخ الجزائر القديم منذ العهد القديم  وقبل الفتح الإسلامي، وترجمة الأحداث والوقائع في عملٍ إبداعي راقٍ جدا،  ما دفع الروائي واسيني لعرج إلى التحرك لإنصاف هذا الرجل ومن باب "الغيرية" على الإبداع في الجزائر ووجوب ترقيته والتعريف بأعلام الرواية الجزائرية ورفعها إلى "العالمية "  دعا الروائي واسيني لعرج إلى وجوب استعادة   مكانة محمد عرعار الأدبية التي يستحقها  موجها رسالة إلى وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي  بأن تعيد طبع أعماله  وأن تمنحه المكانة والتقدير اللذين يستحقهما، مستطردا بالقول : ما زلت تحت صدمة هول النسيان؟ رائد ومؤسس للرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية، يمر وحيدا بين جموع احتفالية نادي الكتاب ولا أحد يلتفت نحوه، بل الغالبية الساحقة لا تعرفه؟.

إن رسالة واسيني لعرج ليست الرسالة الأولى التي يوجهها إلى المسؤولين على قطاع الثقافة فقد كانت له مبادرات عديدة يدعو فيها  النخبة والمهتمين بعالم الرواية إلى تدوين السير الذاتية للأدباء الجزائريين على غرار الأديب والروائي بن هدوقة  وابو العيد دودو  رضا حوحو  الذي اشتهر بأدب الرحلة واصف إياه بالـ: "الجانتلمان"  gentleman ، وكان قد وجه نداءً إلى المختصين في كتابة السيرة الذاتية ( البيبليوغرفيين)  لأن كتاباتهم تتميز كما سبق وأن قال في لقاءات احتضنتها عاصمة النوميديين سيرتا تتميز بكونها اختزال عبقري يدخل اللغة وتدخل القارئ كفاعلية، وهو نوع  قال عنه واسيني لعرج من الصعب اكتسابه، لاسيما وهذه الأقلام مسّت كل شيء، (المقالة والقصة والرواية، وأدب الرحلة..الخ) فكان لهم إلا أن ينتصروا للفن والأدب والإبداع وللحقيقة الثورية.

***

علجية عيش

في المثقف اليوم