أقلام فكرية

عتيق العربي: تراكمات المخيال الغربي والواجهة النقدية الراكدة

تدحرج الفكر البشري وتدهور؛ عاجزا أمام الهجمة الفكرية للصعودالليبيرالي الجديد بقيادة الآحادية الأمريكية خلال بدية التسعينات، والتي حطمت اركان الدول والأمم وافشلت سياسات الدول في التنمية والتطور؛ متحدية البنيات المألوفة والتآلفات الغارقة التي تكونت منذ العهدالمعاصر؛ سواء في مرحلة الإستعمار أوبعده، لأن المعاصرة اليوم ككل متكامل وفعل فاعل جاري مؤثر في بناء المجتمع المعاصر والحداثي الذي يتوجب علية الإنخراط الأممي والإنساني بحتمية دالة رياضية مصاغة في بداية الطرح.. ولكنه لم يتاهب لتراكمات قديمة جديدة سوف تخلق تشرذمات عالمية متصلة بالتاريخ ثم عودة قراءات جديدة للتاريخ من مخيال النفسيات الجماعية للحضارات، ومسارات الحركية الحضارية العالمية وحراكيات الذات الدخيلة في المجتمعات المتغيرة من طبيعة عميقةمتجذرةفي الكيان المخيالي للفرد والجماعةوالتراتبات الإضافية والهامشية للبشرية ضمن ضرورات الحياة المتواصلة حتما مع التاريخ البيولوجي والنفسي للإننسانية كاملة....

وطبق الدراسات التي وضعت بنية وحركية المجتمعات في العالم المعاصر، فإن جلها ركز على التحليل العلائقي الذي إستطاع ربط التواصل بين المجتمعات والثقافات داخل نطاق الدولة وخارجها وضمن حركية العفويات الأوتوماتيكية –لمسار الحياة-، المتلاحقة أو ضعفها أو محاولة خلق نسق جديد طبق اهداف جديدة كما فعل الاستعمار .لذا كانت المدارس التاريخية والاجتماعية التي ظهرت في المنطقة وجوارها ساهمت في تلك المقاربات ولكنها سقطت كلها في احكام مسبقة وتنظيرات مفبركة من الغرب غالباوالشرق كذلك وخاصة عندما جعلت التابو المحرم، كمقيد لبعض العلاقات ومهندس لبعض المعاملات، وخلقت من التوسع الإمبريالي مسقطا صناعيا أو المرجعية الدينية- من تنظيرات الشرقيين -منيعا لكل مفارقات إجتماعية /. كما حاول البعض اسقاط المحتوى الأنتروبولوجي الافريقي على المجتمعات ذات الثقافة المكتوبة المؤطرة بكل تكامل والمفهرسة لكل موضوع، ولكن تراكم الثقافي كان بالمرصاد رغم بعض المفارقات الذهبية بين الجماعات والجهات . فالتجمع المغاربي قائم منذ القديم، كما رأى ابن الخلدون على العصبية؛ تلك العصبية الإجتماعية التآلفية- المعروفة في المجتمع الإسلامي وبلاد المغارب، وهذا من طبيعة خلق الله ,وضرورات الحياة.

لقد كان الطرح الفكري والفلسفي والتاريخي؛ المقدم من طرف فرانسيس فوكوياما ومعاصره صموئيل هنتنجتون، مطارحات، خلق الإهتزاز العالمي المعاصر؛ وهوالذي سوف يسير التاريخ من الألفية الثالثة وما بعدها إلى نهاية التاريخ الديمقراطي والليبيرالي الصلب الجامد المتكلس ضمن قوة إستقطاب حضاري غربي سوف يسيره الفاعل الأمريكي ...لكن الرياح سوف تغرق السفينة الغربية والأمريكية من أسباب الثورات العربية، التي أخرجت الروس من جحره، وحرب أوكرانيا التي أبرزت الجرح التاريخي للتوسعات الإمبراطورية للغرب والروس في عارضة رقمية واحدة وكذا ضعود الصين ومنافستها الإقتصادية والتكنولوجية للغرب واليابان وغيرهم .......

هذا كذا سوف يكون الإستقطاب القادم بعد فشل العولمة، حيث تكون المطارحات لصاحبها يورغن هابيرماز المؤسسة حتما على التداول العيشي بين البشرية وكذاطرحات إدغار موران؛ المؤسسة على الإنسانية البيولوجية المتجاذبة، هي تأليفات جديدة تبنيها الحضارات، والتراكمات العفوية - لمسار الحياة وديناميكيات التغير المركزي والطرفي حول المفارقات التي يخلقها التداول الحضاري والتناقل التكاملي لمطالب العيش المشترك الذي سوف يفشل كل النظريات ضد البشرية والإنسانية ونهاية الحروب والتصادم، وربما تكون حرب غزة آخر حرب وسبب حل نهائي لأزمة الشرق الأوسط...

إلا أن الاسف الذي يهزنا في وطننا الإسلامي، هو تجاذب النقد بين العقم الفكري لمدة طويلة بين مطارحات دعاة –حكم الله - وبين الحكم العلماني والحداثي حسب طرحات فلاسفة قرن 20 بينما كانت أوروبا قد أنهت مشوار الحداثة مدة قرن لاغير؟...... وهكذا وجدنا، عندنا مثل زكي محمود وزكريا فراد وبدوي ووحسين مروة والتيزيني وصادق سعد والجابري وحسن حنفي، لكن تبقى تلك المطارحات اليوم مدعاة فخر وإعتزاز بمطروحاتهم ومناولاتهم ومنازالاتهم المتجددة للفكر والمجتمع والإبستيمولوجيا الحديثة ومنهم طه عبد الرحمان وماجد الغرباوي وناصيف نصار وسامي النشار والمسكيني وعبد اللعه الغذامي مطروحا مع الاحياءوالذين يتمركزون حول كل المتنتجات الفكرية الغربية والروسية واليابانية والصينيةنالحديثة والجارية التي تعكس كل التناقضات الفلسفية في العقل التأملي او حول مجريات الحدث الإجتماعي الحضاري المتغير؛ أحيانا حتما واحيانا طبق مبرمجات محلية أوإقليمية للتغير و الإنخراط العالمي للبناء المتجدد الهادفة للتمكين، وحيث يمكن ذلك بسهولة المعاملات الرقمية السريعة في نشر التناظر العلمي والإنخراط العالمي التقني.... الذي زعزع أركان المجتمعات اليوم، وهذا ما سوف يجعل منهم قراء من البراعة ونقاد من الجرأة في مستويات النقد العلمي الإبستمولوجي المتثاقف لمطاروحات غيدنز وماكلوهان وجيل كيبيل وباومان وادغارموران وتشومسكي وبودريار وغيرهم ......

***

عتيق العربي

 

في المثقف اليوم