أقلام حرة

بغداد تنفجر من جديد.... من أجل حكومة تمديد!

قبل انفجارات بغداد، قامت قوة ترتدي "ملابس القوات الحكومية" بمذبحة في قرية "البوصيفي" ثم لاذت بالفرار ولم توقفها السيطرات الحكومية!!

 

كما هو متوقع، فأن الهجوم يأتي على الحكومة لفشلها في الحفاظ على الأمن، وأيضاً للشك في أنها متورطة بالحوادث، رغم أن المنطق يقول بالعكس. الدلائل هي الملابس وعدم إيقاف المجرمين من قبل السيطرات...

 

وصلني في هذه الأثناء خبر عن "إجتثاث" 376 ضابطاً من قبل المساءلة والعدالة

http://www.aaramnews.com/website/76553NewsArticle.html

 

الإنطباع الأول كان لدي: لقد بدأت المعركة إذن...البعث لن يسكت على هذه الضربة بسهولة.

 

مررت سريعاً على أسماء ورتب الضباط الذين تريد المسائلة إخراجهم من وظائفهم وتقول أن لديها إثباتات على تورطهم بجرائم وبالإتصال بقيادات بعثية... أسماء كبيرة ورتب مرعبة...

 

193 ضابطاً في وزارة الداخلية، بينهم 10 قادة ومدراء عامون وقادة شرطة برتبة لواء، مثل قادة الشرطة في البصرة وواسط والمثنى وقائد قوات الحدود، ومدراء النجدة والدفاع المدني، 84 ضابطاً من فدائيي صدام سابقاً و 99 كانوا بدرجة عضو فرقة في حزب البعث المنحل. أما في وزارة الدفاع فـ 58 ضابطاً منهم 10 قادة، مثل قائد عمليات بغداد السابق الفريق الأول الركن عبود قنبر، و3 ضباط برتبة فريق هم: معاون رئيس الأركان عبدالله محمد خميس، ومعاون قائد القوات البرية رياض جلال وقائد عمليات الفرات الاوسط عثمان علي الغانمي. 4 ضباط برتبة لواء ركن هم: مدير الاستخبارات العسكرية العامة علاء سلمان جاسم، والمفتش العام في وزارة الدفاع حبيب حسين عباس، وقائد العمليات في الموصل حسن كريم، وقائد الفرقة 12 عبد الأمير رضا محمد، وقائد الفرقة التاسعة قاسم جاسم نزال، وقائد العمليات في الأنبار كاظم محمد فارس الفهداوي، 48 ضابطاً كانوا في جهاز فدائيي صدام وعلى رأسهم اللواء عدنان المكصوصي. 125 ضابطاً من جهاز الاستخبارات الوطني: 11 ضابطاً كانوا في الجهاز السابق وشغلوا مناصب قيادية فيه كمدراء شعب وعمليات خاصة، وكانوا مسؤولين عن الاغتيالات السياسية ومطاردة المعارضة، و115 ضابطاً كانوا في الجهاز ذاته!

 

إنها قائمة تجعلنا نتسائل، من الحكومة إذن؟ عندما يرتدي المجرمون ملابس الجيش وعندما يمرون بسلام من السيطرات وعندما يتم تأمين طريق عودتهم، هل هناك أي عجب بعد قراءة هذه الأسماء التي "عليها إثباتات"، وأضف إليها من ليس عليهم إثباتات بعد!

 

أية حكومة تستطيع أن تعيش وتتحمل مسؤوليتها وفيها هذا العدد من القيادات ذات السابق الإجرامي والتي تعمل حالياً بتنسيق مع الإحتلال؟ وحتى لو فرضنا أن الكثير منهم من الأبرياء، ألا يكفي عشرة بالمئة من هؤلاء يتم تنسيق عملهم مع الإحتلال لإقامة أي إرهاب يريدونه؟

 

يستغرب المرء أن تأمن الحكومة مثل هذا العدد وغيرهم ممن بقي، وبهذا الماضي المخيف، وتتوقع أن تستمر بالحكم والديمقراطية والأمن، وأن تعرف من هو الإرهابي ومن هو الذي يطارده!

 

في عام 2006 قرأت مقالة في طريق الشعب بعنوان "الحكومة مسؤولة عن كشف الحقيقة ومعاقبة الجناة". وحينها كتبت مقالة بعنوان "القاه في اليم مكتوف اليدين: الحكومة العراقية القادمة" قلت فيها أن ما جاء في العنوان ليس "الا بديهية لايختلف عليها اثنان, أو هكذا يجب ان تكون.!"  وكتبت:

" ولكن لكي تتمكن حكومة من تحمل مسؤوليتها ينبغي ان تتاح لها الفرصة لكي تتحملها فعلاً.

ففي كل انحاء العالم الديمقراطي تتشكل الحكومة من مجموعة متجانسة تثق ببعضها الى درجة كافية للعمل معاً, ولم اسمع بحكومة ديمقراطية تشكلت من "جميع طوائف البلاد" أو "جميع الفرقاء", فعندها لاتكون حكومة ديمقراطية بل حكومة تعبر عن عجز الديمقراطية وإستسلامها وتسليمها حقها في تقرير تشكيلة الحكومة الى مقياس اخر غير رأي الاغلبية الذي تستند اليه, تسليم ذلك الحق الى "حق القوة" المتمثل بتوزيع وتشكيلة القوى السياسية والعسكرية في البلاد."

 

لكن الإحتلال لم يكن يناسبه حكومة تتحمل مسؤوليتها، فكان لا بد من ضخها بكل التناقضات التي تؤمّن شللها وتؤمّن قدرة الإحتلال على تسييرها وعلى استخدام الإرهاب الذي أسسه نيكروبونتي، خبير الإرهاب الأمريكي الذي أسس فرق الإرهاب في أميركا الجنوبية، حينما جيء به كأول سفير للولايات المتحدة في العراق.

لذلك أمتلأ الإعلام بفيضان من الدعوات لتشكيل حكومة "تضم كل أطياف الشعب العراقي"، ليس من الأمريكان والبريطانيين فحسب وإنما من السياسيين الأقرب إليهم والإعلام المأجور لهم، إضافة إلى عدد آخر بريء لم يدرك اللعبة.

 

أنهيت مقالتي تلك بالعبارة التالية التي ما أزال أراها سليمة: "لذا فعلى من يطالب الحكومة بـ "أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة" كحكومة حقيقية, ان يسعى لمساعدتها أولاً على ان تكون حكومة حقيقية منسجمة, حتى وإن كان مختلفاً معها, على الأقل من اجل إنقاذ الديمقراطية, وإلا كان كمن: "القاه في اليم مكتوف اليدين وقال له إياك إياك ان تبتل بالماء"

 

وأستمرت الخطة لإكمال حشو القوات المسلحة بما بدأه أياد علاوي من إعادة ضباط الأمن البعثيين إلى مراكز القيادات الأمنية، وكان "ألسنة" هم الحجة التي يتذرع بها الأمريكان وجماعتهم لكي يضغطوا على الحكومة لتقوم بما لا ليست مقتنعة به ولا تستطيع تحمل مسؤوليته. كتبت حينها "قصة مدينتين مع "الحرس القومي": سوابق امريكية في إعادة الجلادين الى السلطة " (2007) ، ومما جاء فيها:

"حين ادركت الولايات المتحدة ضرورة التخلي عن سوموزا، حاولت الإحتفاظ بالنظام وهو ما سمي "السوموزية دون سوموزا". وفي عام 79 كتب السفير لورنس بيزيللو، في برقية الى واشنطن:"ان لدينا إذا احكمنا ترتيباتنا فرصة تفوق 50% للإبقاء على ما يكفي من الحربس القومي للمحافظة على النظام والسيطرة على فروليما (ساندنيستا) بعد استقالة سوموزا". لكن الخطة لاقت صعوبات شديدة، فسمعة "الحرس القومي" كانت (مثل سمعة نظيره العراقي) من السؤ بحيث عارض الأفكار الأمريكية حتى اصدقاءها التقليديون من رجال الأعمال.  لذلك قامت اميركا بإدخالهم في تنظيم ارهابي تدعمه عسكرياً هو عصابات الكونترا."

 

وكتبت أيضاً: "هذا التسونامي الجارف المفاجئ من الحب الإنساني العابر للقارات لسنة العراق لم يشمل الدول العربية واميركا فقط بل إجتاح العالم فوصل الى نهاية الأرض الأخرى ايضاً فهاهو رئيس الوزراء الاسترالي جون هاورد يغرق فيه فيهدد نوري المالكي بضرورة الإسراع في "عملية المصالحة" وإلا واجه انسحابا محتملا للقوات الاسترالية من العراق! لقد رفض بشدة ما اعترف به وزيره عن علاقة تواجد قواته بنفط العراق، لكنه لم ينس ان يذكر إنه ينبغي الإسراع باقتسام الثروة النفطية "بين كل قطاعات المجتمع العراقي بما في ذلك السنة الذين يمثلون أقلية". ان حساسية رئيس الوزراء الإسترالي الشديدة للعدالة والديمقراطية بالنسبة الى اقلية في العراق قد يقابل بالدهشة في بلده حيث يرفض الإستماع حتى الى الأغلبية البالغة 80% من ناخبيه والتي تطالبه بسحب القوات الإسترالية من العراق، مفضلاً ارضاء بوش عليها. اما حبه المفرط للعراقيين فقد أثار الإنتباه بشكل اخر قبل بضع سنين حين ترك لاجئين عراقيين يموتون على ظهر سفينة تقف عند الشواطئ الأسترالية دون ان يسمح لهم بالنزول على ارضه."

 

واليوم تتكرر المأساة وتستمر في العراق، ويفهم السنة بأن من يدافع عنهم هم قوات الإحتلال وأياد علاوي وصالح المطلك، وانطلت الحيلة للأسف، بمساعدة الكثير من أخطاء الحكومة وخطاياها، وهاهي النتائج .....هاهي بغداد تنفجر من جديد، فمن قام بالجريمة وماذا يريد؟ إنه يريد حكومة تمديد المعاهدة المشؤومة التي طالما كتبنا وحذرنا منها!

هاهو علاوي يكشر عن انيابه بعد "تحذيراته" المفضوحة، وبعد السيناريو الذي يعيد الأذهان في معاملته للصحفيين وكأنه صدام عاد يبعث من جديد، بنفس العنجهية ونفس الأسلوب الكريه المتعالي الذي يصب بصاقاً محتقراً لكل من حوله....

 

لكن الأمر ليس بهذه السهولة وأراهم يلفضون أنفاسهم الأخيرة... فبعد هزيمة محاولة اسطنبول وهزيمة محاولة ادخال المطلك وإفتضاح التزوير الواسع، هاهم يلجأون إلى آخر أوراقهم: العنف والإرهاب، ولن يكون مصير المحاولة بأفضل من سلسلة سابقاتها.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1364 الاحد 04/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم