أقلام حرة

ضريبة سقوط نظام صدام.!

مبتسما ونظام الديمقراطية وهو حلم راود العراق طيلة سنوات الجمر والعذاب تحت سطوة النظام الفاشستي.

 تفجيرات ومفخخات، انتحاريون أغبياء استوردتهم ماكنة الارهاب الداخلي باتفقات مكشوفة مع مصانع تفريخ هؤلاء الاغبياء بعد اعدادهم وطبخهم طبق مواصفات مريدي الشر في العراق والطوق اللئيم.

استبشر العراقيون اكثر حينما دخل (زلم) المعارضة للعراق ليقيموا هاتين الدعامتين - الحرية والديمقراطية- ليعيشوا حياة طيبة بعيدة عن الدم والعنف والتخلف. وهي ما تعني ان اهل العراق كانوا يعتقدون بخيرية ونزاهة المناضلين الذين قدموا ما لديهم في طريق تحرير العراق وخلاصه من شرذمة البعث الجاثي على صدر العراق، فمسيرة طويلة من قوافل الشهداء لم تختتم باستشهاد احد ابرز قادة المعارضة بعد هلاك نظام صدام حصين في العمق العراقي وتحديدا عند المرقد المطهر لامير المؤمنين عليه السلام.

 محمد باقر الحكيم الرقم الذي دوخ عقول الساسة والقادة وازداد مؤثرا في القرارات الهامة المتعلقة في العراق انه لم يأبه لمعاداة الكثير له من فصائل المعارضة. ولم يلتفت الى تهديدات من هنا وهناك طيلة حياته الجهادية التي ابتدأت بتقديم اسرته اكثر من 36 شهيدا اعدمهم صدام حصين في فترة واحدة مطلع الثمانينات. بل وجدنا الرجل قائدا مستميتا يحذو حذو استاذه المفكر الشهيد اية الله العظمى السيد الصدر ونحن على عتبة ذكرى اعدامه وشقيقته الفاضلة بنت الهدى على يد صدام حصين التكريتي.

 الى هذا انطلق الكثير متفانين في معارك الجهاد ثلاثة عقود من هذا الزمن الاغبر الذي لم يفرق فيه بين (ارادة الخير وارادة الشر) كما كتب الصديق احمد عبد الرحمن، واظنه اخطأ حينما ختم سطوره بعبارة [شتان ما بين الارادتين: فارادة الشر لا ولن تلتقي مع ارادة الشر] وهو قطعا يريد ان ارادة الشر لا ولن تلتقي مع ارادة الخير. وهو مصيب في هذه المسلمة.

 جملته اعلاه المغلوطة (مطبعيا) عادت بي الى تأمل سؤال: هل يمكن التقاء ارادتي الشر؟ وقادتني الى بدر من رجالات الحكم العراقي اليوم وساسة البلد من تفكير واندفاع نحو ما يؤكد بمعنى واخر تلاقي الارادتين رغم عدم شكنا بالارادة الحقيقية التي يستبطنها العقلاء المجاهدين منهم.

 الى ذلك كتبنا موقفنا وعبرنا عن امتعاضنا من مد اليد الى اعداء العراق الحقيقيين او لنقل ذكرهم بالخير وهم ليسوا اهلا له ولا من اهله. فاياد علاوي بعثي للـ (قيطان) ولا يلوك لقمة ليس فيها تمجيد لعفلق وصدام. وهو لا يحن فقط لعودة ماضيه البعثي بل يكافح من اجل ذلك عمليا مع انه بدأ مؤخرا باستمالة بعض البسطاء بتمظهره بالوطنية واطلاق دمعة تمساحية على ضحايانا. ولكن... والا ومن وراء تفجيرات نيسان الكارثية؟

 لم يشهد العراق تفجيرا او حتى تعكير جو طيلة الفترة الدعائية لانتخابات التشريع التي لم تحسم لحد هذه اللحظة.! فما معنى الرقص والغواني في شوارع الاعظمية داخل بغداد بالذات ورفع العلم (العتيق) البعثي ولماذا هتافات الكاولية.. ماذا تعني كل هذه الاداءات؟ من يقف وراءها؟

 من هنا كنا قد حذرنا الوطنيين والاسلاميين بالذات ومنذ انتخابات 2005 من عودة البعث الخبيث للساحة وظهوره بمظهر القط الوديع. وباركنا فكرة اجتثاث البعث وقلنا ان ايدينا مع اليد التي ستجتث البعث وتريح العباد والبلاد من عبثيته، ومقالاتنا كثيرة في ذلك لا زال الارشيف يحتفظ بها جميعا. ومن هنا ايضا جاءت فجيعتنا تعاتب المخلصين وتتوسل اليهم ان لا يضعوا ايديهم باليد الدموية القذرة.

 واليوم جاءت ارادة الشر لتثبت لهم ولنا وللعالم انهم ضد العراق والعراقيين وسيقتلون ويفجرون حتى يعود غراب البعث المخضرم. بمعنى انهم القوة وهي رسائل صريحة الى اطراف انتخابية كبيرة لم تأذن لهم بالاندماج او التوافق السياسي لتقسيم كعكة الحكم والكرسي.

 يوجد من فرح او استبشر او تشمت حينما كتبنا امتعاضاتنا ضد اكبر ائتلاف وطني جراء تصريحات فهموها انها مناورة سياسية ضد فلان وعلان او بسبب الاصوات القليلة التي نالها الائتلاف في الانتخابات. ومع غض الطرف عن صحة ما قلنا وما يقول ويتشمت به الاخر.! نقول ان المهم عندنا هو العراق واهلونا الذين تهلكهم كل يوم تفجيرات الانذال من برابرة وبعثيين اغبياء. والا فالطرف الاخر ايضا يتحمل مسؤولية كبيرة في هذه النتيجة وهذا الوضع الذي بلغته المرحلة العراقية. اي ان دولة القانون ومن فوقها نوري المالكي يتحملان الشطر الاكبر من مسؤولية اندفاع الاخر (الائتلاف) الى قائمة علاوي وغير علاوي من غير جلدتهم ومن غير سنخيتهم..! كان الاولى به وبقائمته المبادرة الى الائتلاف واجراء صيغة تفاهم لا تسمح لعلاوي وغير علاوي بالنفوذ وان بلغ التسعين.  وللحقيقة التي يجب على المالكي وغيره الاذعان لها ان حالة الغرور والانتشاء قد لفحت المالكي وجنده عند كشوف نتائج الـ 30% وتقدمه الكبير على غيره. لكن لا نقول مكر القوم بل اغتروا فنالوا ما نالوا وان الله تعالى لحكيم قدير.

 منطق المبادئ غير المنطق السياسي فسياسيا ان لم تكن معي فانت مع غيري. وان تك كذلك فسأعاكسك. وهو منطق مغلوط، لمسناه عند الراديكالية البراغماتية. ونحن نقول اننا مسلمين وحكومتنا رغم ديمقراطيتها الوحيدة في الشرق حقا لكنها لن تتخلى عن قيمتها الدينية وهم جميعا يقولون الحمد لله رب العالمين.

 خريف 2010 ملبورن

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1368 الخميس 08/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم