أقلام حرة

الثابت في الرؤية الرسالية

ومنها انطلق زعماء الاسلام وقدموا حياتهم على منحر تجذيرها بين الناس كي لا نضل ولا نشقى.

 من السهولة جدا عرض مئات الشواهد على نوعية التضحيات التي بدأت من لدن رسول الاسلام الى جمع لا يعد من الصحابة. وكثير من الزعماء حينما يخبره الرسول الاقدس او امير المؤمنين عليه السلام بان نهاية حياته القتل تحت شفرة السيف او التعذيب، كان يتساءل: وانا على بينة من أمري وسلامة من ديني؟

 الثابت الرسالي.. قدمه على ارض الواقع عظماء الاسلام وكذلك رجال الرسالة في زماننا. فخذ السيد الشهيد المفكر محمد باقر الصدر ومواقفه التي لم تزعزعها تهديدات النظام الطاغوتي. ثم رفضه لكل ما عرض عليه من مغريات حياتية. فحمل روحه على كفه واطلقها صرخة أصمت اذن التأريخ ولاتزال تئز ضمير العراقيين أزاً: [لو كان اصبعي بعثيا لقطعته]. وهو ما يعني القمة في التضحية المتفتقة عن الثابت الرسالي. وخذ تلامذة الشهيد المفكر وانصار الثابت الرسالي (قبضة الهدى) الى المئات من شهداء هذا الثابت. ثم تلميذه السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر وهو يشهر تابوته ويكفن جسده استعدادا لهذه التضحية. وهكذا السيد الشهيد محمد باقر الحكيم والسادة العلماء من اسرته المجاهدة الذين ذبحوا على منحر الكرامة والثوابت الاسلامية على يد البعثيين.

 الى ذلك تعاهد ابناء هذا الثابت على مبادئهم، فذاك الشيخ عبد العزيز البدري الذي طرد مؤسس البعث ميشيل عفلق قبل عامين من سطوتهم على الحكم في 1968 فاعدموه بعد عام من حكمهم الغاشم في العراق. وكذا الشيخ ناظم العاص ومعارضته لهم حتى استشهد من اجل ثابت الرسالة اثر فتواه الشهيرة.

 من هنا عرفنا الاسلاميين. وعايشنا القادة لعقود ثلاثة فنفروا ثابتين "فوق الضغوط  السياسية" لم تأخذهم لومة لائم في الثوابت التي لها جذور عميقة في التأريخ ولها مسوغات تستحق التضحية الجسيمة لانها المحرك الرئيس وراء النظرة القائلة: الدنيا لا تساوي قطمير دون الثوابت.

 يفيدنا التاريخ ههنا بوقائع تؤيد هذا الطرح. فالامام علي عليه السلام وهو خليفة المسلمين جاءه عبد الله بن العباس. وكان الخليفة مشغولاً باصلاح نعله، فقال: [يابن عباس كم تساوي هذه النعل؟ اجابه: بعض درهم. فقال الامام علي عليه السلام: والله لأمْرتكم هذه أزهد عندي منها، إلا أن أُقيم حقّاً أو أَدفع باطلا].

 وكذا لما اقترح عليه- أظنه المغيرة- المداهنة بإبقاء معاوية بن ابي سفيان في منصبه والياً على الشام، لحين استتباب الحكم بصورة كلية ثم يعزل معاوية.! رفض الامام علي عليه السلام وهو يشدد على مبدأ الثابت الذي لا يجرؤ الدهر أن يطويه او يسيسه بقالب كما يرغب التائهون في جوقة السياسة، فقد قال عليه السلام: [والله لا أدهن في ديني، ولا اُعطي الدني في أمري] راجع موسوعة الطبري الجزء الثالث/ صفحة461

 ومن هنا إستفاد السيد روح الله الخميني حينما طلبوا منه التقارب مع السعودية: (متى ما رأيتم يد السيد علي الخامنئي- رئيس ايران وقتذاك - بيد حاكم السعودية فاقرأوا على الاسلام السلام).

 خريف ملبورن2010

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1375 الخميس 15/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم