أقلام حرة

حمدية الحسيني الأنسب لمالية العراق في الوزارة الجديدة.!

 ممن رأيناه ثابتا لم يتزلزل قلة قليلة من مفاخر عراقنا في مجالات متنوعة. منهم شخصية نادرة بطبعها الوقور. فرغم الحملة الاعلامية الظالمة التي شنتها بعض القنوات الاعلامية والجهات السياسية ضد السيدة حمدية الحسيني بمختلف انواع التشهير ومحاولة النيل منها لثنيها عن تقديم خدمة مجانية لوجه العراقي الذي عانى الامرين طيلة عقود حكم البعث الجائر.! هذه السيدة برزت على ساحة الحدث العراقي وتألقت قدرة بادارتها للانتخابات العراقية في فصول مهمة ثلاثة بدءاً من العام 2005 وهو العام الذي سمعت باسمها من خلال تصديها لتنظيم الانتخابات ضمن فريق عراقي يسمى المفوضية العليا للانتخابات.

 لم أك اعرف الكثير عن هذه الشخصية، لكني تابعت موضوعها من خلال الاتهامات التي ما انفكت تطعن بهذه المرأة المتميزة في تضحيتها، واي تضحية اكبر من تقديم اسرتها لستة اخوة اعدمهم النظام الصدامي ولم تعثر حمدية الحسيني على عضمة لاحد اخوانها حتى الساعة في مقبرة جماعية او في ملفات مثرمة زنزانات البعث الحاقد.

 مما يثير الجدل تكرار التهمة ضد حمدية، والسعي لسحبها الى دُرج السرقات والتلاعب باموال العراق والرشاوى وما يشابهها. في الوقت الذي لم تتقاض هذه السيدة دينارا عراقيا عن خدمتها الكبيرة ولا أدنى مرتبا شهريا وغيره حسبما صرحت به لشاشة التلفزة وقنوات الاعلام. وهو الامر الذي صدقه ولم يعترض عليه واحد.

 جريرة هذه المرة أنها لم تنتم لحزب ولم تلتق باصابع التخبط السياسي في الداخل او الخارج مما ابعدها عن تقاسم كعكة اللصوص او التفاوض وفق قاعدة (حك ظهري وسأحك ظهرك). ومشكلة حمدية أيضا تكمن في اعتمادها على مرتبها الوظيفي كمستشارة جامعية، وعلى امكانات اسرتها المالية كما تذكر بعض المصادر وكذا حسب تصريح حمدية لـ "الشرق الاوسط" قبل شهر تقريبا بما نصه: [انا اعمل دون راتب، ولديّ درجة وزير متقاعد، وانا من عائلة ميسورة جدا، ولدينا املاك في مدينة الحلة... ولقد وفرتُ للعراق في الانتخابات اكثر من 55 مليون دولار].

 في هذه النقطة نظر كبير حيث شهدت ساحة العراق فضائح مالية على صعد وزارات، مؤسسات، موانئ، مديريات، شركات اغلبها ظني او وهمي وكذا دوائر غير خافية لا على الاتجاه الرسمي ولا على اعضاء الاحزاب السياسية ولا على اي عراقي متابع لفضائح ملف المال العراقي. وبهذا أنّى يكون لهذه السيدة سيادة في رؤى المحترفين الراغبين في اقتناء اكبر قدر ممكن من الاموال العامة. وأنّى لهم الرضى بأداء حمدية الحسيني التي رفضت مقايضة خدمتها في ادارة الانتخابات؟

 واذ نحن نكتب تقديرنا لهذا الأداء الفاضل والمنهج الوطني النبيل، نشدد على عدم شكنا بوجود آخرين بوزن السيدة الحسيني ونبلها في بعض الوزارات والدوائر، ولكننا نتقصد الالتفات الى هذه المرأة ونفسيتها المتعففة واعطاءها دورها في الوزارة القادة. وهنا لا نرغب تسجيل اي مديح يستبطن الثرثرة في النت والصحافة انما نتقصد إيلاج الموضوع عنوة بأدمغة المعنيين لأهمية توافر مثل هذا الاخلاص وهذا الوجود الوطني الذي تمتلكه حمدية المتحدرة من هرم التضحية والمبادئ الكريمة في ظل ظروف عراق اليوم.

 نكتب هذا مع ما يوجد لدينا من ملاحظات ضد اداء المفوضية باعلى من درجة ملاحظاتنا على شطحات الحزب او التشكيل السياسي بعدم متابعة الامر. ومؤاخذتنا على السيدة حمدية في سكوتها وعدم افصاحها عن الارقام التي تختزنها ضد من عاث بمال العراق فسادا، وكذا ضد اغلاط زملائها في المفوضية. ونقول أن مجرد التلميح لا يكفي لتوثيق البراءة وتحصيل حاصل رضى الرب تعالى.! كونك تحملين رسالة نبيلة مذ خلقت في اسرة طيبة مضحية للعراق. في الوقت الذي نشاطرك امتعاضك من الاتهامات الباطلة التي طبخت في فرن التسقيط، كان لزاما على ذوي الشأن الانتخابي ان يخرجوا رؤوسهم للدفاع. وان ينهضوا بمهمة تعريف المواطن قبل اشهر من الانتخابات بمفاصل المفوضية في رابعة النهار مع عرض أجندة المفوضية ووظائف اعضائها الاساسيين.

 الكثير من اهل العراق لا يعرف عن المفوضية سوى بضعة اسماء، حمدية الحسيني أشهرهم. كان لزاما التعريف بان حمدية لا علاقة لها بآلية الانتخاب وطرقه الفنية كونها تدير الجهة الادارية التي لا تتعلق بعمليات التصويت وملحقات العد والفرز وقوائم وتزوير.! اضف الى مسألة اشهار تفصيلات المبالغ المنفقة على الانتخابات مع الميزانية والتخصيص المالي ومنه الدفوعات التي حازها اعضاء المفوضية..! وكرقم بسيط نسوقه لتمثيل الحالة، لما سُئل موفد المفوضية العليا للانتخابات في استراليا عن طبيعة ومقدار المبالغ المخصصة لانتخابات العراقيين في استراليا، بان التعب على وجوه القوم ولم يفلح الموفد في الاجابة الا بمقدار: هذا من اسرار المفوضية. وهذه العبارة بذاتها تثير اكثر من شبهة.! فكيف بما قبلها وبعدها من مساحات كبيرة تزدرد ميزانية ربما بحجم ميزانية جيبوتي او هندوراس لعشرة اعوام؟

خريف ملبورن2010

 

 

 

 

في المثقف اليوم