أقلام حرة

خيبة المواطن أبي نؤاس العراقي!

عودته لواجهة بغداد بقوة ليعيد استعلاء بعثه من جديد، وانا لازلت منحنياً لجواب أبي نؤاس على استفهام الخليفة العباسي هارون.

 تقول الحكاية ان هارون قرر تصفية الشاعر أبي نؤاس بعدما عيل صبر الخليفة منه وقد أرهقته كل الحيل والمكائد لاسكات مقالب النواس به وبزوجته بنت عمة المؤمنين الست زبيدة دون نتيجة. وكلنا يعرف الكثير من المقالب النؤاسية – إن صح التعبير- مع الخليفة، وكثير منها ابتكره العقل الساخر من السلاطين ومن حكام عروبة اليوم ثم ألصق بشخصيات كابي نؤاس والبهلول وغيرهما.

 فالخليفة وبعد تفكير طويل قبل بمكيدة دبرت ليلا مع حاشيته على (مائدة) مستديرة لأهلاك أبي نؤاس. فاستدعاه ذات ضحى بعد ان أمر بإحضار بعير محمل بأكداس الاسفار والكتب وقراطيس وصحف تتتضمن العربية بكل مجالاتها وعلوم الطبيعة وتشعباتها والفلسفة وابوابها ودواوين شعراء العصر الجاهلي وكل ما عرف انذاك.

 صرخ الخليفة عاليا: يا ابا نؤاس؟ أترى هذا البعير وهذه الكتب؟

اجاب مذعورا: نعم مولاي.

 قال الخليفة: اليوم هو السبت، سأحبسك مع البعير مدة اسبوع لا غير الى ضحى السبت القادم. وسأعقد جلسة شراكة مع متخصصين بالدنيا،! يوجهون الاسئلة الى البعير.! وعلى البعير أن يجيب على جميع اسئلة الفلك والرياضيات والكيمياء والفيزياء والطب والفلسفة والحكم وعمن سيخلفني.! وفي حال اخطأ البعير بجواب واحد او تلكأ.! فسوف اقطع رأسك واحرق جثتك ثم أنسفها في نهر دجلة نسفا.

 ثم علت صرخة الخليفة ثانية: جلواز؟؟ خذهما الى الحبس.

 تصرمت ثلاثة ايام على ابي نؤاس وبعيره الكارثة، واشتد فضول الخليفة العباسي لمعرفة أداء ابي نؤاس مع البعير. فارسل الى الجلواز لمعرفة اسلوب ابي نؤاس في تدريس البعير وتعليمه الموسوعات وتلقينه الشعر عبر وسائل التوضيح أم لا.!

 قال الجلواز: يا خليفة مضت ثلاثة ايام بلياليها، لم نسمع من ابي نؤاس سوى جملة واحدة يكررها بوجه البعير ثلاث مرات.

 قال الخليفة: ماذا كان يقول للبعير؟

 قال الحارس: في الصباح عندما نحضر لهما طعام الافطار - رغيف خبز وبعض اللبن لابي نؤاس، وحزمة برسيم للبعير- ينهض البعير مسرعا الى ابي نؤاس فيضرب وجه البعير بحزمة العشب ويقول له: لو، لو، لو.( اي أما أما أما). ثم يناوله البرسيم. وهكذا يكرر ذات الفعل والقول للبعير عند وجبة الغداء وكذا في العشاء. فلم نره يرسم شيئا للبعير ولا يهمس باذنه ولا يفتح كتابا امام عينيه.

 استشاط الخليفة، فامر باحضار ابي نؤاس فورا. وعند الباب، صرخ الخليفة عاليا: بدون مقدمات يا ابا نؤاس، ماذا تعني هذه ( اللوات الثلاثة؟) التي تكررها للبعير؟ انطق والا اخذت الذي فيه عيناك الان؟

 واردف الخليفة صياحه: سياااااااف.!

 فانبرى أبو نؤاس بعدما آيس من النجاة: الحقيقة يا خليفة، كنت اقول للبعير : الله سبحانه وتعالى وحده الذي بيده حل المشكلة، اما (لو) ياخذ روحك. لو يأخذ روحي. لو يأخذ روح الخليفة حتى تنتهي هذه المعضلة ويريحنا من المائدة المستديرة.

 وكيما يعود الملك عقيماً نهتف جميعاً: تعيش الديمقراطية ويعيش البعير ويموت أبو نؤاس.

 خريف ملبورن2010

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1383 الجمعة 23/04/2010)

 

في المثقف اليوم