أقلام حرة

حينما عاتبني أبو نؤاس على مقال سابق.!

العراقي العربي وتناولت حكايته مع بعيره الذي كاد أن يودي برقبته الى سيف جلاد الخليفة هارون العباسي.. وتمام الحكاية سردناها في محلها لا نرغب بإعادتها خوفا:

أولا: من هجاء أبي نؤاس ان يصطليني والذي طالما تحاشاه الخليفة والملك والامير والامبراطور وكل ساسة البلاط.

ثانيا: من السكاكين المنتشرة في العراق وفي دول الجوار التي تجيد استخدام المدية أفضل من الساموراي، والدليل صورة السيف الرهيب على بعض اعلام الممالك العبرية عفوا العربية. وكذا تمنطق غيرها من دول الاسلام العروبوي (الاصيل) بالخنجر المعقوف وبعضهم ربما يحمل قاذفة ار بي جي. وقالوا - العهدة على الراوي- هناك من يحمل مدفعا على ظهره.

ثالثا: (الاهم) حرصنا الكبير على اجتناب زعل بعض الساسة علينا ربما لسوء تدبيرنا او لقصور في افهامهم.! مع ان الله تعالى قد جعل التفاوت في الفهم والعلم والعمل أمراً فطرياً.

المهم، أن الشاعر ذكر بأني سأتسبب في هدم تمثاله المحتمل أو تبديل اسم شارعه في بغداد لأبي النواص او بإسم من سيترشح للوزارة بعد انتهاء (حرب البسوس) الانتخابية التي لاتزال تلف العراق اكثر من لفات الثعلب فات فات وبذيلو سبع لفات.

أبو نؤاس ابدى امتعاضه وبيده كأسه المفضل او ربما كانت ورقة انتخاب طواها بشكل مخروطي (لست متأكدا) لكنني متأكد من (المخروط) وقال: ما لي والسياسة؟ انا لست معروف الرصافي الذي قال: (علم ودستور ومجلس امة،، كل عن المعنى الصحيح محرف). ثم صرخ عاليا: لا تورطني بكرسي رئاسة وزرائكم ولا نوابكم ولا مرشحي العراقية ولا أي ائتلاف. لم لا تنتخبون أحمد شوقي حينما كشف عن جشع الولاة الساسة (المحترمين) بقصيدته الثعلب والديك:

بَرَزَ الثعـْلبُ يومـا ً.. في ثياب ِالواعظينا

ومشى في الأرض ِيهدي.. ويسُبّ ُ الماكرينا

ويقولُ:الحمدُ لله.. إلـه ِالعالـميـنـا

يا عبادَ الله ِتوبوا.. فهوَ كهفُ التائبينا

وازهدوا في الديكِ

إنّ َ العيشَ عيشُ الزاهدينا

واطلبوا الديكَ يؤذ ِنْ.. لصلاة ِالفجر ِفينا

فأتى الديكَ رسولٌ

من إمام ِالناسكينا

عرض َألأمرَ عليهِ.. وهو يرجو أن يلينا

فأجاب الديكُ: عُذرا ً.. يا أضلَّ المهتدينا

بلـِّغ الثعلبَ عني.. عن جدودي الصالحينا

عن ذوي التيجان ِممنْ

دخلَ البطْنَ اللعينا

إنَّـهم قالوا وخيرُالقول.. قول العارفـينـا

مُخْطـِئٌ من ظَنَّ يوما ً

أنَّ للثْعلَبِ دينا

ثم قبيل ان يودعني أبو نؤاس قال مستنكرا باللهجة البغدادية: خالي هاي شلك بيها؟ اني صحيح فلتت من هارون العباسي ومن سالفة البعير قبل ألف ومائتي سنة! لكن من يخلصني من720 حزبا ومنظمة وتشكيلا سياسياً يلعبون بالعراق شاطي باطي؟ وفوق كل هذا انا ميت.! يمعود أخاف يفجرون رفاتي؟؟

أفقت من غفلتي ابحث يمنة ويسرة وعاليا وناصيا في غرف البيت ذعراً من لاصقة او ذباح ربما أرسله لي ابو نؤاس او اعداؤه (الساسة) الذين يجوبون شوارع الجوار العراقي. لكن الحمد لله لم أجد شيئا، فهدأ روعي وانخفض نبض قلبي الى ثمانين ضربة دُبْ لبْ. وقلت ان السيد الشاعر يمزح وربما يطمح بذكر امجاده النرجسية فقط..

قطع خيالي هذا دوي امام المنزل، خلته إنفجار مفخخة أو موقوتة أو قذيفة هاون عيار80 ملم تستهدفني. هرعت لمصدر الصوت واذا بصعلوك من مشردي ليالي المدينة يقلب حاوية الاوساخ (الرابش) وسط الشارع. أنساني هجاء أبي نؤاس وزخرف السياسة اللعينة. فالحاوية (برميل الاوساخ) كانت تحوي ممنوعات.! علب صفيح وقناني لا يصح وضعها في هذه الحاوية، فمحلها بحاوية خاصة اخرى. ووجدت بينها ملف اوراق أحتفظ به منذ العام 1984 مع محفظة تضم بعض مستمسكات ثبوتية وبطاقة التأمين الصحي والضمان الاجتماعي. واعظم منها عائدة مالية (معتبرة) لصديق محترم يمكن لمن يحوزها التصرف بها دون منغص سياسي او مخبر أمني او أدنى ازعاج انتخابي.

لا اخفي، بداية دعوت بكسر يد الصعلوك لكني شكرت فعلته السخيفة التي أنقذتني وصديقي من محنة كبيرة. ثم ترحمت على أبي نؤاس كثيراً عله يعاودني بقصيدة لشاعر آخر تكشف عن خفايا ذئاب بلادي.

فاتني ايضا، أني تذاكرت مع ابي نؤاس مقولة (المُلـْك عقيم) وحادثة هارون العباسي حينما رأى الامام موسى الكاظم عليه السلام ساجدا في قعر سجن هارون وتساءل: ما هذا الرداء الاسود فقال له سجانه السندي بن شائك: ليس برداء يا خليفة بل هو موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) ساجدا لله في نهاره وقائماً ليله. قال هارون: انه راهب آل محمد (ص).

وكان ابن الخليفة برفقة ابيه هارون فسأل اباه: اذن لم تحبسه وتعذبه طوال هذه السنين في هذا السجن المظلم يا أبه؟ أجاب هارون: انه الملك يا بني والملك عقيم،! ولو نازعتني عليه لأخذت الذي فيه عيناك..

الكاظمي/27/مايس/2010

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1416 الخميس 27/05/2010)

 

في المثقف اليوم