أقلام حرة

المثل العراقي والسائرون وراء علاوي

يحار المرء في ظاهرة انتخاب مرشح فضائحي، يفوح الإحتيال من كل حركة له والخطر على البلاد في كل كلمة تخرج منه. هاهو اليوم يصر على تحطيم كل ما تبقى من النظام السياسي العراقي، ليس فقط بتزوير الإنتخابات بشكل غير مسبوق، وبخطاب تهديدي وقح لكل الشعب العراقي، بل وايضاً بتوجيه السهام إلى المحكمة الإتحادية ويتجاهل قرارها بمراوغات مكشوفة.

فمرة يقول أنه لم يكن قرار محكمة وإنما "استأنس هؤلاء برأي" (1) ومرة يقول أنه "قرار قاض وليس قرار محكمة" (2) وحتى حين ترسل له المحكمة قراراً موقعاً من تسعة قضاة، (3) فأن ذلك لا يغير رأيه في شيء، ولا يهمه ما يعني نجاحه في تجاهل قرار المحكمة من أثر تدميري على العراق و"ديمقراطيته الهشة" التي ينوح عليها صباح مساء. وقد شاركه الرأي القائد الكردي الفذ "مسعود البرزاني" الذي لا يقل عن علاوي "حرصاً على العراق" وعدد من القادة السياسين العرب والكرد، فعبروا عن رأيهم في أحقية علاوي ببدء تشكيل الحكومة دون أية إشارة إلى ضرورة احترام رأي المحكمة. بعظهم كان من البلاهة بحيث لا يدرك، وبعضهم الآخر يدرك تماماً ما هو تأثير تلك التصريحات الداعية لإحتقار أعلى محكمة في الدولة، ويسعى إلى ذلك التأثير المدمر.

 

لعل أدق من وصف علاوي. هو حامد حمودي حين قال:"مايميز اداء اياد علاوي...هو روح الاقصاء التي يمتاز بها واستسهال واسترخاص الكذب وغيره من المحذورات في سبيل تحقيق اهدافه " (4) ونبه فلاح علي إلى بعض الأكاذيب، فكتب: "كل من إستمع للمقابلة (...) سيشعر بالندم والأسى لهذا المستوى الفكري والثقافي الذي يتمتع به أياد علاوي . إن هذا الخطاب المتدني الرخيص الذي إستخدمه أياد علاوي اليوم سيدفع الآلاف من العراقيين في الداخل والخارج بأعادة النظر بموقفهم من أياد علاوي وسوف لن يصوت له الآلاف من العراقيين" (5) لكن فلاح علي كان مخطئاً، فلم يصوت العراقيون لعلاوي بالآلاف بل أكثر بكثير جداً، حتى إن حذفنا التزوير الهائل الذي أدارته أميركا له. إنها حالة إنتخابية معروفة: تقديم بديل ما لشعب مرهق متعطش للتغيير، يجعله عطشه غير قادر على رؤية شيء، ليصاب بالصدمة بعد فوات الأوان، فيترك هذا "الأمل" ليبحث عن غيره، ويحرص البعض أن لا يحصل سوى على بدائل سيئة، وهكذا..

قبل أيام انزعج حيدر الملا من القائمة العراقية من عزت الشابندر حين توقع الأخير أن يترك أعضاء العراقية أياد علاوي (6) وأعطاه محاضرة في تلاحم القائمة حول أياد، ومبدأية مواقفها ، و.. الديمقراطية ... والطائفية...الخ..

والحقيقة أن الملا، لم يكن محقاً في الزعل، فأن كلام الشابندر لم يكن كيفما اتفق، بل يستند إلى خبرة في تعامل رفاق علاوي ومؤيديه وحلفاؤه معه، وكيف يصابون بخيبة أمل تلو الأخرى، حتى "ينفجر" ذلك الوهم لديهم فيتركونه حانقين. لنأخذ أمثلة ممن تورط مع أياد علاوي في الأمس القريب فقط.

 

خيبات أمل

كل ما يقوله علاوي، يتصرف بالعكس منه، او هو على استعداد لذلك في اللحظة المناسبة لذلك كان مصدر خيبة أمل لمعظم رقاقه.

 

خيبة من "مل من الطائفية"

 بعد ساعات قليلة على مقتل وإصابة عشرات العراقيين في سلسلة تفجيرات ضربت بغداد كان علاوي يقول لـ أمان بور بأن العراقيين ملوا الطائفية ويريدون "حكومة علمانية". (7) وليس هذا بجديد، فقد كانت "قصة الطائفية" التي لا مفر منها إلا بالركوب مع علاوي، هي الثيمة المفضلة للرجل منذ الإحتلال الأمريكي، ومن أقواله:

 “إنني سوف أقوم بالدور الذي ينبغي علي القيام به من أجل إنهاء الطائفية، وتحويل العراق إلى بلد آمن وبلد ديمقراطي.”

“لذلك السبب نحن نعتقد أن حكومة المالكي لن تكون قادرة” على إجراء مصالحة مع السنة والشيعة والأكراد “لأنها قامت على أسس فلسفية طائفية.”......” ان الحكومة الحالية في بغداد تتسم بالطائفية ولايمكنها حل مشكلات البلاد.”.......“إن الوضع برمته قائم على الطائفية ومنع المصالحة”......“أن النظام يجب أن يتغير ويجب أن يسود نظام غير طائفي”........“المالكي جزء من النظام الطائفي الذي يؤثر سلبا على البلاد. لا يمكننا أن نرى تحسنا إذا بقي النظام الطائفي مطبقا فيها”.

لكنه، وفي الفرصة الأولى، ذهب لمغازلة التوافق الطائفية بامتياز، وتبين أن هدف علاوي كان إنتخابياً بحتاً، وصار لعباراته وقعاً مثيراً للغثيان بعد ذلك. فأصيب المؤملون به بخيبة الأمل الشديدة وكتب العديدين عن هذا التناقض مثلما فعل عبد المنعم الأعسم عن مرارته من ذلك “التحالف مع معسكر معارض (التوافق) متهم هو الاخر بالطائفية، ومتمسك، بل ومقاتل لتكريس المحاصصة”

 

خيبة العلمانيين

وحين فشت كذبة "الطائفية" وتكاثرت فضائح علاوي الأخرى، مثل كشف موضوع رشوته للوبي أمريكي يسعى لتشويه سمعة خصومه في العراق لدى الإدارة الأمريكية وإقناعها بأنه الأفضل وأنها يجب أن تغير القيادة بتدخلها لصالحه، لم يبق لأصدقاء علاوي المصابين بالإحباط ما يدافعون به عنه سوى "علمانيته" واعتباره ملجأً لهم من التسلط الديني وتسييس الدين، وكان هذا السبب تقريباً السبب الوحيد الذي تحجج به الحزب الشيوعي للبقاء ضمن كتلته، رغم الإنتقادات الداخلية والخارجية الشديدة، لتفاهة هذا السبب، كما عبر عنه خطاب مها الرحماني: “هل يعني كون قائمة علاوي علمانيه تبرير كافي للحزب الشيوعي ؟ صدام كان علماني وكل من معه ومن قبله كانوا علمانيين, هل يكفي كون الفرد علماني ان نوحد قوانا معه بغض النظر عن كل سلبياته وتأريخه وارتباطاته والهدف الضمني وغير المعلن اللذي يبغيه ويريد ان يطبقه بعد الفوز؟” (7+)

ومع ذلك، فلم يحتفظ علاوي لـ "اصدقائه" حتى بهذه الحجة الضعيفة "العلمانية"، ففي أحد الأيام اكتشف علاوي أن عليه أن يتملق الأحزاب الدينية فلم يتردد. لنقرأ هذين الخطابين له:

علاوي 22-06-2007: “نحن نذكر دائماً أن الأديان هي جزء من تراثنا وتقاليدنا وحضارتنا. لكننا ضد تسييس الدين والمذاهب.”

علاوي 10-09-2007:  “إن تسييس الدين حق طبيعي”!

ويذكر أن آية الله اسحاق الفياض احد المراجع الاربعة في النجف، قد دعى قبل اسبوعين من ذلك التأريخ إلى عدم تسييس الدين، بل وحذر منه!

ولم يختلف اليوم عن البارحة مع علاوي، فهاهو يزور المرجع الأعلى السيد السيستاني قائداً لوفد من العراقية "في محاولة لبحث أزمة تشكيل الحكومة، وإشراك المرجعية في الضغط على الاطراف السياسية" رغم أن المعروف عن مواقف مرجعية السيد السيستاني انه طالما رفض التدخل في مثل هذه الأمور! (8)

 

خيبة الأكراد

ولم يتردد أياد أن يبيع في اللحظة التي رآها مناسبة، علاقته القديمة الوثيقة بحلفائه الأكراد (الذين يرتبط بقادتهم بعلاقة لا تخلو من الشبهة) فانقلب عليهم ولم يتذكر عبارات الزعيم الكردي البالغة الرقة والمجاملة حين رحب بضيفه  قائلاً “ان من يضع خطوطاً حمراء على علاوي، يضع خطوطاً حمراء على الأكراد”. ففي اللحظة التي وجد فيها علاوي فائدة أكبر حسب تقديره، قلب للكرد وجهه، وراح يتملص من وعوده ومواقفه الداعمة لمطالبهم. وعن ذلك كتب له عبد المنعم الأعسم:”ان أكبر غلطة أرتكبتها تتمثل في أبتعادك عن الحليف الكردي، كظهير، في وقت لم تكن القيادة الكردية لتفرط بدورك”. (9)

لا شك أن القيادات الكردية حين حسبت حسابها اليوم، وهي تتلقى العروض للتحالف من كل الجهات، لم تتذكر مواقف النجيفي فقط، بل أخذت أيضاً مواقف علاوي بحسابها.

 

خيبات المثقفين

خاب أمل العديد من المثقفين الذين كانوا يعولون على أياد علاوي لأسباب مختلفة: البعض قلق من الطائفية والبعض قلق من تسييس الدين والآخر من التدخل الإيراني وآخر كان يأمل منه بحكم علماني رشيد...لكن..

حميد الهاشمي الذي كتب قبل ثلاث سنين: “”كاد اياد علاوي أن يكون رجل المرحلة” أقر بخيبة امله بعلاوي فكتب ” نهج اياد علاوي تخبطي وباحث عن السلطة أكثر مما هو باحث عن حلول لازمات بلده”

عبدالمنعم الاعسم كتب: رسالة مفتوحة الى الدكتور اياد علاوي: أيدناك.. فخذلتنا، "... “إذْ اخفقتَ في ان تكوّن فريقا متواصلا معك من رفاقك واصحاب تجربتك وحلفائك، ….وكان بينهم سياسيون معروفون، وعسكريون لامعون، ومثقفون وصحفيون وخبراء اقتصاد ودبلوماسية يشار لهم بالبنان، ….. اخترت، بديلا عنهم، شخصيات اكثرهم لا يعترض، ولا يجيد غير تنفيذ الاوامر”

ليلومه على العمل “بادوات خارجية مطعون بسلامة نياتها إزاء التغيير في العراق”

وكذلك على “التحالف مع معسكر معارض (التوافق) متهم هو الاخر بالطائفية، ومتمسك، بل ومقاتل لتكريس المحاصصة، ثم، واخيرا، بالاتصال مع فلول حزب البعث، وكان هذا بمثابة رصاصة الرحمة على مشروع الليبرالية اللاطائفية المنشود، وعلى تجمعٍ علقنا على صدره أهلّة المستقبل، حين اختزلت القضية كلها كما لو انها صراعا على الكرسي.”

 “ثم، ان سياسيا مثلك لا بد ان يكون شديد الاعتزاز بهذه الكوكبة اللامعة من السياسيين الذين سموا فوق الانانية الفئوية وغبار الطائفية وقبلوا زعامتك عن طيب خاطر، الباجه جي. حاجم الحسني. غازي الياور. حميد موسى. مهدي الحافظ. وائل عبداللطيف. خير الله البصري. صفية السهيل. حسين الشعلان، عزت الشابندر وآخرون، لكنك، للاسف، خسرتهم، وغيرهم الكثير، واحدا بعد الاخر، فلا يصح انهم جميعا كانوا على خطأ في الشكوى من انك كنت تنفرد في اتخاذ المواقف، وتصر على تمشية الرأي الذي تعتقد”. ” وكان الكثيرون منا يلتمسون العذر لبعض الاساليب والشعارات التي اعتمدتها في معركتك، ويتقبلونها على مضض”.

 “انك، باختصار، لم تفعل سوى انك زدت في حيرتنا حيرة.” (10)

الدكتور عبد الخالق حسين:” أني من الناس العلمانيين الذين راهنوا في البداية على الدكتور أياد علاوي وقائمته (….) وكان الشعار الذي روجت له هو (أيها العلمانيون الديمقراطيون اتحدوا). وقد رحبت في وقته بانضمام الحزب الشيوعي لقائمة العراقية، رغم انتقادات البعض ضد الدكتور علاوي وحزبه (الوفاق الوطني) بأنهم من البعثيين السابقين.”

لكن فضيحة شركة الترويج الأمريكية غيرت رأي الدكتور عبد الخالق: “كانت فضيحة مدوية بكل معنى الكلمة، انتصر فيها المالكي باقتدار ودون أن يدفع فلساً واحداً”.

هادي الخزاعي: "حتى انت يا علاوي" : "أطل علينا ايضا السيد أياد علاوي رأس العراقية بتصريحات مهدده دفاعا عن حلفائه المجتثين من قائمته ، فيخرج شاهر سيف التهديد ليقول حسب جريدة الشرق الأوسط " أن هذه التطورات ستسفر عن عواقب لا تحمد عقباها " . ما هذه التلميحات التي إن سَرتْ العدو ، فانها لا تسر الصديق يا سيد أياد علاوي ؟! هل تبشر بأدارة الفوضى في العراق من جديد بعد ذلك الهياج الأعمى الذي أدمى العراقيين طوال عامين بلا توقف ؟! هل تبشر بمسيال دم عراقي جديد تحفر خندقه معاول الطائفية والاصطفافات ضيقة الأفق ؟! أم تحدث أنقلابا في الدولة العراقية المقصوصة الجناح ؟! وإلا ففسر لنا يا سيدي ماذا تعني بالعواقب التي لا تحمد عقباها كما جاء في قولك ذلك ؟! وهل الذي تتفوه به أنت وغيرك والذي فيه مساس بوجودنا وحيواة عوائلنا نحن المواطنين الذين نأينا بأنفسنا عن خصوماتكم وصراعاتكم من أجل الحكم ؟! ...

لقد لاحني الخوف بكل ما يعني من صور الدم والموت من صدى تصريحاتك التي لا أعرف بماذا أوصفها وهي تخرج من فيك وبملء فمك . لقد لاحتني كثير من شظايا ذلك التهديد المفعم برائحة الخنادق والعوارض الكونكريتية العازلة ، والأشلاء المتناثره .

يا سيدي أياد علاوي ، كثير منا كان يعتقد بأنك ذلك القابض على مفتاح أطفاء الحرائق ، ولكن وجدناك ، وفي أكثر من تصريح ناري مشابه لآخر ماقلت ، بأنك لا تقل عن الذين يمسكون بالزيت والكبريت من أجل أن يحرقوا العراق"

..."لا تجعلني اصرخ فيك أو متوسلا أليك يا سيد علاوي ، وأنا استعين بأنفاسي المسرحية الأخيره ، مستعيرا من يوليوس قيصر الشهقة المبحوة الشهيرة " حتى أنت يا بروتس " . (11)

محمد علي محي الدين يكتب "ماذا يحدث داخل القائمة العراقية؟"

"وكان لتصرفات رئيس القائمة على شديد احترامنا له ،أثر في أضعاف القائمة،وفقدانها لتأثيرها السياسي وحضورها البرلماني،بسبب تغيبه"..."لقد كنا نرى في علاوي التوجه الوطني البعيد عن الطائفية والقومية،ولكن تحركاته العربية ،واتصالاته مع الدول العربية ومحاولة استمالتها للتدخل في الشأن العراقي بما يخدم تسلمه للسلطة،جعلته ينسى أن هناك جمهور عراقي عريض لو أحسن التعامل معه،لحصل على تأييده النافع بدلا من التأييد العربي الذي ليس له مكان في العراق"....."وليس مما يشرف مؤيدي العراقية الوطنية أن تكون للقائمة توجهاتها البعثية،وأن يتمترس خلفها بعض البعثيين القتلة أمثال راسم العوادي القاتل المعروف في الفرات الأوسط والذي حكم عليه بالإعدام لممارسته القتل والاغتصاب بعد انقلاب تشرين 1963،وأطلق سراحه بوساطات".

ولا أدري كيف سوغ لنفسه الإنفراد باتخاذ قرار خطير،الانسحاب من الحكومة دون الاستئناس برأي شركائه،أو الاتفاق معهم،مما جعله في موقف صعب بسبب رفض وزراء قائمته الانسحاب،وشكل ذلك صفعة قوية،جعلته في وضع مهزوز في التعامل مع خصومه السياسيين،وأن تصريحات البعض من رموز القائمة بدكتاتوريته،وانفراده باتخاذ القرارات لا تصب في صالح مستقبله السياسي".

 

خيبة المدافعين عن تغير علاوي وبراءته من البعث

كلما انتقد أحد أياد علاوي واشار إلى الشبهات حوله، سارع المدافعون عنه بالإشارة إلى أن الرجل قد أعلن ابتعاده عن البعث وأنه يجب محاسبته على حاضره وليس ماضيه. لكن الرجل جعل هؤلاء في موقف صعب، ليس فقط من خلال مواقفه التي لا تدافع إلا عن البعثيين وخاصة من هم في أجهزة الأمن، بل ايضاً من خلال فضائح اتصالات متعددة ومستمرة.

الفضيحة التي قصمت ظهر علاوي حينها تصريحه بالقيام بوساطة بين جماعة عزت الدوري والأمريكان ونشر مجلة (تايم) تقريرا بأن الناطق بإسم قيادة البعث أبو حلا بأن علاوي “هو أحسن شخص في هذا الوقت يمكن أن يسلم مهمة حكم العراق” وأضاف بأنه يأمل علاوي سيفتح الطريق أما حزب البعث “للعودة إلى الحياة السياسية في العراق حيث يجب أن يكون” وان البعث بقيادة عزت الدوري سيكون “أكثر من راغب بالعمل مع علاوي لأننا ننظر إليه كشخص قومي ووطني عراقي وليس قائدا طائفيا”.

وقد حاولت زميلته ميسون الدملوجي الدفاع بالطرق المعتادة فوصفت التقرير بانه “حملة تحريضية على القائمة العراقية الوطنية واستهداف لخطها الوطني وسعيها الدائم لخلق افق للحوار الوطني البعيد عن الطائفية والاثنية”.

لكن ميسون لم تخبرنا ان كانت طائفية “التايم” شيعية او سنية.

ميسون مازالت حتى اليوم تمارس مهمتها بنشاط باستخدام ذكائها للمراوغة ولوي الحقائق في مهمة مستحيلة لتبييض وجه شديد السواد.

 

خيبة القلقين من التدخل الإيراني

كتب عدنان حسين قبل فترة " لِمَ الضجة على علاوي؟" مدافعاً عن الرجل دون أن يحاول إنكار خطاياه، بل جاهد في أن يبين أنه لم يكن الوحيد الذي زور الإنتخابات ولم يكن الوحيد الذي انتخبه البعثيون، فلماذا يتوجه الضجيج كله ضده؟ (12) ليعود بعد بضعة أيام ليكتب "حتى أنت يا علاوي!" بدأها بمقتطفات من أقوال أياد :

"إيران أصبحت اليوم تتدخل بتفاصيل الحياة كلها في العراق، وتريد أن تفرض علينا ما تشاء من أسماء وصيغ وأوضاع".

"من المعيب على إيران، وهي تدعي أنها جارة مسلمة، التدخل في الشأن العراقي بهذا الشكل الفاضح".

"للأسف، أصبح السفر شرقا أهم بكثير من الذهاب غربا، او جنوبا او شمالا، وأصبح التوجه إلى إيران الآن أهم من أن يذهب أحد الى الشقيق العربي".

ليقول : "هذه المقتطفات ليست من مقال سابق لي، مع أن قائلها كأنه ينطق بلساني، وبلسان كل عراقي وطني وكل صديق للشعب العراقي. إنها لرئيس القائمة العراقية إياد علاوي.. قالها يوم الثلاثاء الماضي في عدد من الذين قدموا لتهنئته بفوز قائمته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان تحوزه كتلة انتخابية.. لكن علاوي لم يثبت على هذا الموقف طويلا، ففي غضون اربع وعشرين ساعة راح هو وطارق الهاشمي ورافع العيساوي، في تصريحات وتحركات لهم، يخطبون ودّ إيران ويستجدون زيارة اليها على الطريقة التي عابها علاوي على غيره!!"

"ما يتعيّن أن يدركه علاوي وجماعته ان الكثير جدا من الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات الأخيرة، انما هي لمئات الآلاف من العراقيين الذين أرادوا إيصال رسالة قوية بأنهم ضد علاقات التبعية لطهران التي تحرص عليها الأحزاب والجماعات السياسية الشيعية.. ولا ينبغي أن يتصرف علاوي وجماعته بهذه الأصوات على عكس الغاية التي منحت إليهم من أجلها.. وهي بالتأكيد لم تعطَ لهم كي يستثمروها في طهران، او في أية عاصمة أخرى.. ليس لهم حق في استثمارها خارج العراق.. ليس لهم حق في التصرف بها على هواهم.. إنها أمانة، وعليهم حفظ الأمانة إلى أن يحين موعد الانتخابات التالية." (13)

كان رد أياد على منتقديه أنه لم يذهب إلى دول الجوار ليبحث معها في تشكيل الحكومة الجديدة كما فعل الآخرون، بل بالعكس، ليردع تلك الدول عن التدخل في شؤون العراق!! (14)

 

خيبة الديمقراطية:

لعل كلمة "الديمقراطية" تنافس كلمة "الطائفية" في كثرت لوكها من قبل اياد علاوي:

"هناك عناصر داخل العراق وخارجه تعمل على تقويض الديمقراطية الهشة الناشئة للتو."

"لا تزال أمام العراق فرصة نادرة غير مسبوقة لأن يتحول إلى قوة إقليمية ناجحة وديمقراطية في قلب منطقة الشرق الأوسط."

"ما يزال العراق يفتقد وجود حكومة فعالة ومستقرة ومن شأن هذا أن يمثل تهديداً للمجتمع العراقي والديمقراطية"

"على الامم المتحدة التدخل لإنقاد الديمقراطية !"

"عراق قوي ذي مؤسسات ديمقراطية شفافة راسخة"

"إن العملية الديمقراطية في العراق تتعرض للاختطاف"

"لقد فاز تحالفنا السياسي بغالبية الأصوات ومقاعد البرلمان بعد ان تجاوب العراقيون مع برنامجنا الذي يحرص على الممارسة الديمقراطية التي تضمن مشاركة كل المكونات في العملية السياسية"

لكن ليس الجميع مقتنع بذلك على ما يبدو: "يعد علاوي بأنه لا يسعى الا الى ارساء الأسس الملائمة لاجراء انتخابات بحلول نهاية يناير(كانون الثاني) المقبل. ومع ذلك فان سيرته السياسية السابقة لم تكن على وجه التحديد نموذجا للالتزام الديمقراطي." (15)

ولم تكن تلك العبارة تعبر بشكل كاف عن الشكوك بديمقراطية علاوي، فيكتب حامد حمودي تحت عنوان "اياد علاوي....بذرة دكتاتورية عراقية في طور التشكل"

"...اذا ماقارنا هذا ببدايات تشكل دكتاتورية صدام حسين مثلا سوف لانرى كبير فرق اذ وفي بداية الطريق لاتظهر اي علامات فارقة في سلوكيات واداء الشخص في المخاض السياسي قد تسهل على عوام الناس تحديد ذلك لتتصدى عندها وتضع حدا لطموحاته المريضة" (16)

 

خيبة أمل الرفاق: دكتاتورية صلفة

لكن دكتاتورية وتهميش وتعالي أياد علاوي لم يظهر بقدر ما ظهر من خلال تصرفاته مع رفاقه وما نتج عن تلك التصرفات من تحطم مجموعاته، ومن خلال ردود أفعال رفاقه وما قالوه عنه. فهو في الوقت الذي يعبر فيه عن غضبه على المالكي الذي زار ايران “دون التشاور مع الكتل السياسية” الأخرى، فأنه لم يكن يتشاور حتى مع كتلته السياسية نفسها فيما يقرر!!

تقول صفية السهيل: ” القائمة تدار بطريق الهاتف او الايميل كما ان اتخاذ القرارات يتم بمنأى عن الديمقراطية، الادارة غير شفافة والقرارات تتخذ بطرق غير ديمقراطية والاوامر تعطى دون استطلاع الاراء ولسنا شركاء في اتخاذ القرار.”

كان علاوي يذهب للتباحث مع الجهات المشبوهة والممنوعة قانوناً، دون أن يعلم به أحد من شركائه في القائمة، بل حتى أن قراراً خطيراً بإنسحاب الكتلة من الحكومة لم يتم لا أخذ رأي بقية الكتلة به، ولا حتى تم تبليغهم "بالأوامر" بشكل مناسب!:

“قرار انسحاب وزراءنا من الحكومة تم ابلاغنا به هاتفيا” وتساءلت “هل يجوز ان يتم اتخاذ قرار مهم هكذا؟هل يعقل ان لايكون للقائمة رئيس داخل البرلمان للمناقشة واتخاذ القرارات؟.”

“لايشرفني ان اكون مسلوبة الارادة ولاقرار لي في القائمة التي انتمي اليها”

” وانا كعضو في العراقية سمعت عن كل هذا من الاعلام، كما سمعنا عن تشكيل حكومة انقاذ وطني وان الجميع كان في انتظار تقرير الجنرال ديفيد بترايوس والسفير رايان كروكر لخلق فرصة لتغيير الحكومة، وكل هذا الكلام لا يهمني ولم يفاتحني احد لأخذ رأيي ولم نجتمع لنصوت على مثل هذه الخطوات».

حاجم الحسني: «لكننا فوجئنا في كل مرة بمزيد من عدم الشفافية في اتخاذ القرار ».

نقص الشفافية “المفاجئ” تحدث عنه الحافظ حين ترك العراقية قبل اربعة اشهر “حرصا منه على سيادة الشفافية واعتماد الاساليب الصحيحة في اتخاذ القرارات.”

مفيد الجزائري 21 – 9: ” نحن لم نكن نعرف بموضوع الوساطة التي قام بها الدكتور اياد علاوي بين عزة الدوري والامريكان بل عرفناها من خلال وسائل الاعلام شأننا بذلك شأن جميع المواطنين.”

خرج الحزب الشيوعي بعد ذلك، لكنه دفع ثمن حماقة تحالفه مع هذا المشبوه غالياً جداً، فخسر تأييد وربما ثقة ثلث اعضائه أو أكثر وثلثي مؤيديه أو أكثر، ولم يقم الحزب من تلك النكسة المجانية حتى الآن!

 

وهكذا انفض الرفاق عن أياد علاوي واحداً واحداً من الأعضاء المستقلين إلى الحزب الشيوعي، ولم يبق معه سوى من رضي أن يكون "مسلوب ا لإرادة" يدار "من التلفون"! هذه هي ديمقراطية علاوي مع رفاقه قبل أن يستلم الحكم، فكيف ستكون مع الشعب العراقي، إن استلم الحكم وصار الأمن تحت سيطرته كما يسعى بشكل واضح ومفضوح؟

 

العرب والتركمان

هذا هو الرجل الذي عاد مئات الألوف إن لم يكن الملايين يراهنون عليه ليخيب أملهم مرة تلو الأخرى، وإلى هؤلاء أنظم القوميون من عرب وتركمان الذين استشعروا بالحاجة إلى الحماية من قوة الكرد العسكرية المتفوقة، ونسوا أن علاوي الذي يلوك كلمة "العروبة" دون خجل، كان قد تآمر قبل بضعة أعوام مع قادة الكرد على حصة العرب من الميزانية، بأن أتفقوا على أعتبار نسبتهم تزيد بمقدار مرة ونصف على آخر إحصائية متوفرة! أعتبر أياد علاوي والكرد أن نسبة سكان المدن الكردية الثلاثة إلى سكان العراق زادت من حوالي 12% حسب الإحصاءات، إلى 17% ، دون أية إحصاءات ودون أن يقدم اي منهم أي مبرر لتوقع مثل هذه الزيادة.

إفتضح الأمر بشكل واسع عندما أثار البعض الأمر في تقسيم ميزانية 2008، وطبعاً فأن علاوي سارع بتصويت كتلته لصالح إتفاقه مع الكرد ودون سؤال رفاقه، فالجريمة جريمته. هذا أدى إلى انسحاب وائل عبد اللطيف من القائمة وقال عن علاوي أنه "في واد والقائمة في واد آخر"، وأكد "كنا مختلفين أساساً حول منح 17% من ميزانية عام 2008  لمحافظات إقليم كردستان، إضافة إلى احتساب رواتب 190 الف من البيشمركة". وقال عبد اللطيف ""كنا نرى ان هناك محافظات اولى بهذه التخصيصات سواء في وسط العراق او جنوبه، وطالبنا بتوزيع عادل للميزانية لكننا تفاجأنا بتسليمنا رسالة من رئيس القائمة اياد علاوي، يطالبنا فيها بالتصويت على الموازنة وهو ما دفعني مع سبعة اخرين من اعضاء القائمة الى مغادرة القاعة وعدم التصويت لصالح القانون."

 

مثل هذا الرجل يأتمنه عرب وتركمان الموصل وكركوك على مصالحهم! مقابل ماذا فعل أياد ذلك، لا أحد يستطيع أن يجزم، إنما التفسير الذي أجده أكثر إقناعاً أنها كانت مقابل أن يدفع له الكرد المبالغ المترتبة على اللوبي الذي تم تكليفه برشوة الساسة الأمريكان للترويج لعلاوي وتشويه سمعة خصومه، وكشفت الدوائر الأمريكية تلك الفضيحة، إلا أنها أبقت على مصدر الأموال سراً بحجة الضرورة الأمنية! مازالت حصة الكردي تساوي حصة عربي ونصف حتى الآن، فلم يتمكن البرلمان من إصلاح هذا التشويه الغريب، ولا أحد يدري كم سيستمر سريان هذه الجريمة التي ارتكبها أياد علاوي في غفلة من الزمن أقتنصتها عصابة الساسة الكرد كعادتهم في لحظات الضعف العراقية. هذه العصابة تنهب شعبها إلى أقصى ما تستطيع فلا غرابة أن تنهب العرب، فهي استغلت لحظة حظ سيء كان فيها مرتشي وضيع هو اياد علاوي على رأس السلطة، لتتآمر معه على ذلك. هذا الشخص يأتمنه اليوم القوميون العرب والتركمان للدفاع عن مصالحهم أمام الكرد!!

 

والدكتاتورية مستمرة! عضو فـي القائمة العراقية يشن هجوماً على قياداتها.

هل كان ذلك في الماضي وذهب؟ هل لرفاق أياد وناخبيه الجدد أن يأملون بأن الرجل تعلم الدرس وصار "ديمقراطياً"، ولو بقدرة قادر وتوقف عن "تهميش" رفاقه؟ لا يبدو الأمر كذلك، فالإناء ينضح بما فيه، خاصة إن كانت ثقوبه كبيرة، فها نحن نقرأ:

"شن عضو القائمة العراقية عمر عبد الستار الكربولي هجوما غير مسبوق على قيادات في قائمة علاوي المتزعمة للقائمة العراقية والمتصدية للاجتماعات والتصريحات والزيارات الخارجية والتي لا تستشير الاخرين فيما تقرر. وقال الكربولي في تصريح لقناة الحرة ان هناك قيادات في القائمة وكتل تتعرض الى التهميش والاقصاء وانه يرفض سياسة التهميش هذه وسيتصدى لها بكل قوة وان هناك قيادات فاعلة في القائمة ولها وزنها وحصلت على اصوات كبيرة في اشارة الى اصوات قائمته تجديد ولكن اطرافا في القائمة العراقية يتعمدون اقصاءها وتهميشها واهمالها، واستغرب الكربولي دعوة قيادات القائمة العراقية للاجتماعات في الداخل والخارج فيما يستثنى اخرون من هذه الاجتماعات والاتفاقات." (17)

 

بصراحة أنا لا اميل إلى لوم علاوي على تصرفاته وصلافته، فالرجل كان منسجماً مع نفسه دائماً في تلك التصرفات، ولم يسع إلى إخفائها كثيراً. أتحدى أن يقول أحد من رفاقه ان أياد تصرف في حياته بشكل ديمقراطي، لكي نعذره في "إنخداعه" به، أو انه تصرف بشكل مسؤول ملتزم وصادق، أو أنه ترفع يوماً عن اللجوء إلى الرشاوي والمؤامرات. لم يفعل الرجل ذلك فكيف نصف موقف ناخبيه ورفاقه وهم يخاطرون بمصالحهم وسمعتهم معه؟ هل كانت الحاجة الشديدة إلى التغيير، وحصر الإحتلال خيارات ذلك التغيير بأمثال علاوي سبباً كافياً؟

لا أدري، لكن هذا لا يغير من واقع الحال شيئاً. هناك مثل عراقي مناسب لوصف ذلك، ولا أقصد إهانة الرجل ولا ناخبيه ، لكني للأسف لا أستطيع أن أعدل في كلماته لأجعله أكثر أدباً، وليس المقصود منه الإهانة، لكن المثل هو هكذا: "اللي يمشي ورا الزمال، يتلكى ضراطه!"

وبالفعل تلقى الكثيرين "ضراطه" وما يزال صف طويل ينتظر دوره!

 

 ...........................

(1) http://www.wifaq.com/more.asp?NewsID=1620&catID=13

(2) http://www.yanabeealiraq.com/news_2010/n17051007.htm

(3) http://almadapaper.net/news.php?action=view&id=18453

(4)  http://www.nahrain.com/d/news/05/11/02/nhr1102q.html

(5)  http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=392957.0

(6)  http://aljeeran.net/iraq/12405.html

(7)  http://arabic.cnn.com

/2010/middle_east/4/7/allawi.iraq/index.html

(7+) http://www.aliraqi.org/forums/showthread.php?t=52079

(8)  http://www.aljewar.org/news-24721.aspx

(9) http://tareekalshaab.blogspot.com

/2006/02/1390-news-views.html

(10) http://www.doroob.com/?p=21234

(11)  http://www.al-nnas.com/ARTICLE/HKhuzaei/15alawi.htm

(12) www.elaph.com/Web/NewsPapers/2010/3/545983.html

(13)  http://www.irakna.com/index.php?option=com_content&view=

article&id=10402:2010-04-04-15-52-32&catid=29:2009-10-24-16-11-32&Itemid=115

(14) http://www.baghdadtimes.net

/Arabic/index.php?sid=61443

(15) http://www.aawsat.com/details.asp?

article=246023&issueno=9367

(16)  http://www.nahrain.com/d/news/05/11/02/nhr1102q.html

(17) http://www.nmc.gov.iq/brif_arabic/2010/5/12.htm

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1425 السبت 12/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم