أقلام حرة

استطلاع: متى يسرق لصوص كردستان النفط، ومتى يصحو ضميرهم؟

ومصدر الدهشة التي لا بد أن تكون قد صدمت الكرد من العراقيين بقدر ما صدمت العرب، ليس فقط التعبير الضمني عن احترام الدستور العراقي، والذي لم يكن يذكر في كردستان إلا حين يراد إهانته والتفاخر بالقدرة على تجاهله، كثقافة سابقة يعرفها العراقيون تماماً، ليس هذا فقط، ولكن أيضاً لأنه وحتى هذه اللحظة أنكر لصوص كردستان بصلافة وجود أية "تجارة غير شرعية" للنفط في بلادهم، وكانوا جميعاً وبلا استثناء، يؤكدون دائماً أن كل العمليات قانونية ودستورية: وزير (نهب) الثروات أشتي هورامي قال فقط قبل أيام من التصريح الخطير (11 تموز): "ما يتم تصديره من المنتجات النفطية يعد فائضاً عن حاجة إقليم كردستان ويتم تصديره عن طريق الشركات المتخصصة بعد استيفاء الرسوم الكمركية والحصول على الموافقة المطلوبة بهذا الشأن من الحكومة المركزية".

جاءت سلسلة الأعاجيب هذه، إثر نشر صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً في الثامن من تموز حول "قلق لدى الإدارة الأميركية من وجود عمليات تهريب للنفط الخام العراقي والمشتقات النفطية" إلى إيران، وتوزيع المردود على الحزبين.

 

هذا الإقليم ذو الحكومة التي تميزها ثقافة لصوصية سيطرت تماماً على ثروات الإقليم وشعبه، وتعمل بنشاط علني ومن خلال لوبيات ترتبط بإسرائيل من وراء الستار، لنهب أكبر قدر ممكن من حصص العرب أيضاً، وتعيش على انتظار الأزمات التي تتيح لها فرص إبتزاز الحكومات العليلة في بغداد في كل مناسبة، هذا الإقليم الذي تتمتع حكومته بانسجام لا يعكره أي صوت شريف، يتيح لها 15 عاماً من توزيع ما يصل الإقليم من ثروات على مافيا الحزبين، دون حتى أن يخطر ببال أحد أن يقترح إقرار ميزانية لـ "كردستان الحبيبة". هذا الإقليم يتخلى فجأة عن ثقافته وتراثه، ويعترف بالتهريب ويعد بالتوقف عنه، بعد أن كان يصم أي صوت يفتح فمه بمثل ذلك بالبعثية والصدامية. هذا الإقليم الذي لم يكتفِ قياديوه بسرقة شعبهم، بل يمدون حمايتهم حتى إلى لصوص بغداد الكبار ويبدون الكرم والإستعداد لضيافتهم في اية لحظة يتجرأ القانون على مضايقتهم (مسعود البزاني لوزير دفاع علاوي، الشعلان)، هذا الإقليم يعلن عن رفضه لـ " التجارة غير الشرعية بالمشتقات النفطية "، ويقول رئيس حكومته برهم صالح أن "تنفيذ هذه القرارات المتعلقة بالقطاع النفطي مهم جداً لحكومة الإقليم"!.

عجبي! ما الذي حدث وقلب الأمور؟

 

وهكذا، لأول مرة في تأريخ العراق المحتل، يشبه البلد بقية فدراليات العالم، فيرفع المركز أصبعه، ويتجرأ على إظهار الغضب، ويعد الإقليم باتخاذ الإجراءات اللازمة، فما الذي قلب هذا البلد الواقف على رأسه، ليقف في هذه اللحظة على رجليه لأول مرة منذ أن أقر دستوره، الدستور الوحيد في العالم الذي يعطي دساتير الأقاليم اليد العليا على نفسه؟

 

ما الذي حدث للإقليم الذي قام وزير ثروته "حُرامي" بتزوير اوراق وملاحق فأختفت من الخرائط حقول عملاقة مثل حقل كورمور الغازي (والذي هو ضمن محافظة صلاح الدين وتم الإستيلاء عليه عسكرياً بواسطة البيشمركة)، وكذلك حقل طقطق الذي وصفه خبير النفط العراقي فؤاد الأمير بأنه "قد يكون أثمن اكتشاف في حقول الشمال منذ اكتشاف حقل كركوك"، وانتقلت اوراقها من ملحق رقم -3- الخاص بالحقول المكتشفة الى ملحق -4- للرقع الإستكشافية الخاصة بالمناطق غير المسكتشفة من أجل أن تقوم الشركات بـ "اكتشافها" مرة ثانية، ليتمكن من توقيع عقود مجحفة للبلاد مع الشركات، وهو ما سوف يتسبب حسب "غلوبال بولس فورم" بخسائر تقدر بمئات المليارات من الدولارات للإقليم.

 

قال وزير نفط المركز حسين الشهرستاني قبل أيام، إن "النفط المصدر من حقول إقليم كردستان سواء كان نفطاً خاماً او اسود أو أي مشتقات أخرى يعتبر غير قانوني"، مؤكدا أن "وزارة النفط لن تسمح بتصدير نفط الإقليم الا عن طريق الأنبوب الناقل للنفط الذي يصل إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط".

 

فيستجيب رئيس حكومة الإقليم بالإلتزام بعدم "تصدير نفط الإقليم الا عن طريق الأنبوب الناقل للنفط الذي يصل إلى ميناء جيهان التركي"!! اليس هو نفس الإقليم ونفس العصابة التي حين كان نفس الوزير المركزي يحاول أن يعترض بعدم قانونية توقيع عقود أشتي، كان وزير الإقليم يصرخ: "حتى صدام حسين لم يستخدم هذه التكتيكات". ثم يضيف بـ "مزعطة": (كلما سمعنا "غير قانوني" سنوقع عقدين جديدين)؟ وليسارع بعد ذلك وسط تصفيق وتشجيع من مجانين حكومة وبرلمان الإقليم، كأنهم يريدون الإنتقام من إقليمهم أولاً و"بلدهم" ثانياً، بتوقيع عدداً من الإتفاقات العاجلة خلال فترة قصيرة ما لم يسبق لدولة كاملة، وليس إقليم، ان وقعت ربعها في نفس الزمن، حسب فؤاد الأمير! (2)

 

وبعد العجز عن الإنكار، تحاول حكومة الإقليم اللجوء إلى الكذب المعتاد فتقول بأن ما يصدر " هو مخلفات تصفية النفط الخام في مصافي الإقليم والعراق" (وكأن الجماعة في إيران ليس لديهم ما يكفي من "مخلفات" النفط ليستوردوا مخلفات أشتي!) والإصرار على القول بأن ذلك بعلم وموافقة المركز (تخيلوا كردستان تطلب "موافقة المركز" على تصدير "مخلفات") يرد الشهرستاني بأن من قال ذلك يكذب! (عن الحلال والحرام، قال الرجل: "ليس صادقاً")، فلا تثور بوجهه عصابات المافيا السياسية مهددة علناً وصراحةً بطرده من الوزارة، كما حدث قبل بضعة سنين، ولأسباب وكلمات أرق كثيراً. وزير نفط "بغداد" يقول أن "الوزارة ليس لها علم بما يصدر من حقول إقليم كردستان أو بالكميات المصدرة"،  ثم يتجرأ الشهرستاني نفسه ويقول ثانية: "غير قانوني"! دون أن يخشى أن يصفعه أحد بالقول: سنضاعف التصدير!! بل يحصل على رد مؤدب مهذب يشبه ما يتعامل به البشر والحكومات...وأكثر من هذا وذاك، ويا للعجب، أننا نسمع أصواتاً كردية لأول مرة، تخرب "وحدة العصابة" ونقاءها من من تسول له نفسه ان يقول الحق، فتنتقد الحكومة في موضوع النفط، فما الذي انقلب في العالم؟

 

في الماضي، لم ينتج عن احتجاجات حكومة المركز وكشفها للفضائح والسرقات، سوى أن تلك السرقات صارت معلنه، فتحولت إلى "سطو" مع تحدي للحكومة لأن تفعل شيئاً: مثلاً في شباط 2008 أعلن اقليم كردستان ابرام صفقة مع شركة كورية جنوبية لمبادلة النفط باعمال بناء تقدر قيمتها بنحو 12 مليار دولار! هكذا ببساطة! المفروض أن حصة كردستان من هذه الـ 12 مليار لا تزيد عن 2 مليار (17% بعد إبتزاز كردستان واستغلالها لوجود مرتشي على رأس الحكومة التي اختارها الأمريكان للعراق، أياد علاوي، فتحصل على مرة ونصف بقدر نسبة سكانها التي تقرها جميع الإحصاءات السابقة) والباقي يذهب إلى باقي العراق، فإين ستكون "اعمال البناء" هذه؟ بالتأكيد ليس في العمارة! لم تكن هذه الصفقة سرية، بل نوع من "السطو"، فأعلن نيجرفان برزاني العقد متوقعاً ان الحكومة "لن تعارض"، ولم تخيب "الحكومة" توقع نيجرفان، فلم تكن تشتهي على ما يبدو المزيد من الإهانات.

فحين مارس وزير "بغداد" صلاحياته وفتح فمه باعتراض في الماضي على عقود غير قانونية، كان ما حصل عليه من جمال عبدالله المتحدث بإسم حكومة إقليم كردستان: " تصريحات السيد حسين الشهرستاني تفوق حجمه وصلاحياته"

" لن تؤثر على الشركات الأجنبية المتعاقدة مع الإقليم" "هذه التصريحات ليس لها قيمة عملية في إقليم كردستان. هذه الشركات تعمل وفق العقد المبرم معها من قبل حكومة إقليم كردستان".

د.حسين بلو: " سيضطر التحالف الكردستاني للمطالبة بتغيير الشهرستاني أذا ما استمر في تصرفه كما هو الآن".

"سوف تظهر في الأسبوعين القادمين أنباء جديدة حول تغيير الشهرستاني".

،مدير مكتب العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم فلاح مصطفى : "هذه تصريحات قديمة، وباليه من حيث المحتوى. حتى العقلية التي تنتج مثل هذه الأنواع من التصريحات، هي عقلية ما قبل التاسع من نيسان عام 2003. للأسف الشديد أن نسمع هذه التصريحات التي هي قريبة من التصريحات البعثية".

وأفهمنا نيجرفان بارزاني وقتها بأن:«حكومة الاقليم مستمرة في اتفاقها وعقود النفط مع الشركات الاجنبية ستدخل حيز التنفيذ».

 

من حق بغداد أن تخشى الإهانة، لكن ذلك لا ينطبق على النائب الديمقراطي في الكونغرس "دينيس كوسينيج"، الذي طلب فتح تحقيق في عقد كردستان مع شركة "هنت اويل" الأمريكية التي يرأسها "راي هنت" "بسبب علاقة رئيسها بالرئيس بوش"، قائلاً "إن هذه الإتفاقية، وبسبب كونها عقد مشاركة بالإنتاج، فإنها تنسجم مع محاولات الإدارة الأميركية لخصخصة الصناعة النفطية العراقية".

وعن ذلك يكتب بول كروكمان في النيويورك تايمز: "حين يضع هنت امواله مع الكورد، بالرغم من معارضة بغداد، فإنه يراهن بصورة رئيسية بأن الحكومة العراقية، ... لن تستطيع أن تعمل شيئاً إزاء ذلك."

 

وإذا كانت كلمة "سطو" تبدو ظالمة لعملية مثل الإستيلاء العلني على 10 مليارات دولار من بقية العراق، فهي ليست كذلك فيما يتعلق بمنع فرق وزارة النفط من العمل في كركوك بواسطة القوة العسكرية،البيشمركة التي يصر قياديو كردستان على تسميتها "جزء من الجيش العراقي" عندما يحين موعد تسليم الرواتب أول الشهر. وهي ليست ظالمة عندما يتعلق الأمر بالإستيلاء على أراضي خارج كردستان. في 27/11/2007 اتهم الشهرستاني، حكومة إقليم كردستان بمنع بغداد من تطوير خورمالة، وهي جزء من حقل كركوك، وذلك بإستخدام القوة العسكرية...، حيث قال لمراسل داو جونز "إن قوات تعود الى إقليم كردستان تمنع كادر شركة نفط الشمال من تنفيذ مشروع حقل خرمالة". بعد ذلك أحيلت القبة من قبل وزارة الإقليم ومجلس النفط فيها الى "شركة النفط الوطنية الكردستانية كنوك"!!

ويضيف الأمير "لا يمكن بالمرة أن أفهم لماذا استقطعت خرمالة من حقل كركوك واعطائها الى KNOC، فهو عمل لا يمكن أن يكون مقبولاً من الناحية الفنية والإقتصادية والأهم من الناحية السياسية، فهي عملية إستفزازية فقط!!."

"ماذا تريد حكومة الإقليم؟! هل تريد إستغلال الوضع المأساوي في المناطق الوسطى والجنوبية لفرض رأيها، وبمعزل عن رأي القوى الأخرى، ولا حتى بمشاورتهم؟.... هل تريد حكومة الإقليم وضع حقائق على الأرض بإستغلال الموقف الضعيف جداً لبقية المجتمع العراقي (حكومة وشعباً) ولفرض الرؤيا التي تريدها لشكل ونص قانون النفط والغاز؟"

 

أسامة النجيفي: "هناك شركة كندية تدعى (trsais) ومقرها في الشيخان تقوم بالتنقيب عن النفط في ناحية القوش التابعة لقضاء تلكيف (شمال الموصل)، وحفرت بئراً استكشافيا في المنطقة، دون ان تحصل على أي موافقات من الحكومة العراقية." "مخالفة صريحة للقانون العراقي، واعتداء على أراضي محافظة نينوى من قبل حكومة إقليم كردستان."

 

وهكذا لم تكتف حكومة كردستان "ببيع املاك" لا تمتلك دستورياً إلا جزءً ضئيلاً من واردها، بحجة وقوعها في اراضيها، بل تعدت ذلك الى الإستيلاء على اراض اسمتها"الأراضي المتنازع عليها"، وبعضها تقع ضمن محافظة نينوى، فاشار موقع "الغد" عن مجلة "ميدل ايست ايكونومك سرفي" (MEES ) الى ان العقد يتضمن "تراكيب جبل قند وفجر ونرجس" وهو ما وصفته المجلة بأنه "خطوة تتخذها حكومة إقليم كردستان لتصنع وقائع على الأرض لأي نقاش مقبل."

 

وذكرت "IAS" "إن بعض العقود الموقعة من قبل حكومة إقليم كردستان، تظهر وكأن هذه الحكومة تريد توسيع حدودها غرباً وجنوباً، وبطريقة يمكن أن تخلق توترات مع باقي العراق في المستقبل. إن الكورد يريدون، بالإضافة الى كركوك، توسيع أراضيهم نحو الجنوب للوصول الى سلسلة جبال حمرين، والتي يدعون انها الحدود الطبيعية لكردستان، والوصول الى الجنوب، خانقين في المحافظة الشرقية ديالى، وكذلك الى الحدود الغربية لتصل الى الموصل".

أما النيويورك تايمز فلقد كتبت "إن عقود النفط هذه هي محاولة خطرة بوضع حقائق على الأرض وتثير أكثر من عدم الثقة والمعارضة المتبادلة ".

 

في مقال سابق لي عن الموضوع كتبت: "هل من مفر ان يذكر هذا بأساليب الإستيطان الإسرائيلي على الأراضي العربية؟ هل من مفر من القلق من ان تأخذ العلاقة العربية الكردية هذا الشكل مستقبلاً بوجود مثل هؤلاء الحكام في كردستان؟"

 

ما الذي تسبب إذن في "صحوة الضمير والأدب" المفاجئة هذه ؟؟

 

ليس الأمر صحوة ضمير، ولا هو إنبعاث لما يسمى "شرف اللصوص" كما يقولون، فقبل أيام فقط كانت فضائح العلاقات النفطية المشبوهة بين ساسة الإقليم وساسة الولايات المتحدة من الذين كانوا هنا، مثل حاكم العراق السابق جي غارنر والسفير السابق خليل زاد والمستشار كالبرايث، وصفقاتهم النفطية تنشر في الصحف من قبل الصحفي بين لاندو. وهي بلا شك ليست "حمى أدب" أصابت حكومة الإقليم فقررت إبداء الود لـ "اختها الصغيرة"، حكومة المركز، فقبل أسابيع كان مسعود البارزاني يقوم بزيارة الى أنقرة من أجل تصدير الغاز عبر خط " نابوكو", ودون أن يرفع العلم العراقي، وأفتانا برهم صالح رئيس وزراء حكومة  الإقليم : "نفاوض لنقل الغاز لأوربا وحقوقنا فيه دستورية " ! فلماذا يعود صالح ليتخلى عن "حقوقه الدستورية" هذه، ويلتزم اليوم بالتصدير من خلال جيهان فقط ؟

 

ما هو السر إذن في التغير الكبير؟

 

ليس هناك أي سر، ولا أي تغير، لا كبير ولا صغير، ولم يتغير الموقف الأخلاقي لقادة كردستان، لا تجاه العراق ولا تجاه مواطنيهم... فقط لا حظوا أن المشكلة التي طرحتها نيويورك تايمز ليس القلق على تهريب ثروة عراقية، وإنما القلق من أن تستفيد منها إيران، فتؤثر على حصار أميركا عليها. إنها تقول لهم: "لكم يا سادة الكرد أن تنهبوا ما تشاؤون من العراق دون أن تخشوا شيئاً، مهما تسبب ذلك في دمار البلد وموت الناس، ولكم أن تعتمدوا على حمايتنا كما اعتمد عليها الشعلان وغيره، بشرط أن لا يؤثر ذلك النهب على مشاريعنا الخاصة. عندها، "يجب أن يستيقظ ضميركم" وإلا!!...

وهكذا استيقظ ضمير لصوص كردستان، بل قفز من فراشه فزعاً ووقف بوضع الإستعداد والتحية!

 

لا بد، من أجل الإنصاف، من الإشارة إلى أن مثل هذا الضمير النائم - القفاز لا يقتصر على لصوص كردستان وحدهم. ففي مقالة لي بعنوان "متى يعترض عادل عبد المهدي ومتى يقبل؟"(3) بينت أن هذا الرجل قليل الحياء تسبب في أزمة سياسية شلت المؤسسات السياسية العراقية وكادت تتسبب في أزمة غير معروفة النتائج على البلاد، حين أصرّ على أن "قانون المحافظات" الذي مرره البرلمان بصفقة عسيرة، هو قانون غير دستوري، ولم تنفع في ثنيه عن موقفه لا توسلات رفاقه ولا الخطر الذي يهدد البلاد، لكنه، وبقدرة قادر كما حدث اليوم لقياديي كردستان، إكتشف على ما يبدو أن القانون دستوري جداً، بعد مقابلة "ديك تشيني"، الذي أخبره أنه مقتنع بقانون المحافظات، كما فضح ذلك لسان زميله محمود عثمان!

 

ومن الطبيعي أن يفهم عبد المهدي أنه يستطيع بكل أمان أن يوقف اي قانون عراقي ويسبب ما يشاء من الكوارث دون مشكلة، حتى إن لم يكن فيه اي إشكال دستوري، ما لم يكن "تشيني" أو "بايدن" مقتنع بغير ذلك، ويعلم قادة كردستان وغيرهم من اللصوص أن المجال مفتوح لتهريب ما يشاءون من النفط وغير النفط، إنما إلى تركيا أو سوريا أو بلاد الواق واق أو حتى إيران نفسها إن صارت "خوش دولة"، ولن يزعجهم أحد حتى إن كتبت النيويورك تايمز عن ذلك، فالمشكلة ليست في "التهريب" والسرقة، أوتوزيع "الغنائم" على الحزبين، وإنما المشكلة إلى أين يتجه التهريب في تلك اللحظة. "اللحظة" مهمة أيضاً. لا بد أن اللصوص تعجبوا لأنهم كانوا يهربون إلى إيران من سنين ولم تعترض نيويورك تايمز، فما الذي تغير في إيران؟ من هنا يتعلم الجماعة أن يراقبوا الأخبار بعين مفتوحة، ويتعلموا أهمية "التوقيت" بالنسبة لمواعيد نوم وصحو ضمائرهم..

 

يقول نيتشة: "إذا انتصر الحق في الساحة العامة فابحث عن الباطل الذي دافع عنه" وأقول "إذا انتصر بعض قادة العراق لمصلحة البلاد يوماً، فابحث عن المصلحة الأمريكية التي صادف أن اتفقت معها!".

 

(1) فؤاد الأمير: حكومة اقليم كردستان وقانون النفط والغاز

http://www.ahewar.org/news/s.news.asp?ns=&t=&nid=173833

 (2) صائب خليل: "سرقة آشتي لحقول النفط ليست جزء من الخلاف الدستوري بين بغداد وكردستان"

http://www.yanabeealiraq.com/articles/saieb-kalil160408.htm

 (3) "متى يعترض عادل عبد المهدي ومتى يقبل؟"

 http://www.yanabeealiraq.com/politic_folder/saieb-kalil200308.htm

  

 

 

 

 ............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1465 الخميس 22/07/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم