أقلام حرة

أكبر تسريب لوثائق عسكرية سرية منذ فيتنام: جرائم وكذب وحرب أفغانستان لا تسير على ما يرام / صائب خليل

تغطي الفترة منذ أول عام 2004 وحتى نهاية 2009، وكانت صحف كبرى، "نيويورك تايمز" و "الگارديان" و "دير شبيغل"، قد حصلت على نسخ من الموقع منذ أسابيع، وتم نشر الوثائق في نفس التوقيت.

وحسب الوثائق فأن المقاومة الشعبية والتظاهرات الإحتجاجية تجابه بشكل دموي، وفرق الموت الأمريكية تعمل تحت تعتيم إعلامي تام، وواشنطن والناتو تتآمر مع طبقة ضيقة من الفاسدين الأغنياء وأثرياء الحرب والضباط الأفغان، كما أشار الكس لا نتير.

تبين الوثائق انه كان هناك أكثر من 27 ألف هجوم للمقاومة الأفغانية و 23 الف تعرض للتفجير، وهو ما يدحض الزعم بأن المقاومة الأفغانية تتكون من بضعة مئات من أعضاء القاعدة. وكان هناك 237 تظاهرة شعبية ضد الإحتلال الأمريكي أو السلطات الإفغانية المتعاونة معه.

ومن الأمثلة التي نشرت قتل القوات الهولندية أربة أشخاص وجرح سبعة في قرية چانارتو، وقيام الحكومة الهولندية بحملة علاقات عامة لتغطية الحادث لكي لا يتسبب بإشكال سياسي في أفغانستان أو هولندا، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تردد الجنود الهولنديين مستقبلاً في إطلاق النار. وصنفت عملية القتل بأنهها نتيجة عمليات القوات المعادية!

ويقول الكس لا نتير، "أن الوثائق كثرما تخفض عدد الضحايا، فمثلاً عندما دعا الضباط الألمان القوات الجوية الأمريكية لقصف شاحنتي نفط في قندز عام 2009، ونتج عن القصف مقتل 142 من الأفغان معظمهم من المدنيين، فقد تمت الإشارة إليها في الوثائق على أنها تسببت في مقتل 56 من المتمردين!

وتشير الوثائق إلى وجود "قوة المهمة 373" (Task Force 373) التي تعمل سراً، وهي من فرق الموت الشديدة التسلح، وكيف أن الشرطة الأفغانية أكتشفتها مرة فطلبت الفرقة من القوة الجوية قصف الشرطة فقتلت سبعة منهم وجرحت اربعة. وفي مرة أخرى تسبب هجوم لها في مقتل ثمانية أطفال مدارس وستة بالغين وصفوا بأنهم من مقاتلي طالبان."

وفي حادثة أخرى قتلت فيها القوات الأمريكية عدد من القرويين والقت باللوم عليهم لأنهم لم يقاوموا المتمردين.

وتكشف الوثائق خسائر متصاعدة في القوات الجوية للناتو. وأن الجيش الأمريكي حصل على تقارير تشير إلى أن إيران قد اشترت صواريخ متنقلة مضادة للطائرات من الحكومة الجزائرية، وسلمتها إلى المقاتلين الأفغان، وهو ما لم يتم الإشارة إليه سابقاً.

وهاجم المستشار الأمني للبيت الأبيض نشر تلك الوثائق في موقع ويكيليكس، والتي قد تعرض حياة الأمريكان وشركائهم للخطر.

وكتبت الگارديان أن الحكومة الأمريكية تخشى أن تكون قد تسربت مواد أكثر حساسية تشمل أرشيفاً من عشرات الألاف من البرقيات ارسلت إلى السفارات الأمريكية حول العالم، حول صفقات سلاح وتجارة واجتماعات سرية وآراء صريحة لحكومات أخرى.

ويتعرض صاحب الموقع، "جوليان أسانيا"، وهو استرالي الجنسية، والذي كان قد كشف في نيسان الماضي عملية أغتيال من الجو لمجموعة صحفيين، إلى ضغط شديد من الولايات المتحدة والحكومات المتحالفة معها، ويلجأ إلى طرق متقدمة للإفلات من الوصول إليه أو إلى خوادم موقعه المتعددة، واختفى بعد القاء القبض على أحد الذين قدموا له المعلومات السرية السابقة. وكانت صحيفة الكارديان قد وجدت آسانيا في أحد مقاهي بروكسل، حيث كان يحاول التحدث إلى البرلمان الأوروبي. (1)

 

ويكتب آخر: أن الحجم الهائل للوثائق البالغ 200 الف صفحة تؤكد أن الولايات المتحدة كانت تقوم بحملة من الإرهاب والعنف المميت ضد الشعب الأفغاني.

وقال أن فرق الموت كانت تعمل على قوائم بأسماء 2000 شخص تم ا لحكم عليهم بالإعدام من قبل البنتاغون والسي آي أي، بدون توجيه تهمة أو محاكمة.

وأضاف أن الوثائق تكشف التعتيم المتعمد للفضائع المرتكبة من قبل الجيش الأمريكي، وتسمية الضحايا من المدنيين بالمقاتلين، وقارن بين كشف وثائق حرب افغانستان وكشف حقائق حرب فيتنام، مشيراً إلى أنه لايوجد اليوم من يريد من رجال الكونغرس الأمريكي ان يحقق في الأمر، كما حدث في فيتنام.

وكانت التايمز قد نشرت مقالة استنتجت فيها أن الوثائق المنشورة تكشف الحاجة إلى تشديد الحرب في أفغانستان وتوسيعها بشكل أكبر في باكستان. (2)

 

ويكتب ري ماكغفرن:

لقد تمت تعرية وحشية وعبثية الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان، بشكل غير قابل للجدل، قبل أيام من تصويت مجلس العموم الأمريكي لإلقاء 33.5 بليون دولار أخرى في مستنقع أفغانستان، وفي الوقت الذي تشتد فيها الحاجة إلى تلك النقود في داخل البلد. (3)

 

ينقل نيك دافيز عن الكارديان: "كمية هائلة من الملفات العسكرية الأمريكية السرية تكشف اليوم عن صورة مدمرة لفشل الحرب في أفغانستان، وتفضح كيف قتلت قوات التحالف المئات من المدنيين في حوادث لم يتم كشفها.

ووصف التسريب بأنه الأكبر في تاريخ الجيش الأمريكي.

وقال ان التقارير كشفت عن عمليات اغتيال واسعة بواسطة الطائرات بدون طيار، والتي تسببت في العديد من الإحتجاجات من الحكومة الأفغانية، ولكن أيضاً عن حوادث جنود يطلقون النار على سواق سيارات ودراجات للخوف من الإنتحاريين.

وأشار إلى حادثة إطلاق الجنود الفرنسيين النار على باص مدرسة أطفال عام 2008، وإطلاق الأمريكان النار على باص آخر، ولم يختلف تصرف البريطانيين عن ذلك.

وتقول راشيل ريد، التي تحقق في حوادث الضحايا المدنيين في أفغانستان، بتكليف من "هيومان رايتس واتش" : "لقد سلطت تلك الملفات الضوء على الإتجاه الثابت لدى قوات الناتو والولايات المتحدة: إخفاء الضحايا المدنيين، وبالرغم من صدور توجيهات عديدة بالضد من ذلك.

وقد امتنع جوليان أسانيا عن نشر المعلومات التي تحتوي أسماءاً لمخبرين، من أجل عدم تعريضهم للخطر. (4)

 

واهتمت الصحف البلجيكية كغيرها بالخبر. ونشرت صحيفة "دي مورغن" الواسعة الإنتشار مقالة من صفحتين كبيرتين كشفت المعلومات التي فضحتها التسريبات تحت عنوان: "اكبر تسريبات منذ فيتنام تكشف الصراع في أفغانستان على حقيقته". و "القصف بواسطة الجوي ستك والقتل بواسطة فرق الموت" ، و"طالبان تمتلك منظومة صواريخ حديثة مضادة للطائرات".

ولخصت "كازيت فان انتوربن" أهم نقاط الوثائق، مشيرة إلى الكذب في اعداد الضحايا المدنيين وعدد هجمات طالبان ودعم الأمن الباكستاني لطالبان وأن حالة الامن في أفغانستان أسوأ بكثير مما يتم تصويره، واشارت إلى قوة المهمة 373 البالغ عدد أفرادها 300 شخص، والمكلفة باعتقال أو قتل قائمة من المطلوبين.

وكتبت صحيفة "دي ستاندرد" وهي من أهم الصحف البلجيكية مقالة بعنوان "الحرب في أفغانستان، لا تسير على ما يرام"، واشارت في مقالة أخرى لها بعنوان: "البلجيكيون في رمال أفغانستان المتحركة" إلى أن بلجيكا (التي يفترض أنها تركز على التطوير فقط، تقدم 109 مليون يورو للعمليات العسكرية مقابل 12 مليون لأعمال ا لتطوير!  ويرى ووتر دي فريندت أن الوثائق كشفت بأن المرء يجب أن يكون مجنوناً ليصدق أقوال وزير الدفاع البلجيكي دي كريم، حين يؤكد أن الحرب في أفغانستان تتجه نحو الأفضل. ووصف دي فريندت مشاركة بلاده في تلك الحرب بأنها "تورط بلجيكي في حرب وسخة بلا أمل بنتائج إيجابية".

 

(1) http://www.wsws.org/articles/2010/jul2010/afgh-j27.shtml

(2) http://www.wsws.org/articles/2010/jul2010/pers-j27.shtml

(3) http://www.informationclearinghouse.info/article26022.htm

(4) http://www.informationclearinghouse.info/article26016.htm

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1472 الخميس 29/07/2010)

 

 

في المثقف اليوم