أقلام حرة

نحو التخلص من المالكي (1) خرافة تفضيل أميركا للمالكي على علاوي / صائب خليل

وأشرت إلى تظاهرات الصدريين التي كانوا يحملون فيها تابوتاً كتب عليه إسم المالكي، وقلت أن الفضائيات العراقية والإعلام سيمتلئ بتكرار تلك اللقطة التي سترافق التعليقات بأن من قتل المالكي هم الصدريون، خاصة وأن لديهم من المبررات ما يكفي لذلك.

في مثل هذا النوع من الكتابة، ليس للصحفي في محاولة توقع المستقبل سوى أن يكتشف "إحتمالات" حدوثة وينبه عليها ولا يمكنه إطلاقاً أن يجزم بحدوث شيء ما، بل لا يستبعد أن المقالة التي تكشف احتمالاً ما، تلعب دوراً في عدم تنفيذ ذلك الإحتمال على أرض الواقع بتخريب المؤامرة من خلال فضح ما يفترض أن يكون سراً أساسياً لنجاح تنفيذها. ليس للصحفي سوى ان يرصد حركة الدوافع، والدوافع الأمريكية للتخلص من المالكي تتجمع من جديد ، والمؤشرات تتكاثر أيضاً.

لكن، قد يقول المرء، أن المالكي صار المفضل أمريكياً في الفترة الأخيرة. وهذه النقطة لها من الأهمية والغرابة ما يجعلها تستحق الجزء الأول والأكبر من المقالة.

فهو جديد ومبدع، ما يجري اليوم من حملة إعلامية فريدة من نوعها وحجمها، حيث تحاول العراقية، وبتنسيق ملفت للنظر بين اعضائها، وأيضاً بين أجهزة الإعلام "العراقية" (الأمريكية) والعربية،  تسويق فكرة أن أميركا تحاول فرض حكومة المالكي وأستبعاد العراقية، متناسين كل ما فعلته السفارة الأمريكية من أجل العراقية ومرشحيها في الإنتخابات الأخيرة!!

 

والمثير للإهتمام هو قدرة هذه الحركة على تجاهل المنطق ومحاولة إقناع الناس بما يصعب إقناعه لمجنون. فجماعة المالكي، رغم ضرب الصدريين، ورغم توقيع المعاهدة الأمريكية، ورغم عدم تحقيق أي تقدم في العلاقات الإيرانية العراقية، متهمين من الأمريكان ومن يقربهم، بأنهم تابعين لإيران، فكيف صارت أميركا داعمة  لأتباع عدوها اللدود؟ الجواب الغريب، هو أن اميركا وإيران قد اتفقتا بقدرة قادر، ودون سابق إنذار، على دعم جهة واحدة، وهي المالكي!

 

 هذا بالرغم من أن أميركا تضع إيران كهدف مركزي من أهدافها في هذه اللحظة، حتى أنها قدمت تنازلات عسكرية وربما إقتصادية وسياسية، لدول كبرى مثل روسيا والصين والإتحاد الأوروبي وقامت بتهديدات وضغطت على دول صغرى تشمل كل دول الجوار الإيراني، من أجل ضمان عدائهم لإيران وإخافة أي منهم من إقامة علاقات طبيعية معها. فكيف نقتنع بأنها تريد في العراق بالذات، الذي تعتبره حصتها وفريستها دون منازع، أن يكون له علاقة جيدة بإيران؟ بل وتتخلى عن ربيبها علاو ي من أجل ذلك!

وماذا عن الـ 100 مليون دولار السعودية لعلاوي، والتي انسحب بسببها النائب عن محافظة صلاح الدين ورئيس تيار الشعب السيد علي الصجري من قائمة علاوي؟ (1) هل تعمل السعودية بالضد من أميركا؟

 

وسائل التشويش الإعلامي لا تقدم تفسيراً لهذه الأحجية الجديدة بل تكررها فقط، لكن يبدو لي ان الشارع العراقي قد قبل فعلاً بالقصة غير المعقولة (!)، فتصبح دولة القانون الممثلة لإرادة كل من الإحتلال و "دول الجوار" الذان يضغطان من أجل إيصالها إلى الحكم، وبالتالي فأن العراقية ستكون بالطبع ممثلة لـ  "إرادة الشعب"!

 

إبتدأت حملة إقناع الشعب بتفضيل أميركا للمالكي، بل بإتفاق كل من أميركا وإيران على تفضيل المالكي، بحملة إعلامية شعواء بكل معنى الكلمة، جندت لها كل المراكز الإعلامية الأمريكية، داخل العراق وخارجه، وانضمت إليها حتى بعض القنوات المستقلة والمنافسة والتي اقتنعت بذلك التحول، وصاحب ذلك، تنسيق إعلامي شديد الدقة لأعضاء قيادة العراقية، حتى أن العديد منهم كان يبدو في بعض المواقف وكأنه جاء فقط ليقول أن أميركا وإيران تدعمان المالكي ويذهب، مهما كان الموضوع أو السؤال المطروح بعيداً عن تلك النقطة، وخاصة في المقابلات التلفزيونية.

وكتبت الكثير من الأخبار بصيغة توحي بتلك الفكرة للقارئ، وسطرت الكثير من المقالات في هذا الإتجاه. لنأخذ مثلاً من مقال نشر في "الجيران" (2) فهو لا يناقش هذا "التوافق" الأمريكي الإيراني على ابقاء نوري المالكي رئيسا للوزراء، بل تقفز للقول بأنه "لم يعد مخفيا"، وأن امريكا لايمكنها ان تسحب قوات الأحتلال دون ان تطمئن الى دور ايراني ايجابي منها (!) وأنها بذلك "تحافظ على الأرث السياسي الأمريكي في بغداد ,ومستقبل خططها السياسية والبترولية"(!!). وتقول المقالة: "كل الوساطات والضغوط الأيرانية والأمريكية في سياق الأشهر الستة السابقة حول تشكيل الحكومة كانت تصب لصالح المالكي ولبقاء حزب الدعوة في السلطة." ويريد الكاتب ان يقنع العراقيين بأن السبب هو أن باقي الأطراف، على عكس المالكي، قد تسعى لإلغاء المعاهدة أو تغييرها وهو ما تخشاه واشنطن! متناسياً بأن من يحاول "تعديل" المعاهدة، إنما يهدف إلى إطالتها بالإتفاق طبعاً مع أميركا، وليس تقصيراً لها أو إضعافاً لبنودها!! وتضيف المقالة بأنه ما دامت الإرادتان الأمريكية والإيرانية متوافقتان على الأمر "فان المالكي جالس على الكرسي لسنوات قادمة رغما على انوف الجميع"، وكأن "الجميع" يريد علاوي، لكنه مرغم لقبول المالكي بسبب الضغوط الأمريكية الإيرانية!

 

ويشارك أعضاء العراقية بالمسرحية فيحتجون على أميركا التي تتدخل هذه المرة ضدهم. مستشار القائمة "العراقية" هاني عاشور يتحدث ممتعضاً عن "التدخل الأمريكي ضد قائمته لصالح المالكي" ويؤكد أن الضغوط الخارجية لفرض اسم محدد لرئيس الحكومة المنتظرة "لن تعطيه صفة الوطنية والإستقلال والسيادة وستضعه دائما في موضع الإتهام وأمام غضب الشعب الذي سيناضل من أجل التعبير عن رغباته الوطنية" ، وأن هذا يعد استخفافا بالعراقيين. ويقول "لأن العمل من أجل العراق يكون آخر ما تفكر فيه الحكومة التي ستحاول إرضاء من نصّبها في موقعها قبل كل شيء وإلا بماذا يمكن تفسير الحرص الخارجي على اسم محدد ومحاولة تسويقه رئيساً للحكومة المقبلة تزامنا مع الانسحاب الأميركي إلا كمن يخرج من الباب ويعود من الشباك" . (3)

 

ويقول احمد العلواني ان "جميع الوفود التي اتت الى العراق من الجانب الامريكي  ومن بينهم نائب الرئيس الامريكي  بايدن وجيفري وغيره يدعمون تشكيل حكومة يرأسها المالكي بغض النظر عن الاستحقاق الانتخابي مع شديد الاسف". ولا يفوت القائمة أن تتخلص بطريقها من التهمة التي لاصقتها منذ ان استماتت السفارة الأمريكية بالدفاع عنها، فينقل العلواني عن أياد علاوي تساؤله "كيف يتهمون القائمة العراقية بانها قائمة امريكية وصاحبة المشروع الامريكي وامريكا تتفاوض نيابة عن المالكي وعن حزب الدعوة ".! (4)

 

ويؤكد عضو القائمة العراقية عبد الكريم السامرائي ان "الجانب الامريكي لازال يقف مع المالكي في ترشيحة لرئاسة الوزراء ". (5) لكن من ناحية أخرى يؤكد علاوي للصحفيين عقب اجتماع مع جوزيف بايدن بأن "هناك تطابق في وجهات النظر بيننا وبين الجانب الامريكي." (6)..... "تطابق" وليس "تقارب" أو "إتفاق" !! لحسن الحظ أن رؤوس بعض الساسة ليست من الحجم لتكفي لإخفاء القصص الكبيرة المقعدة، فتتسرب هذه من فتحات أفواههم..

 

هل يعقل أن تفضل أميركا المالكي على علاوي؟ لكي نعرف، ينبغي أن نسأل: ما هي الأجندة الأمريكية في العراق؟ في تقديري أن الهدف الأول للولايات المتحدة حالياً هو البقاء عسكرياً في العراق والسيطرة على آلية أنتخاب السلطة فيه، وتأمين القدرة على تغيير الحكومة متى ما أفلتت الديمقراطية من حدودها المرسومة. وقد اختارت أميركا "الأمن" والجيش لذلك، لأنه الجزء الأكثر صعوبة على الديمقراطية، وهي طالما اعتمدت على الجيش للجم الديمقراطية في البلدان التي تحتلها أو تكون لها فيها سلطة ما، كما حدث في دول أميركا اللاتينية، شيلي، تركيا، اليونان، وغيرها. أما البقاء العسكري فلا يجب أن تعني تصريحات الساسة الأمريكان المتكررة عن الرغبة بالإنسحاب، فمن يريد أن ينسحب سيقول أنه يريد ذلك ومن يريد البقاء سيقول أيضاً أنه يريد أن ينسحب، ثم يأتي بحكومة ترجوه البقاء، فيبقى. وهذا ما يريده الأمريكان حالياً: حكومة ترجوهم وتلح عليهم للبقاء لكي يظهروا بمظهر المتفضل وليس المحتل، وحتى فرض شروط أفضل.

 

وفي الوقت الذي يتحدث فيه أعضاء كتلة دولة القانون عن بقاء القوات الأمريكية بالنفي غالباً، وبحذر أحياناً ، يتسابق أعضاء العراقية للحديث عن ضرورة طلب بقاء الأمريكان وعدم جاهزية الجيش العراقي، فأياد علاوي يلوك هذا الكلام حتى وهو يتبرع بالدم،(7) ومن آخر التصريحات جوابه على سؤال دير شبيغل: أعلن رئيس الأركان العراقي، اللواء زيباري، أن الجيش العراقي لن يكون جاهزاً قبل العام 2020 وأنه يجدر بالأميركيين البقاء في البلاد؟ أجاب علاوي: أنا أتفق معه. قد يستغرق الأمر 10 سنوات أخرى.! (8)

وقبل فترة قصيرة وفور عودته من زيارة مثيرة للتساؤل إلى واشنطن، بادر طارق الهاشمي بالقول لـ "الشرق الأوسط" "يجب أن يكون انسحابا مسؤولا وبشكل جيد، إذ لا نريد أن نترَك بفراغ أمني،...ويجب أن نستعين بأصدقائنا." (9)

 

 

ويتعدى أياد علاوي الحديث عن السماح للأمريكان بتمديد بقائهم إلى البحث عن الحجج لإتاحة الفرصة لأميركا للتدخل المباشر وفرض الحكومات، فيقول: "بصراحة بعض الجهات تقول انها لا تريد تدخلا اجنبيا لكن العراق ما يزال تحت الفصل السابع". (10)  واضعاً العراقيين أمام الأمر الواقع ودون أن يعي، مثيراً كراهيتهم واحتقارهم له!

 

أما عن النفط، الموضوع الخطير الآخر في الحسابات الأمريكية لحكومة العراق، فلا ينافس علاوي في موقفه إلا لصوص كردستان، ولو أتيح له وللإدارة الأمريكية حين كان رئيساً للحكومة لخصخص النفط والإقتصاد العراقي برمته لصالح الشركات، فقد أقترح حينها مبادئ لقانون نفط يشمل “إنهاء التخطيط المركزي وهيمنة الدولة على الاقتصاد” وحث “الحكومة العراقية لتتوقف عن إدارة عمليات قطاع النفط”! (11)

 

لم يتح لعلاوي أن يثبت إخلاصه في قانون النفط، لحسن الحظ، لكن الأمر كان مختلفاً في جهوده الأخرى من أجل أميركا. ففي عام 2008 كتبت مقالة بعنوان "دور علاوي في فقدان سيادة العراق على العمليات العسكرية ووجوده تحت الفصل السابع" (12) أشرت فيها إلى معلومات موثقة بأن فرنسا والمانيا والصين كانت تريد وضع حق فيتو للحكومة العراقية لرفض العمليات العسكرية في العراق متى شاءت تلك الحكومة، إلا أن  علاوي عارض الفيتو الذي طلبته هذه الدول للعراق (13) و "طالب ان تكون هناك قوة (متعددة الجنسية) وبقيادة الولايات المتحدة الاميركية ومن دون (فيتو) بل تحت صيغة التعاون والمشاورة"! (14)

كيف تتخلى أميركا عن شخص مستعد للتضحية بكل شيء من أجلها وتنفيذاً لخططها؟ هل يتخلى إحتلال عن هذه الثروة من هذا الشخص وأمثاله؟ الأحداث القريبة الماضية تقول "لا".

 

فقد ساندت السفارة الأمريكية بكل قوة قائمة علاوي في فترة الإنتخابات، ليس في التزوير فقط وإنما في صراعاتها مع هيئة المساءلة والعدالة وغيرها. فكشف الهاشمي بعد اجتماعه مع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون "ان الحكومة الامريكية قلقة جدا من الاجراءات غير القانونية التي اتخذتها هيئة المساءلة والعدالة لاستبعاد شخصيات من المشاركة في الانتخابات التشريعية" . (15)

 

وعندما قررت الهيئة التمييزية قرارها الفضائحي بعدم اتخاذ قرار بشأن الممنوعين من الترشيح، بحجة ضيق الوقت، وقفت السفارة رأس حربة في صراع العراقية مع الهيئة التي خضعت للضغوط غير المعتادة، فذكر محمود عثمان عضو التحالف الكوردستاني ان ضغوطات امريكية واوربية وعربية ومن الامم المتحدة ساهمت بقرار الهيئة التمييزية بالغاء قرارات هيئة المساءلة والعدالة بابعاد عدد من الكيانات والمرشحين.(16)

ويحتار السفير الامريكي لدى العراق كريستوفر هيل في الدفاع عن قرار الهيئة التمييزية المشبوه، التي وضع نفسه محامياً لها وناطقاً يشرح أسبابها بتأجيل النظر في المشمولين بالاستبعاد من الانتخابات، وكيف أن الوقت لم يعد يكفي لإصدار الأحكام، ويتحول إلى نصح الكتل العراقية بالإهتمام بشرح برامجهم بدلاً من متابعة الهيئة.(17)

واكد المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة علي فيصل اللامي الذي قال ان ممثل هيئة المساءلة القانوني شاهد بأم عينه ممثلين عن السفارة الامريكية داخل الهيئة التمييزية ويمارسون ضغوطاً عليها وانهم مواظبون على الدوام هناك ، واصفا اياه بالخرق الدستوري والقانوني (15)

وذكر تقرير أميركي بصراحة أن قضاة هيئة التمييز، طبقوا بشكل كبير المبادرة التي طرحها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، بتأجيل قرار المساءلة لما بعد الإنتخابات البرلمانية.

واشار التقرير إلى أن الهيئة التمييزية لم تجر أي تعديل على ما تحدث به بايدن مع الزعماء العراقيين، مما يثير الشكوك حول مدى استقلالية هذه الهيئة وتعبيرها عن رغبة الشعب العراقي.

ووصف قرار الهيئة بأنه تأثر الى حد كبير بوجهة النظر الأميركية، وكان على اعضاء أن يأخذوا بالحسبان موقف الاطراف السياسية من مبادرة بايدن، لكي يتوقعوا كيف ستكون ردة الفعل أمام قرارهم. (18)

أي أن التقرير كان يقترح على الهيئة إجراء ولو تعديلات شكلية من أجل تقليل الشكوك، لكن الهيئة كانت قد استسلمت للضغوط الشديدة (رشاوي هائلة؟ إبتزازات مخيفة؟) بحيث أنها لم تجرؤ على تغيير كلمة لبايدن!

 

وحين جرت الإنتخابات أخيراً وقفت السفارة الأمريكية مع أياد علاوي في واحدة من أكبر عمليات تزوير الإنتخابات، ثم بعد افتضاح الأمر وقفت بكل قوة معه ومع رفاقه في اعتراضهم على محاولات كشف التزوير.

قال الدنبوس أن مصيبة العراق تكمن في "إعادة العد"، وأن الحل في "احترام نتائج الانتخابات". (19)

وقال حينها عمار الحكيم ، الذي انقلب إلى جانب العراقية في ليلة ضلماء، "ان عملية الفرز اليدوي التي يراد تحقيقها في البلاد تحمل في طياتها العديد من المخاطر"، (20) رغم أنه قد يستفيد من إعادة العد، لكن أمره لم يكن بيده،  وكان النجيفي يقول أن إعادة الفرز في بغداد قد تؤخر العملية السياسية سنة! (21)

و الملا يصف "أعادة العد" بأنها "مؤشر خطير"، وستجعل شرعية الانتخابات على المحك. (22)

أما ظافر العاني فجعلها مسألة شرف وقال أن اعادة فرز الاصوات " علامة سوداء في جبين القضاء العراقي" (23)

حينها ساند السفير الامريكي كريس هيل، المعترضين على إعادة العد بشكل شبه مباشر فقال أنه "قلق بشأن المدة التي يستغرقها الساسة العراقيون في التصديق على نتائج الانتخابات"،(24)  و وقف جو بايدن بوجه إعادة العد بوضوح وشراسة قائلاً أن الإنتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من آذار هي انتخابات نزيهة وان الولايات المتحدة تعارض اي جهد غير قانوني لتغيير النتيجة.! (25) وبالفعل أكد الهاشمي ، بعد محادثات له مع الرئيس الاميركي باراك اوباما ونائب الرئيس جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، "ان دولا اجنبية من بينها الولايات المتحدة ربما لا تعترف بنتيجة الانتخابات!. (26)

وحين فشلت كل تلك المحاولات في فرض علاوي، بادر السفير الأمريكي السابق في العراق زلماي خليل زادة باقتراح لـ "تقاسم السلطة زمنياً".(27)

 

أين ذهب كل هذا الإنسجام ولماذا انقلب فجأة ، وصارت امريكا لا تريد علاوي؟ لماذا؟ ما الذي حدث؟ هل انقلبت جهود  شركات الترويج (اللوبي) (28) التي كلفها علاوي بحملة "تشويه سمعة" ضد المالكي في أميركا على صاحبها؟

 

إنها قصة ممتعة بلا شك، أما الممتع الأكبر فهو رد فعل دولة القانون نفسها، فهي نفسها تبدو كمشاركة للحملة التي تهدف إلى تشويه سمعتها بربطها بجهة سيئة السمعة لدى الناس، دون أن تعي ذلك، وتلمح في تصريحاتها بتصديق الخبر، وبالتالي بأنها ستتولى الحكم بإرادة أمريكية وليس شعبية!

ولم تفت عضو القائمة العراقية كاظم الشمري الإشارة إلى أن "أعضاء دولة القانون هم من صرح بأن المالكي يحظى بدعم إيراني ودعم أمريكي" وقال "هذه أطروحة جديدة لم تحصل منذ عام 2003 حتى هذا اليوم، وهي أن يتفق الامريكيون والإيرانيون على مسالة معينة، وتتعلق بالعراق" (29)

 

يصدّق قيادي القانون عزت الشابندر الرواية الغريبة بالدعم الأمريكي للمالكي، لكنه  يتعامل ببعض الحذر في معنى هذا "التأييد" وما قد يفهم منه، فيقول "أن التأييد الأميركي أمر لا يسعدنا ولا يزعجنا عكسه أيضا، لأن المسألة تتعلق بـ"خيار وطني خالص"." (30) لكن القيادي الآخر على الاديب لا يخفي سروره وينبري لتقديم تفسيره جواباً عن سؤال صحفي لتغيرموقف ايران واميركا لصالح ولاية ثانية للمالكي ... وهل قدم تنازلات لهم ام ماذا؟ ، قال:.. الاسباب تعود لان المرشحين الموجودين في الساحة  قليلين جدا وهما رأوا ان المتاح هو هذا  وان المقاييس التي اعتمدت وفق الكفاءة ومسك زمام الحكم  تنطبق على المالكي بأعتبار ان الوضع في العراق قلق ويحتاج الى من يقوي وضعه ويبعث فيه روح الاستقرار .. وبالنتيجة فأن الاسماء المطروحة ليس اكثر من ثلاثة  لهذا صار الاجماع  للمالكي لانه خاض تجربة ونجح بها واستطاع ان ينقل العراق من حالة الفوضى الامنية الى حالة الاستباب الامني والان لديه مشروع اخر وهو الاستمرار في عملية التنمية وتنشيط الاقتصاد وامتصاص البطالة وبالتالي لم يوجد شخص اخر بالمشاهدة اليومية والتجربة قدم هذه الانجازات. " (31)

 

يحتاج المرء إلى الكثير من الجرأة ليتحدث عن الإستتباب الأمني في الفترة التي تكاثرت فيها الإنفجارات. وهل كان مطروحاً في الساحة كثيرين قبل أسابيع، حين استماتت السفارة ضد المالكي؟ وأين هي  "ألإنجازات" التي قدمها المالكي وأذهلت أميركا ؟ إن من يريد أن يصدق نفسه لن يعدم تأليف الحقائق اللازمة!

ويحتار القيادي الآخر في ائتلاف دولة القانون علي العلاق كيف يتعامل مع أخبار "الضغط الامريكي من اجل تولي المالكي" فيضع جملاً عامة وأحاديث عن "الإنجاز الوطني" في جمل غير مفيدة ليس لها أول أو آخر.(32)

 

لا يملك المرء إلا أن يتساءل أيضاً: إذا أرادت أميركا حكومة قريبة من إيران كما يقول هؤلاء، فلماذا لا تختار عادل عبد المهدي بدل المالكي؟ فهو مستعد لكل شيء تقوله أميركا كما برهن في الماضي، وفي نفس الوقت فمن المعروف أن إيران تريده هو أو أي من المجلس الأعلى أكثر مما تريد المالكي؟

 

عندما تريد النفس أن تصدق الأماني، تكون قادرة على تجاوز كل عقبات المنطق المزعج وتستطيع أن تنسى كل الحقائق التي تقف في طريق تمتعها بالوهم مهما كانت قريبة وواضحة، فيتحول السفير الذي وصلت استماتته ووقاحته حداً يجعلك تطالب باستدعائه (33) و تهدد بطرده لأول مرة في تاريخ العراق المحتل، (34) إلى صديق متعاطف معك ويسعى إلى دعمك ضد أفضل خياراته السابقة، ودون أن يتغير أي شيء في الساحة السياسية يفسر هذا الإنقلاب العجيب، ولكن الجميل كالحلم، كالوهم! 

 

لكن لماذا تتظاهر أميركا بالتودد إلى المالكي إن لم تكن صادقة في ذلك؟

ليس التودد والتقرب أمام الناس إلى من تنوي التخلص منه أمراً غريباً، فهو يبعد شبهة الجريمة القادمة عنك، أو هذا ما يؤمل من تلك الحركة. حين أراد صدام التخلص من وزير دفاعه وأخو زوجته عدنان خير الله فأنه دعاه، ولأول مرة، إلى سفرة عائلية في الحبانية، عرضت في التلفزيون، لكي يرى الناس كم هي العلاقة حميمة وودية بين صدام  وعدنان. حين عرضت السفرة في التلفزيون بالبث المباشر على ما أذكر، أحس المرحوم عمي العميد مفلح الراوي باللعبة، وقال أن عدنان لن ينجو من هذه الحركة، وبالفعل كان ذلك، وأسقط "القدر" طائرته!

 

لقد كانت حركة صدام كذبة مكشوفة، ولا أرى حركة الولايات المتحدة مع المالكي إلا شديدة الشبه بها. ففي الوقت الذي لم تكن لتلك الحركة مناسبة أو سوابق تبررها، فأن ليس لحركة أميركا أي شيء يفسرها، وكل الحسابات تشير إلى كذبة كبيرة منسقة على مدى واسع جداً، وهو ما يجعل الأمر مقلقاً فعلاً.

 

في الجزء الثاني من هذه المقالة سنتحدث أكثر حول تفاصيل وأسباب الإغتيال أو التخلص من المالكي، والسيناريوهات الأفضل للولايات المتحدة.

 

(0) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/24malki.htm

(1) http://www.aknews.com/ar/aknews/4/84889/?tpl=print.tpl

(2) http://aljeeran.net/iraq/16110.html

(3) http://sotaliraq.com/~sotalira/articlesiraq.php?id=71685

(4) http://aljeeran.net/iraq/16110.html

(5) http://alseyasa-iq.com/news.php?action=view&id=2066

(6) http://aliraqiah.com/ArticleShow.aspx?ID=915

(7) http://www.albadeeliraq.com/article3313.html

(8) http://aliraqiah.com/ArticleShow.aspx?ID=922

(9) http://aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=11392&article=555954&feature

(10) http://www.alraynews.com/News.aspx?id=275599

(11) http://www.safsaf.org/01-10-2006arttikl1/book_iraqi1.htm

(12) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/18alawi.htm

(13) http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=53756

(14) http://pukmedia.com/index.php?option=com_content&task=view&id=9184&Itemid=25

(15) http://radionawa.com/ar/NewsDetailN.aspx?id=75554&LinkID=109

(16) http://www.araahurra.com/haberler/haber.aspx?dil=2049&metin=201002052

(17) http://www.almalaf.net/default.asp?mode=more&ID=87482&catID=1

(18) http://iraqshabab.net/index.php?option=com_content&task=view&id=31624&Itemid=1

(19) http://www.yanabeealiraq.com/news_2010/n30041005.htm

(20) http://www.yanabeealiraq.com/news_2010/n30041011.htm

(21) http://www.annahar.com/content.php?table=main&type=main&priority=10&day=Tue

(22) http://rmiraq.com/news/policy/8034.html

(23) http://rmiraq.com/news/policy/8034.html

(24) http://www.yanabeealiraq.com/news_2010/n29041006.htm

(25) http://iraqshabab.net/index.php?option=com_content&task=view&id=33681&Itemid=1

(26) http://qanon302.com/news.php?action=view&id=6217

(27) http://www.nahrainnet.net/news/52/ARTICLE/15042/2010-04-11.html

(28) http://www.prwatch.org/node/6377

(29) http://almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=18186

(30) http://almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=18161

(31) http://www.qanon302.net/news.php?action=view&id=1610

(32) http://www.warvin.org/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=1913

(33) http://radionawa.com/ar/NewsDetailN.aspx?id=76213&LinkID=109

(34)  http://al-iraqnews.net/new/siaysiah/53694.html

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1512 الجمعة 10/09/2010)

 

 

في المثقف اليوم