أقلام حرة

الشاعر العراقي المغترب بهاء الدين البطاح في ذمة الله / قاسم ماضي

والشاعر المذكور، خاض في في موضوعات عدة حيث صدرت للمؤلف العديد من الدواوين الشعرية والكتب النقدية منها الطلسم / الوصايا  /  الظهورالمقدس / الإستقراء / نبي ضال  / الفكر الإرهابي / الإسقاطات في المبادئ والديانات / إشارات / المرأة / يذكر أن الشاعر البطاح كان قد شارك في الأمسية الشعرية التي نظمها المركز الثقافي العراقي في واشنطن الى جانب عدد من الشعراء العراقيين وذلك في مستهل تدشين فعاليات المركز ، كما أنه يتمتع بخبرة كبيرة في مجال الكومبيوتر حيث صمم العديد من المواقع الألكترونية

وله موقع خاص به على شبكة (النت) بعنوان أنكيدو، ولعل وجوده وحيدا ً في صالة غسل الأموات في منطقة ( الساوثفيلد ) بإستثناء رفيقة دربه وأم طفله الوحيد ورفيق غربته الفنان التشكيلي سلام القلعاوي جعلني أدرك أن الراحل اعتزل الناس منذ مدة وانصرف إلى عالم آخر وكأنه ينعي نفسه قبل أن ينعيه الأصدقاء والذين ترك لهم بعض ملامح من شخصية إنسان، لقد فاجأني خبر رحيله في هذا الصباح الخريفي الذي ما فتأت صفرة أوراقه تخيم على المكان كمن يمهد لتساقط هادئ، أستهل بسقوط ورقة شاعرنا الراحل، فلم يمض سوى بضعة أيام عن آخر زيارة قمت بها له بصحبة الشاعر صادق العلي حيث كنا نتحدث عن مشاريع مستقبلية، فما عساي أن أقول في رثاء قمر سقط على حين غرة، وجسد نحيل إمتصت رحيقه سنوات الغربة وهو يتنقل من منفى لمنفى حتى أصبح في آخر وهلة لا يقوى على الوقوف إلا بوجود عكازه، وروح مضت إلى بارئها .

لم يدر بخلدي يوما ً أن أسطر كلمات عن حالة رثاء، بيد أن النهايات المفاجئة التي حلت بأحبابنا في العراق وهم يُلتهمون بعربات الموت ورصاص الدخلاء، فتحت أمامي قاموس الرثاء حتى تأملت معانيه، وأني حينما أنعي شاعرنا الراحل في لحظة الوداع الأخير، إنما أنعي ذلك الإنسان النبيل المعتزل الرافض في رمقه الزمني الأخير لوجوه الناس أو الإختلاط بهم في نزعة نفسية هي أقرب للإحتجاج منها إلى الجحود وللتأمل أكثر منها للجفاء في نزعة أخذت آخرين غيره إلى إقفال باب العزلة على أنفسهم والمضي في عالمهم الخاص في إعلان كبير صامت أو لنقول إحتجاج معلن بالتوقف قبل الإستسلام الذي لا مفر منه للنهايات الأكيدة، وهو بذلك شأنه شأن الكثير من مبدعينا العراقيين الذين غيبهم الموت وهم في أوج حالات التوق لرؤية وطنهم معافى من أدران السياسيين الذين بأنانيتهم وفسادهم قاد البلاد والعباد للموت، فكانت الحسرة هي آخر ما يلفظ به العراقي أنفاسه وهو يغادر إلى ملكوت السماء بعد أن قتلوا فيه ربيع الحياة وخنفقوا في داخله أنفاس الفجر .

 

قاسم ماضي - ديترويت

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1533 السبت 02/10/2010)

 

في المثقف اليوم