أقلام حرة

على هامش خبر إقالة الجلبي عن هيئة المساءلة / مصطفى كامل الكاظمي

 ولم يكتف الجلبي بذلك بل استنفر امكاناته ليكون من المبادرين الى حلبة النزال السياسي في عراق 2003 ضد البعثيين فتفرد او كاد بالتوجه للقضاء على اخر بعثي عراقي في العراق فيما لو منح الصلاحية والجو المناسب مشفعاً بالاكثرية الساحقة من ابناء الشعب الراغبة باجتثاث البعث وتنشيف عروقه وقد شاهد العالم عبر الشاشات الحية انتفاضتهم ضد تماثيل ومؤسسات وصور صدام ومقرات البعث في اغلب مدن العراق عام 2003.

 في الوقت نفسه، ومع ان العملية ليست بالهينة في ظل التقاطعات والتجاذبات السياسية داخل المكون الرسمي وشبه الرسمي العراقي الجديد، لكنها ممكنة جدا وربما السنوات الثمانية كانت كافية لتنظيف كوكب الارض من شراذم وبقايا البعث العفلقي الصدامي الذين بدأوا يسحبون انفاسهم بمسميات الشراكة الوطنية والاحتماء خلف بعض توجهات الفعاليات السياسية المنغمسة بالإنية والانانية حتى ارتفع صوت زفير البعثيين وشهيقهم منذ عامين تقريبا وهم في اطراد استقوائي ينذر بالخطر الاكيد على العراق.

 المؤشرات العراقية تثبت ترهل الحالة الادارية الرسمية في البلاد بصورة واضحة في وزارة الحكم الحالي حتى باتت تصفية العناصر الوطنية واستبدالها بجشع البعثيين العائدين وبمن نط لهم رأسٌ خلال السنتين المنصرمتين. وبالالتفات الى ما كاد الجلبي ان يحققه في مشروع الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث بشكل تام والذي نهض في 2005 بموجب الدستور، اذ لولا تهافت كبار الساسة وزعامات الكيانات على الظفر بالمراكز الحكومية والحقائب السياسية لمنتسبيهم وقد فهموها- غباءاً- أنها حقائب مستنفرة من ايديهم ما لم يضعوا اليد بيد البعثيين ومن يوالي عودة البعث. ومن دون الحاجة الى تشخيص السياسي المخطئ بمسألة انهاء مشروع الجلبي الاجتثاثي، وبعيدا عن ذكر ارقام تورطهم بجنايات كبيرة ضد رغبة الشعب الذي انتخبهم واوصلهم الى ما اتخمهم ماليا وأنساهم ظروفهم التعيسة السابقة، اضافة الى تمردهم على مبادئهم وشعاراتهم التي رفعوها قبيل نصب صناديق الاقتراع الانتخابية، يأتي على رأس تلك الشعارات [لا عودة للبعثيين] ومن ثم تركيز دعايتهم الانتخابية لتثبيت النظام الديمقراطي بعيدا عن البعث والعبث بمقدرات وثروة العراق.. نشاهد بوضوح نقيض هذه الشعارات: فالبعث بفضل النزاعات السياسية وعقول الاستئثار بمدة اطول في الحكومة، وتسوية حسابات عتيقة، قد عاد للواجهة الرسمية الحاكمة في البلاد.

 من هنا وبرغم تضارب الانباء، نتفهم خطورة إعفاء الدكتور الجلبي من رئاسة هيئة المساءلة والعدالة تماما كما عفي التراب على مشروع اجتثاث البعث من قبل. ولن نقول "اذا غاب القط إلعب يا فار" لان الرجل الداهية معروف بعدائه لحزب البعث ومن خلال السنوات الثمانية الاخيرة في العراق أثبت انه نمرٌ قويٌ ضد البعث، ولن يسكت.

 واذا ما تصورنا سلبيات الموازنة السياسية التي ترغب بها مراكز القرار الدولي في العراق، مع رغبة طوق الجوار الجامحة في القضاء على ديمقراطية العراق، وما يحصل في المنظومة العربية من وعي ونهضة ضد المتراكم الحكومي الفاسد بنظرته الحاقدة على الحالة الديمقراطية التي ابتدأت بالعراق، نستعلم السبب الحقيقي الذي يقف وراء اغتيال وتصفية رجل العراق الوطني علي اللامي- المدير التنفيذي للهيئة- نهاية الشهر الماضي والذي رسم على منضدة الرمل محطات تخزين البعثيين وحدد مراكز النفاق السياسية في الحكومة والبرلمان، ومن ثم سندرك دوافع إقالة وطرد الدكتور الجلبي من رئاسة الهيئة المتتبعة لاثار البعثيين والمفسدين في العراق فقد شملت هيئة المساءلة والعدالة فقط في العال الماضي اجتثاث 376 ضابطا كبيراً بينهم 20 قائداً اقلهم مدير الاستخبارات العسكرية.

 ملبورن- الكاظمي 2011

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1786 الاحد: 12 / 06 /2011)

 

 

 

في المثقف اليوم