أقلام حرة

قنبلة الشيخ أحمد الكبيسي بوجه معاوية بن أبي سفيان / مصطفى الأدهم

وفرعه السني بشكل خاص. وذلك بأنتقاده الصريح لمعاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية. حيث قال الدكتور الكبيسي في برنامجه "واخر متشابهات" من على قناة "دبي" الفضائية:

"والله العظيم مصبية هذه الأمة في معاوية"، "كيف يمكن أن تكون مواليا لعلي وقاتله؟ وللحسين وقاتله؟ ما يصح يا ولدي..".  واستنكر أن يصف البعض معاوية ب "سيدنا"، وختم رده قائلا للمتصل "اللهم أحشرني مع علي، وانت .. الله يحشرك مع معاوية".

 

كنت قد شاهدت المقطع الذي ذكر فيه الشيخ الكبيسي رأيه بمعاوية. وبصراحة استغربته. لجملة من الأسباب:

أولا، لأنه لم يسبق للرجل أن تطرق تلميحا إلى هذا الموضوع من قبل، ما يخفف على المتلقي "الصدمة".

ثانيا، للمكان خصوصيته، فالرجل يتكلم من على شاشة قناة خليجية.

ثالثا، كان الشيخ صارما، راسخا ومندفعا في رأيه في معاوية.

بمعنى أنها لم تكن زلة لسان منه. بل من يشاهد المقطع يخرج بانطباع، بأن الرجل قال ما قاله عن سابق اصرار وترصد. ولم يخجل من الأمر، كما غيره. بل وكان على علم مسبق بردة الفعل التي سيثيرها رأيه - وهو ما ظهر بشكل جلي خلال ردوده على المتصلين المخالفين لرأيه.

وما اصراره عليه، حتى بعد الضجة الكبرى التي أحدثها إلا دليل على قناعة يبدو أنها ترسخت عند الرجل، مستخلصة من قراءاته.

 

رأي الشيخ الكبيسي يخالف ما يمكن اعتباره الإجماع السني (المقضود الجانب الفقهي هنا) المعلن عن معاوية فيعده "صحابيا، وكاتبا للوحي" واحيانا "اميرا للمؤمنين" - "له ما له وعليه ما عليه". في الوقت نفسه يقترب رأي الكبيسي بشكل كبير من الرأي الشيعي. وهو ماجعله مرمى لسهام الإتهام ب"التشيع".

فكلام الرجل وتفسريه واحتجاجه المنطقي ضد معاوية ومن يقدسه يتماهى بشكل ملفت مع التقليدي من المحاججة الشيعية أن صح التعبير.. من قبيل ألإختيار بين الإمام علي، وخصمه وعدوه معاوية، وبين الإمام الحسين وقاتله يزيد، فلا يمكن عقلا الجميع بين الأثنين أو موالاتهما. خصوصا وان احدهما قاتل للأخر. ناهيك عن ان آل البيت أكبر من المقارنة أو المفاضلة مع هذا وذاك من الصحابة، فكيف بالطلقاء والمؤلفة قلوبهم.

 

أن التمسك "السني / الفقهي" بمعاوية ويزيد بالذات يعقد كثيرا من مسألة التقارب بين السنة والشيعة. كونهم خصوم وقتلة أهل البيت الذين هم  سادة للامة جمعاء ويفترض ان لا يكونوا حكرا لطائفة دون اخرى، وفي ذات الوقت هم كبار كبار الصحابة. ولا يمكن عقلا ولا حتى منطقا أن يكون القاتل والمقتول في الجنة وينعمان برضوان الله ! - أين العدالة في ذلك ؟ 

كما لا يمكن فهم لماذا يتمسك البعض بتقديس معاوية ويزيد بالذات وسيرتهما معروفة في كتب التاريخ وما يسمى بالصحاح. يعني من يقرأ في هذه الكتب سيشيب شعر رأسه مما قيل ذما فيهما نتيجة لما اقترفاه من جرائم وفظائع بحق الإسلام والمسلمين؛ ليس أقلها هدم الكعبة، واستباحة المدينة، وقتل أهل البيت، ومحاربة الإئمة، واغتصاب الخلافة، وتوريثها كسروية، وقتل الصحابة، واستباحة المدينة، واغتصاب الصحابيات والتابعات من بناة الصحابة والتابعين ناهيك عن سبي نساء البيت النبوي الشريف في سابقة لم تحدث لا من قبل ولا من بعد، أن تقوم أمة بقتل أبناء نبيها وسبي نسائه ومن ثم يقوم من يدعون أنهم أتباع دين هذا النبي بالتبرير تارة والتزوير تارة لجرائم القتل والسبي والإعتداء على عائلة من يفترض أنه نبيهم. بل وصلت الوقاحة بالبعض أن يتهم آل البيت بأنهم يستحقون ما وجوهوا به من اجرام آل أبي سفيان و ال مروان و ال العباس. 

 

أن رأي الشيخ الكبيسي الجديد هو بمثابة قنبلة نوعية فجرها في الوسط الإسلامي، لأنها خرجت عن المألوف خصوصا في الوسط السني. وتجاوزت الحواجز الطائفية، والمحاذير الإجتماعية، والحسابات المذهبية، مستفزة الرأي العام، واهل العلم.

عليه، ستكون مادة خصبة للتجاذب وتصفية الحسابات الداخلية بين أجنحة المذهب الواحد ناهيك عن مذهب واخر.

سيحسب للكبيسي أنه أول من خرج على السائد وتمرد عليه، محترما عقله وما قرأه والذي يمكن لأي مهتم قرأته والإطلاع عليه بنفسه. 

تحكيم العقل واحترامه.

عدم اهمال المنطق.

نقاط مهمة تسجل للكبيسي هنا. خصوصا، وانها من المحرمات عند السلفية بشكل خاص. بل تعد من المحظورات.

يا ريت لو يبدأ نقاش علمائي، عقلائي منطقي وبصدر رحب وعقل مفتوح وبلا عصبية للأفكار التي طرحها الشيخ الكبيسي لأنها جديرة بالإهتمام ويمكن لو تم الإتفاق عليها بين المذهبين أن تشكل نقلة نوعية في طريق التقارب بينهما.

 

مصطفى الأدهم

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2080 الاربعاء 04 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم