أقلام حرة

القضية الكردية والأستاذ مسلم السرداح / مصطفى الأدهم

وبالطبع هناك ما اتفق واختلف فيه معهما. لكني، في نفس الوقت احترم وجهات نظرهما، ورصانة الحوار الذي اداراه.

واليوم، وخلال تصفحي لل"مثقف" عرجت على مقالة الأستاذ الأديب القدير مسلم السرداح، الموسومة ب"المشكلة الكوردية والدكتور سامان سوراني". وايضا اختلف واتفق مع الأديب السرداح فيما طرحه.

ما يهمني هنا هو جزء من ما ورد في مقالة الأستاذ السرداح - لأن فيه تعميم ومغالطات - أعتقد أنه لا داعي لها. لأن الواقع يفندها أولا.. ولأنها لا تليق أن تصدر من قدير بمقام الأديب السرداح ثانيا. مع الأخذ بعين الإعتبار انني هنا، لست بصدد مناقشة رأي الأستاذ السرداح، أو الدكتور سوراني، أو الأستاذ فرج.. رأيهم محترم.. سواء اتفقت أو اختلفت معه.. جزئيا أو كليا.

 

أكثر ما استوقفني في مقالة الأستاذ السرداح التالي:

"لأن الدولة العراقية لو تعرضت إلى هجوم فلن تدافعا عنها (أقصد أنتم الأكراد). لأنكم تكنون كرها للدولة العراقية ولروح الوحدة مع الجنوب. حتى انكم نتيجة كرهكم للعرب تكرهون حتى زراعة النخيل لأنه رمز لجنوب العراق العربي. ولديكم تجربة مع صدام حسين، بهذا الصدد الذي سرحكم من الجيش بعد أن لمس عدم اندفاعكم بالدفاع عن العراق وعدم انضباطكم في الجيش وذلك في العام 1984 . 1985 أثناء الحرب مع ايران.".

"... وبالمناسبة فأنتم لا ترغبون بان يسميكم أحد الكرد وتصرون على الكرد لأن الأولى بالذمة العربية والثانية بالواو الكردية".

بالإضافة إلى "فلا خير يرتجى ممن تربى على الحقد وكره الدولة العراقية والعرب". 

 

هنا أحب لفت العناية للتالي:

1. الأستاذ السرداح افتتحت مقالته بإهدائها إلى الدكتور سوراني ومن اسماهم "دعاة الإنفصال" - وهذا يعني أنه يخص بها مجموعة أو نخبة متوافقة على رأي. لكنه انزلق من حيث يقصد أو لا يقصد إلى مسألة التعميم على شعب بأكمله ! وهذه مغالطة موضوعية، لأنها:

 أولا: تتناقض مع "خصوصية" الافتتاحية. وثانيا: لا يمكن تلبيس شعب ما رأي أحد افراده أو نخبة منه، سواء أكانت سياسية أو ثقافية (بغض النظر عن الإتفاق أو الإختلاف الكلي أو الجزئي مع رأي هذه النخبة) - وهذا المطب لم يقع فيه الأستاذ فرج لأنه حصر نقاشه مع الدكتور سوراني ومن يشاطره الرأي.

أن قصر رأي شعب بأكلمه على رأي فرد من افراده الغاء لصفة التنوع الطبيعية الملازمة لفطرة الشعوب. 

2. أن أتهام الأستاذ السرداح للشعب الكوردي بأنه لم يدافع ولن يدافع عن الدولة العراقية في حال تعرضها للهجوم يجافي كل من التاريخ والواقع.

يكفي أن أذكره بالكورد الذين قادهم المرحوم الشيخ محمود الحفيد في الإنتفاضة ضد الإحتلال البريطاني في جنوب العراق بالتعاون مع اخوانهم أبناء الجنوب والفرات الأوسط والذين كانوا بقيادة المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف. هذه واحدة.

الثانية: أن كبار ضباط الجيش العراقي أبان العهد الملكي كأنواع كوردا.. ومن بينهم المرحوم الفريق بكر صدقي.. وهو بالمناسبة ليس الأول ولم يكن الأخير. 

الثالثة: نضال الشعب الكوردي ضد الصدامية الفاشية - هو بحد ذاته دفاع عن العراق واهله، كما هو دفاع عن القضية الكوردية. لأن الصدامية الفاشية هي ضرب من ضروب العداون. بل هي اشرس احتلال عرفه العراق.

الرابعة: لا يمكن بأي حال الغاء الوجود الكوردي في الحرب العراقية - الإيرانية، لأن فيه ما فيه من تجاوز على حرمة دماء وجراحات أسر عديدة.

الخامسة: أن الكورد الفيلية ضحوا من أجل العراق، ونالوا ما نالوه بسبب عراقيتهم، وكورديتهم، وشيعيتهم ومحنتهم معروفة. وهم جزء من الجيش العراقي في حينه. 

السادسة: أن البعثية وحلفائهم هم من يعير شيعة العراق بأنهم "لم يدافعوا عن العراق في الحرب مع ايران وانهم يميلون إلى ايران وينعتوهم "التوابين"" - عليه، أنه لمن من المحزن حقا أن يتم الأستشهاد بالمقبور صدام  من قبل أحد ضحاياه (الأستاذ السرداح) لذم الشعب الكوردي. وصدام الذي ابادهم كما أباد أهل أجنواب والوسط. 

السابعة: القصف من تركيا وايران على قدم وساق للعراق (اقليم كوردستان) .. ولم نرى جيوشا تجيش للدفاع عنه. على العكس نرى البعض يشمت للأسف بشعبه ويتمنى أن يسحق الجيش التركي الشعب الكوردي في مفارقة عجيبة لا تقل وحشية عن الصدامية الفاشية وايام علي كيمياوي. 

 

- لو كان الشعب الكوردي يكره الشعب العربي:

1. لغير أبجديته من العربية إلى اللاتينية بشكل رسمي كما هو الحال مع تركيا - الأتاتوركية والإردوغانية.

2. لما تصاهر مع الشعب العربي سابقا وحاليا وسيبقى لاحقا. 

3. لما اتخذ من الأسماء العربية (المذكرة والمؤنثة) أسماء لأبنائه وبناته على مر الأجيال وكما هو الحال.

4. لما أنشأ ساحة بأسم الإمام السيد محسن الحكيم - زعيم الطائفة الشيعية في العالم واقام له تمثالا، عرفانا منه على فتواه الشهيرة. 

5. لما كان للجواهري وهو شاعر العرب الأكبر وجوده الحالي في كوردستان العراق. 

6. ولما كان للكورد شعراء كبار بالعربية سابقا ولاحقا وخيرتهم اليوم في "المثقف" الغراء.

 

أما بالنسبة للضمة والواو فهي ليست بالمعضلة حتى يتهم شعب بأكمله بالعنصرية بسببها. فهذا تستطيح للموضوع أقرب إلى "التحجج" - يا سيدي وما يضير العربية أن كتبت الكورد بالواو! ولماذا لا تعكس الموضوع وتجعله "عنصرية" أن رفضت كتابتها بالواو؟ - "اذا حتى الحرف مستكثر"..

في القران الكريم هناك "يس" والبعض "العربي" يكتبها ب"ياسين" وهو صحيح، لكن هل نتخذ منه حجة للقول بعدم الإلتزام بما ورد في القران الكريم. بالطبع لا.

 

يا سيدي من "تربى على الكره" كما تفضلت لا يفعل ما ورد أعلاه والذي جانبك الكريم عايتشه وتعلمه.. وهو غيض من فيض. أن في تعميمك بأن شعبا بأكمله "تربى على الكره" ظلم كبير واهانة لشعب كامل ولأخلاقه ولا أريد أن أقول أنها عنصرية صريحة لأني أنزهك عنها.

 

أخي الأكرم ليكن الإختلاف في السياسية "بلا حدود"، بين الساسة أو حتى النخب. لكنه في النهاية سيحل على طاولة الحوار - السياسية، وتحت ظل الدستور.

لكل رأيه وهو محترم، مادام في ساحة السلمية.

لكن، لا داعي لأن يأخذ النقاش أو الجدل أو الإختلاف الفكري أو حتى الشخصي بعدا قوميا مجحفا لأنه لا يليق بالمثقف..

 

خاص بالمثقف

 

للاطلاع

 المشكلة الكردية والدكتور سامان سوراني / مسلم السرداح

 

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2127 الأثنين  21 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم