أقلام حرة

المؤتمر القومي الثاني للمرأة الكوردستانية والشرارة التجديدية المعاصرة / سامان سوراني

نهضة ثورية عل? تاريخ الفلسفة الأوروبية والفكر العقيدي المنحاز والمنغلق وقد دشن حملته هذه في المجتمع الغربي وذلك في القرن العشرين أرضاً بكراً للحركة النسوية "الفمنست" بشكل عام والحركة الأكاديمية عل? وجه الخصوص.

في هذا الكتاب يبيّن نيتشه من منطلق النقد التاريخي للفلسفة فشل الفلاسفة في فهم طبيعة المرأة، لذا نراه يعلن بالدعوة ال? قيام جيل جديد من الفلاسفة سماهم بـ "فلاسفة الحاضر" و"فلاسفة المستقبل".

صحيح بأن إنصاف المرأة ظهر مع بروز أنصار الليبرالية عل? الساحة الفكرية أمثال جون ستيوارت مل (1806-1873)، الذي حمل عل? عاتقه مسؤولية إعادة التوازن وإعادة الإعتبار للمرأة، وهي في نظره لا تقل عن الرجل في شيء. وقد ناقش هذا النجم الليبرالي الساطع قضية المرأة في منتصف القرن التاسع عشر في ?تاب تمرّدي تحت عنوان (استعباد النساء)، أدان فيه المباد?ء الوضعية الخاصة التي شكلت من أجل تنظيم العلاقات بين الجنسين.

أما الفلاسفة الكبار أمثال أفلاطون (427-347 ق. م) وأرسطوطاليس (384-322 ق. م) فقد كان لهم الأثر الغير إيجابي البليغ عل? إنماء النظرة السلبية تجاه المرأة في التراث الغربي بشكل عام. فالأول لخص وضع المرأة والثاني قونَن هذا الوضع بنظرياته الميتافيزيقية البحتة، كفكرة "استرجال" المرأة للوصول ال? التساوي (تجاوزا) بعد التخلي عن كل ما يمت للأنثى بصلة، واصفاً المرأة بالكائن "المعيوب" والعاطل بفضيلته بسبب العجز البيولوجي في إنتاج الحيامن.

أما صاحب نظرية العقد الإجتماعي، جان جاك روسو (1712-1778)، فلم ير? للمرأة غير أن تكون أكثر من (مرغوبة، عفيفة)، أي أن تقوم بادوار متوائمة مع النظرية الاجتماعية طارحة ذاتها من خلال ذلك، بيسر وإيمان.

والمعلوم بأن المرأة الكوردستانية هي جزء فعال من المجتمع الدولي، لذا فرحنا بإنطلاقة أعمال المؤتمر القومي للمرأة الكوردستانية في عاصمة إقليم كوردستان بمشاركة الكثير من الناشطات في الحركة النسوية في كل من العراق وايران وتركيا وسورية اضافة الى لبنان وروسيا واوربا، التي تعمل من اجل حقوق المرأة واستقلاليتها، بحضور شخصيات بارزة ومعروفة نذكر منها ليل? زانا، عضو البرلمان التركي عن حزب الديمقراطية والسلام الكوردستاني والقيادية في الديمقراطي الكوردستاني وسفيرة السلام شيرين آميدي. ويذكر بأن الهدف من المؤتمر هو تقوية دور المرأة بشرارة تجديدية معاصرة والسعي لتوحيد الرؤ? حول القضايا المصيرية وتوحيد الخطاب السياسي، لكن الأمر المهم بالنسبة للمرأة كان الإقتراح النهضوي في تأسيس رابطة للمرأة الكوردستانية، تكون لها ممثليات في كافة انحاء العالم وبالأخص في الأجزاء الأربعة من كوردستان.

إن هذا المؤتمر يساهم في انفتاح المرأة الكوردستانية لفهم مطالب مجتمعها وتثبيت الديمقراطية، لكننا نر? أنه من النافع طرح بعض الأسئلة الانطولوجية لتنشيط العمل الثقافي للمرأة، منها ماهي طبيعة عالمنا اليوم وماهي القو? المحركة فيه وما شكل العلاقة التي نتمنى أن تقوم بين المرأة والرجل تحت خيمة المجتمع الكوردستاني؟

مبدأ حرية المرأة هو مقياس التطور الحضاري للديمقراطية والحرية في الإقليم والإنفتاح عل? الخارج عبر الندوات والمؤتمرات النسوية، التي تهتم بالدفاع عن حقوق المرأة وتدعم الحريات الديمقراطية يعني فتح آفاق وممكنات جديدة أمام العمل النسوي وتثبيت ك?ان المرأة في كوردستان، فلا مجال بعد للعزلة في عصر تشابك المصالح والمصائر وعولمة الهويات الجندرية.

نحن نعلم بأن وضع المرأة الكوردستانية وشرطها النسوي كان محكوم بظرفه الزماني والمكاني ودرجة التطور الحضاري والثقافي. ولذلك نشعر إن عملية القفز فوق هذه الظروف، تعد مغامرة محفوفة بالمخاطر، وهي تشبه السباحة ضد تيار الحياة الكوردستانية العارم، لكن ما يجب أن نثبته هنا هو بأن للمرأة الكوردستانية كانت دور مهم في النضال من أجل الحرية ومقاومة الاستبداد والدكتاتورية البعثية، إذ شاركت بجانب الرجل وبشكل فعلي في الساحة السياسية، وهي قطعت بعد الانتفاضة شوطاً كبيراً في التقدم. وأن الحكومة في اقليم كردستان وضعت بعض القوانين وعدلت البعض الآخر من أجل حماية حقوق المرأة وتفجير طاقاتهن، والقيادة الكوردستانية تعرّف عدم تطبيق حقوق المرأة والفيدرالية والديمقراطية بالخطوط الحمراء وفي 8 مارس عام 2005 تم الإعلان من قبل رئيس الح?ومة الكوردستانية عن سياسة المساواة بين الرجل والمرأة ووضع لها آليات التنفيذ من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية، لكننا مع كل هذا نجد ال? ?ومنا هذا القلة القليلة منهن في المناصب القيادية سواء في المجال السياسي أو الحكومي، بالرغم من أننا نؤكد النية السليمة للقيادة الكوردستانية لفسح المجال أمام فتح مجاميع من المنظمات المعنية بحقوق المرأة في ?افة مناطق كوردستان.

 ومن المعلوم بأن توجهات المرأة نحو الديمقراطية هي مسألة مهمة في تقدم المجتمع من الناحية الإجتماعية والسياسية، لكن الذي نراه من الضروري هو فتح قنوات الاتصال مع المرأة في جميع محافظات العراق ونقل الخبرات والمعلومات لدى المرأة الكوردستانية إليهن لتوسيع ثقافة الحرية والديمقراطية والمساواة وتحويل الفضاء المجتمعي ال? ورشة دائمة وحية من الحوار والمباحثة والمناقشة والمبادلة، عل? مختلف المستويات وفي مختلف دوائر المجتمع وحقوله وقطاعاته وقنواته، وهذا ما يتيحه عصر الشبكة والقناة.

المرأة هي قلب الإنسانية وأبهج شيء في الحياة، كما يراه المعلم الكبير "كونفوشيوس". وما عل? الرجل المعادي لمساواة المرأة إلا أن يتعجل ويمتلك حريته ويكون شجاعاً ويرفع هذا الوهم الذي فرض سطوته عليه، وإفضل طريق للعلاج هو التدريب الفلسفي الاجتماعي وإنشاء علاقة صحية وحميمة مع علوم السوسيوسايكولوجي ومباحثها، إذ إن هذا سيؤدي بالتأكيد ال? خفض درجة التوتر والقلق عنده والتصالح مع نفسه. وعل? الإنسان المتحضر مناهضة الفكر الماسوجيني (ثقافة العداء للمرأة) أينما كان، من أجل إثبات الجدارة وبناء مجتمع حيّ وخلاق لا تكبحه العقائد المغلقة والنخب الفاشلة والإدارات الفاسدة والعقليات الكسولة والثقافة الفقيرة والنماذج الإرهابية القاتلة.  

وختاماً فقد قيل قديماً: بأن "المرأة الفاضلة أنفع من الرجل الفاضل، لأنها هي الأساس في تربية الناشئة الجديدة."

 

د. سامان سوراني

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2130 الخميس  24 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم