أقلام حرة

السلطة السياسية في العراق وضرورة تجديد الفكر السياسي/ سامان سوراني

ضد ضعفه الخاص والحث عل? إحترام القواعد التي يقوم عل?ها المجتمع والحفاظ عل? حالة من الأمن والرخاء الجماعيين. وطالما تتجاوز العلاقات الاجتماعية في الكثير من الأحيان صلات القرابة، تبرز تنافس بين الأفراد والجماعات، بحيث يسع? كل واحد ال? توجيه قرارات الجماعة صوب مصالحه الخاصة، لذا تظهر السلطة السياسية كنتاج للمنافسة وكوسيلة لإحتوائها.

و في كل مجتمع تخضع السلطة لحتميات داخلية. وللمجتمع حسب التفسير السوسيولوجي السياسي علاقة مع الخارج، مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالمجتمعات الأخر?، التي يعتبرها غريبة أو معادية أو خطرة عل? أمنه وسيادته، لذا يتجه المجتمع ال? تنظيم دفاعه وتحالفاته وتمجيد وحدته وتماسكه وسماته الخاصة.

الفكر الخلّاق والخارق يخترق حواجز الثقافة والخصوصية، لأنه لا يخص مجتمعاً دون آخر أو قوماً دون آخرين. فهو يخرق موطنه الأصلي لكي يخلق مجاله التداولي في مناطق أخر? بعد تصنيعه وتحويله في مختبر البيئات والتجارب الجديدة.

العراق السياسي عاش إنهيارات وإخفاقات وحروب وكوارث وأزمات عظيمة، مجتمعه لا يمكن أن يُبن? مرة أخر? بعقليات ونماذج ومفردات سائدة قديمة أو حديثة أو يصنع بسرديات كبر? وأساطير مؤسسة وزعامات تاريخية، التي دفع المجتمع العراقي لقاءها أثماناً باهضة، دماءاً ودماراً.

في ضوء الإخفاق الذي لاقته المشاريع السياسية في العراق عل? يد أصحاب الفكر الأحادي والعقل النخبوي، الذين لا ينتجون سو? العوائق والموانع بقدر ما يقومون عل? تبسيط المشكلات وطمس الحقائق، نراه من الضروري العمل عل? تجديد الفكر السياسي بتبني الهدف البنيوي المتجسم في شراكة الإعتراف، لأنه لا أحد أول? من سواه في الشؤون العامة والمشكلات الخطيرة والقضايا الداخلية أو الخارجية. إن مفهوم الشراكة يستبعد مفهوم المطابقة والإنفراد ويستدعي الإعتراف بكون الآخر مختلف ولكنه مساو من حيث الحقوق أو الفرص. وهذا الإعتراف يجب أن يشمل الحقوق السياسية والاجتماعية والمعرفية.

والإعتراف المتبادل يزيل القلق المزمن والمخاوف المستورة لد? الآخر المختلف. وللمساهمة في إدارة التحولات وقيادة المصائر وفهم المستجدات ينبغي التفكير بطريقة حية وراهنة في عصر الحاسوب والإنتاج الناعم والطوائف السبرانية الإفتراضية. أما التغيير الإيجابي والبناء ضمن إصلاح حقيقي فهو عمل مركب يجري عل? المستو? الوطني والإقليمي والعالمي وهذا ما يتطلبه لغة العصر، كما تشهد الوقائع والتحولات المتعلقة بأعمال التنمية أو بمعالجة القضايا الشائكة والأزمات المزمنة.

عل? الفكر السياسي إزالة شوائب اللغة المتقنة في الندب والشكو? والعمل عل? رفض التفكير بعقلية التهمة والإدانة والمزايدة عل? الآخر معرفةً وحضارةً وخلقاً بممارسة التشبيح المعرفي والنفاق الخلقي والتهويل الديني ومنع الوقوع تحت تأثير وساوس الهوية والإشتغال بتجنيس العلوم والأفكار والعقل وفقا للثنائيات الضدية الخانقة، التي تضع العقل بين فكي كماشة: الأنا والآخر، الأسلمة والعلمنة، الوحي والعقلنة...الخ. فلنمارس رياضة نقد الذات وحرية الفكر، من أجل إجتراح الإمكانات وتفتيق القدرات وتوسيع المجالات وإحترام الحريات والحق في تقرير المصائر.

فلنستلهم ونستثمر مقولات الفلاسفة في السلم والحرية والديمقراطية عل? نحو جديد، لكي نبتكر عدة جديدة للتفكير والعمل، للفهم والتشخيص أو للتفكير والتدبير، وذلك بكسر منطق الفكر الأحادي والشمولي أو الاصطفائي والاقصائي أو النخبوي والمركزي.

وختاماً يقول فيلسوف الفلاسفة جورج فيلهلم فريدريش هيجل (1770-1831) في كتابه "المدخل ال? علم الجمال وفكرة الجمال": "إن الفن ما عاد يوفر لحاجاتنا الروحية تلك التلبية التي بحثت عنها فيه شعوب أخر? ووجدتها، لقد إنتقلت حاجاتنا وإهتماماتنا ال? دائرة التصور، ولكي نلبيها لا بد لنا من الإستعانة بالتفكير."


د. سامان سوراني

  

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2139 السبت  02 / 06 / 2012)

في المثقف اليوم