أقلام حرة

المتراس الميكيافيلي للمالكي والعقل الضدّي وفن صناعة الأزمات / سامان سوراني

بسبب إستغلال أطراف حاكمة الحياة الديمقراطية لتحقيق غاياتهم السياسية الخاصة بطريقة ميكيافيلية متمرسة، تلك الحياة التي وفرّ لها الدستور أرضية إيجابية للإستقرار والإزدهار.

نحن هنا إزاء استراتيجية للرفض مدعومة بنرجسية قاتلة ويقين دغمائي يتبادله السيد نوري المالكي

مع الجهات التي تعارضه وتعمل عل? سحب الثقة منه، مما تجعل من الحوار لحل الأزمة الحالية يصل ال? الجدار المسدود.

فبعد سقوط الطاغية عام 2003 كنا بتفاؤلنا نعتقد بأن فكرة مركز الدولة العراقية، التي قاومت بشكل مستبد تقاسم السلطة مع محلياتها والتي أنتجت دكتاتورية مؤذية سوف تصبح قريباً جزءاً من الماضي، تزول رويداً رويداً ومعها تتطاير عقلية السياسي العراقي المتأثر بهذا النمط السلوكي المؤمن بديمومة الديكتاتورية، وتولد حكام عل? شكل مدراء أو وكلاء يكون مهمتهم الأول? إجتراح الوسائل والإجراءات لتسيير الشؤون وتحسين الأحوال أو لحل الـعضلات وتدارك الكوارث والنكبات، لا كآلهة معصومين أو قادة ملهمين أو أبطالاً أسطوريين، لكن هذا التفاؤل كان في غير مكانه، إذ نحن اليوم إزاء سياسة مطلية بفكر أحادي ومبد‌أ سكوني ومنطق تطابقي وعقل إقصائي ضدّي تصنيفي أو تكميمي مميت ومفخخ بالنوايا العدوانية ومدجج بالصور النمطية التي تستعدي المختلف الآخر بوصفه موضع التهمة والإدانة أو النبذ والأبلسة، غاياتها تبرر الوسيلة. إنها محاولة الانقلاب عل? النظام الجديد مؤشر تؤشر لمرحلة مخيفة لم تتضح معالمها بعد، إذ يمكن تسميتها بمرحلة ديمقراطية-ديكتاتورية، تحمل في طياتها نزوات إستبدادية ودعوات مستحيلة أو أساطير تحريرية.

فمحاولات السيد نوري المالكي في صناعة نظام مجهّز برأس حربي مقولب غير قابل للإصلاح مآله ولادة أورام خبيثة في جسد العراق تغيّر بمرور الزمن وبعد تكالب الفساد الخلايا النظيفة المتبقية وفي النهاية يدفع الشعب ثمن بقاءها فيه ولنا في صدام الطاغي وحكمه العراق لأكثر من ثلاثة عقود تجربة سلبية قاسية ومريرة.

و ما مناوراته الميكيافيلية هذه الأيام من أجل البقاء في الحكم بعد أن بسط سلطانه على كافة الأجهزة والوزارات والمؤسسات وبعد أن أبعد خصومه ومنافسيه بالتصفية السياسية والغير سياسية، سو? مؤشرات تشير ال? نيته في كتم الأنفاس وتسويد النهار وتنغيص المزاج وإشعال نار الفتنة بين المكونات العراقية، غير مهتم بالمنطق القائل بأن الناس في الديمقراطية سواء، لا آلهة ولا أصفار. إن لهجة التهديد والتنبؤ بالفوضى بعقل استئصالي إستيطاني لا تنفع وإن إرسال كتاب خطي ال? الرئيس الأمريكي مطالباً منه التدخل لمنع شركة النفط العملاقة إكسون موبيل من المضي قدماً في صفقتها المشروعة والدستورية مع إقليم كوردستان بغية إيقاف المشاريع التنموية في الإقليم لا يقلل من عزم حكومة الإقليم عل? ا???? ?د??? ?? ??اريعها الاقتصادية والتمنوية بهدف الإزدهار والتقدم.

العالم تغير بصورة جذرية وبنيوية ومتسارعة، فلا سبيل ال? الإندراج فيه والمشاركة في صناعته من دون تغيي? يطال المناهج والمباد?ء والنظريات. العراق بات أشبه بسبب هذه السياسات العقيمة بالرجل المريض في العالم، فعل? رئيس الحكومة الإتحادية التعامل مع محيطه السياسي والاجتماعي من موقع الحرص على سلامة العملية الديمقراطية في العراق وعدم تعميق الخلافات وتعقيدها والتشكيك بإخلاص الخصم وعدم السعي بشكل لا دستوري من اجل التشبث بالسلطة بهدف خلق صراعات عنصرية ومذهبية وحزبية في كل أنحاء العراق وخلق الأزمات المزمنة حتى يستطيع أن يدير الحكومة ويتكالب عل? جمع الثروة وليعلم بأنه لا تدبير ولا إدارة من دون تغيير يطال أطر النظر أو وسائل العمل بوجه من الواجوه، سواء تعلق الأمر بالإصلاح أو النهوض أو بالتحديث والتطوير.

بعد إستمرار هذه الأزمة صار من الضروري إنشاء مركز لإدارة الأزمات يعمل عل? درس وتجزئة وتحليل الأزمات المتوقعة لكي يضع الحلول اللازمة لها ويقوم بترشيد القرار السياسي في الحكومة والقرار الإداري في الأجهزة الحساسة فيها ويعمل بمهنية وبشكل علمي معاصر.

عل? الحكومة الإتحادية العمل عل? تحسين شروط العيش للمواطن العراقي في أي بقعة جغرافية كان والعمل عل? إحراز التقدم والإزدهار  بدل إستعمال لغة الصاروخ والمدفع والحشد المرصوص والجمهور الأعم? والتهديدات والوعد والوعيد والسعي في تصدير الأزمات، التي لم تعد لغة العصر، لأنها لا تصنع حياة ولن تجلب حرية ولن تغير واقعاً نحو الأحسن.

وعل? رئيس الحكومة ممارسة التق? والتواضع بالثورة عل? الذات للتخفيف من الأمراض النرجسية  والمركزية والإصطفائية، التي تقود بشكل في النهاية ال? الإستبدادية.

و ختاماً نقول: المتغيرات فرصة لا كارثة والجديد غن? لا فزاعة ومن يريد أن يعيد زمن المعجزات ينس? بأنه يعيش اليوم عصر الشعوب. 


د. سامان سوراني

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2158 الخميس 21/ 06 / 2012)


 

في المثقف اليوم