أقلام حرة

عقلية الضدّ وولادة الدكتاتورية في زمن سقوط الطواغيت / سامان سوراني

 وعلم نفس الجموع يقول:"حتى ل وكانت الجماهير علمانية تبقى لديها ردود فعل دينية تفضي بها إلى عبادة الزعيم والخوف من بأسه والإذعان الأعمى لمشيئته، فيصبح كلامه (Dogma) لا تناقش وتنشأ الرغبة في تعميم هذه الدوغمائية، أما الذين لا يشاطرون الجماهير إعجابها بكلام الزعيم فيصبحون هم الأعداء الألداء.

فعندما يكون الحل في دولة ما في أيدي أصحاب الآراء المهجورة من الجهلة الغافلين تنقلب السلطة تسلطاً ويكون الرأي وبالاً والحكم غبناً. إذ من العار عل? الإنسانية في العراق أن نكون مرة أخر? شاهداً عل? تحركات عسكرية في المناطق المستقطعة من إقليم كوردستان، التي تعرّب في القاموس السياسي السلبي بالمناطق المتنازعة عليها. فهذه التحركات المغرضة والمدفوعة من قبل رؤوس يتمنّون ولادة دكتاتورية جديدة في زمن سقوط الطواغيت، تجري تحت يافطة "الحفاظ على سيادة البلاد وحماية الحدود والتصدي للإرهابيين". فبملاحظة إستطرادية يمكن القول بأن تلك المحاولات اللامنطقية والخارجة عن الدستور لا تحمل في طياتها سو? الوقوف ضد عملية بناء المسيرة الديمقراطية والسماح لقو? شوفينية بإرجاع العراق ثانية الى ظلمات الدكتاتورية المقيتة.

إن دروس الفلسفة والنظريات العلمية في السياسة فسّرت وبيّنت لنا بأن سياسة الفرض والإملاء وإقصاء الآخر المختلف ومخادعة الشركاء لهدم النظام الديمقراطي يعني ولادة الدكتاتورية، عندئذ يتم رفع الشعار القائل: "أنا الدولة"، "أنا القانون".

والذي يخدش جلد التعجب فينا، ه وأن "تس ونامي" الثورات في العالم العربي لم يجرف بعد عقول اصحاب الفكر الدكتاتوري في العراق. فالنوايا الخبيثة والخطط العمياء لعسكرة المجتمع العراقي من جديد والعمل عل? إحياء خيارات العنف ?وسيلة لكسب الغايات السياسية وإهمال لغة التحاور ومبدأ الشراكة المبني عل? أساس الدستور ترسم مؤشرات متجلّية تعمل كناقوس خطر يدق في آذان المؤمنين بالديمقراطية والعاملين في سبيل التعايش السلمي بين المكونات الأساسية في هذا البلد.

لقد استبشرنا خيراً كثيراً بسقوط الطاغوت صدام ونظام حكمه الفاشي وإعتقدنا بأن ذلك يخوف كل من يفكر عل? نمطه وأن هذا السقوط سوف يجلب معه عودة الحياة للعراقيين من جديد وينجي البلد من الدمار والخراب المادي والمعنوي، لكن بشرانا هذه لم تدم طويلاً، فالسيد رئيس مجلس الوزراء العراقي، الذي كان في السابق يدعي مناهضة حزب البعث القوموي الفاشي، بدأ بعد تسنمه السلطة للدورة الثانية، بفضل المبادرة التاريخية للسيد رئيس إقليم ?وردستان وإتفاقية أربيل، عل? اتباع النهج المخالف لمباد?ء الشراكة والفدرالية والديمقراطية، ساعياً لإخضاع المجتمع العراقي لثقافة العسكرية الخشنة، مهملاً بسياسته التفردية كافة المؤسسات القانونية الأخر?، مرّوجاً لفكرة الوصاية الفاشلة عل? شؤون الكوردستانيين وحريته، مستخدماً لغة الاتهام والاستعداء عل?هم بمنطق الانعزال والانكفاء.

نقول له وللذي يريد تقليد الطغاة المستبدين، بتسلطه على مقومات الدولة تسلطاً شاملاً معتمداً على القوة العسكرية للدولة، بأن التغييرات الجوهرية المستمرة في الخارطة السياسية للمنطقة والتطورات التي تشهده المجتمعات بلورت صيغ أفكارها وتطلعاتها المتقدمة، فهي لا تسمح بمرور الديكتاتورية مرة أخر? في صفوف المجتمعات الديمقراطية. والذي لا نستريب فيه ه وإن المجتمع الكوردستاني الحي، الذي قاوم النظام البعثي والحكم المركزي أكثر من نصف قرن، لا يمكن أن يتقبل أية حالة دكتاتورية سواء إذا برزت من قبل أحزاب دينية أ وزعامات فردية عريقة في سلوكها الدكتاتوري أ ومن قبل جهات قررت الابتعاد عن فلسفة الاحتكام للعقل والدستور في حل المشاكل العالقة والأزمات، والتي تعمل اليوم عل? تشكيل جبهة سياسية عريضة لمعارضة الخط الديمقراطي الذي ينتهجه القيادة الكوردستانية الحكيمة وتحويل العراق الى حاضنة للفاشية والظلام والفقر والحروب والخراب.

لا يمكن التعامل مع الديمقراطية والفدرالية بعقل أحادي. فالعمل بعقلية التمييز والفرز أ والتطهير والتصفية مآله الفوض? والفشل والإفلاس ونتيجته ه وسد الطريق عل? العيش المشترك. من يمارس سياسة ?تلك التي يمارسه السيد المالكي يقفز فوق الاحداث وينفي المتغيّرات وأخيراً يقبل أن يكون جندياً حجرياً يُحرّك دون إرادة منه على رقعة شطرنج منافع قو? اقليمية.

وختاما نقول: من يحاور الكوردستانيين بلغة الصاروخ والمدفع والحشد المرصوص ويسع? في تش?يل الجمهور الأعم? لا ينوي صناعة الحياة أ وجلب الحرية أ وتغير الواقع العراقي نح والأحسن، هدفه الأول والأخير ه وتدمير الحاضر وافتراس المستقبل بدلاً عن المشاركة في ورشة الحضارة القائمة بابتكار شيء خارق.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2196 الثلاثاء 31/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم