أقلام حرة

في ذكرى استشهاد المرجع الصدر الثاني .. نافذة على مشروعه التغييري / مصطفى كامل الكاظمي

من قبل جهاز المخابرات بسبب استمرار مطالبته النظام الحاكم في بغداد للكف عن مطاردة المتدينين وايذاء السجناء واطلاق الحريات.

استمرت المطالبة، حتى عجز النظام المخابراتي عن ثني عزيمة صوت الصدر الذي اضحى متمددا في ارجاء العراق يتعالى يوما بعد يوم وهو يندد بالسلطة علانية وبصورة  غير مسبوقة حيث كشف عن تحديه وعدم مبالاته للتهديدات المستمرة ضده بارتدائه عباءة التضحية والموت (الكفن الابيض) في صلاة الجمعة المصورة. فانتهى نظام المشنوق صدام إحصين كعادته الى طريق القتل والغيلة فعمد على تصفية المرجع الصدر الثاني عام 1999 مع نجليه وهم في طريق العودة لمنزلهم.

جاءت العملية الشنيعة حين ارتعب النظام من المشروع الحوزوي الجديد في عملية التغيير، مع ان مراهنات البعض كانت تذيع عدم قدرة الصدر بل اتهمته بالخنوع للنظام. لكن هذه الشكوك تقهقرت بعد حين لتشيد بقيمة مشروع الصدر وذلك بعد استشهاده تاركاً أثراً كبيرا لازال يؤشر الى نبوغ هذا الثائر وقدرة تخطيطه ليقهر النظام وفي مواجهة تستهدف التغيير.

 مما بان للجميع واستظهره المشروع الجديد ميزات اولاها تصدي الصدر الثاني للمرجعية واقامته بشخصه صلاة الجمعة المغيبة دهورا في العراق وصولا الى نشره مفاهيم تشدد على توعية الجمهور وتوجيهه نحو عملية التغيير بوسائل جديدة ابتكرها السيد الصدر الثاني لم تغفل حتى عن فقه العشائر العراقية وتثقيف العامة والتوجه لتكليف المرأة ودورها ضمن شرائح المجتمع، كل ذلك في مرحلة حساسة ومفصل خطير مر به العراق حيث عنجهية نظام الارعن صدام التكريتي وتدميره العراق بحروب خارجية وداخلية وحصار خانق اصطلى فيها المواطن العراقي الى الحد الذي جعل العراقي يبيع اثاث داره وفراشه من اجل لقمة الخبز.

 رغم الشكوك التي تقصدت الصدر ذاتا ومشروعا بضروبها وجهاتها المعروفة، لكن الصدر استغلها نوافذ لمشروعه في معادلة دخل فيها كطرف عنيد فاعل يوجه العراقيين ويعبئهم ضد النظام الفاسد في بغداد. وفي مفصل هام من حياة العراق السياسية في الربع الاخير من قرنه الماضي، تعالت صرخة الحركة الاسلامية اكثر على يده وفق رؤى المرجع المفكر محمد باقر الصدر الذي اعدمه نظام صدام عام 1980. فتميز هذان الرمزان عن الغير بالعلم والتمدد الاجتماعي مع تحرك ثوري سريع ضمن دائرة التنظيم السري بالنسبة للصدر الاول، ودائرة تحدي الصدر الثاني للنظام في جميع الاتجاهات تفكيره كما في إحيائه صلاة الجمعة، ذلك ما احدث جدلا خافته السلطة.

 طرح السيد الصدر الثاني آراءه صريحة من منبر صلاة الجمعة وانتشرت خطبه الصوتية وذيعت لقاءات الجريئة المصورة لتكشف عن الدواعي التي جعلته بين فكي كماشة طرفها القاتل هو صدام التكريتي والاخر المشككون والممتعضون.

 كان لزاما، الاقرار بما قدمه هذا العملاق والاعتراف بالتقصير اتجاه حركته، ومن ثم دراسة مشروعه في المؤسسة الدينية ووالتغييري في المجتمع بكل جنباته الاجتماعية والاقتصادية حتى اخر لحظة يواجه بها طاغوتا هابته طواغيت العرب وحكامها.

 للحقيقة نكتب: ان الصدر الثاني يعد اول من اخترق حاجز الصمت ومزق غشاء الخوف عن نفوس العراقيين وجذب حركتهم في الخارج تناصره بعد ان اركسوا في يأس مريع وحبطت معنوياتهم وهبطت عزيمتهم بعد توقف الحرب العراقية- الايرانية التي انتهت في 8-8-1988. وبعد انتهاء الانتفاضة الشعبانية 1991 وبعد عودة نظام صدام لبطشه يحكم العراق. ولا ننكر القسوة ولا نغفل عن الملابسات التي اوجدتها عوامل كثيرة في العراق، الا ان الواضح هو ما شهدناه وما اعلنه المفكر الصدر الاول بتصميمه على الشهادة بعد افتائه جهارا بكفر حزب البعث، وهكذا قد رفع الصدر الثاني لواء التغيير ليكمل مشوار الاول فأمّ الآلاف من المصلين حتى ارتفعت مطالباتهم بصورتها الثورية الفاعلة المعروفة.

 من هنا يأتي الكلام بان أسرة ال الصدر يتوجها النبوغ العلمي، اريد لها انجاب من تميز بمهارة نادرة وقابلية ذهنية مدهشة لها قدرة استكشاف مواطن الخلل عند المواجهة. وبكلمة هي أسرة مشروع اصلاحي لم يتوقف عند حد لدرجة ان شهدائها ومفكريها غرسوا في النفوس مفاهيم التحدي والعلم والابداع وفق رؤية ثورية جديدة تجذر مباني الاسلام في الامة وتبعث فيها القيمة الحقيقية.

 لهذا فان ثوار الاسلام يستحقون التخليد لا في مناسبة المأتم والذكرى بل بندوات فكرية موسعة وشاملة تخوض البحث لتبرز ما قدمه للعراقي وللعربي وللاسلام وللانسانية السيد محمد محمد صادق الصدر رحمه الله.


 مصطفى كامل الكاظمي

ملبورن- 19-9-2012 

 

خاص بالمثقف

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2222 السبت 22/ 09 / 2012)


في المثقف اليوم