أقلام حرة

فقه المالكي في التفرّد وثقافة عدم الإعتراف بحكومة إقليم كوردستان / سامان سوراني

كنّا نأمل بأن خارطة العلاقات بالمفاهيم والأشياء سوف تتغير والذوات تتأنسن والهويات العنصرية المصبوغة بالأصولية المقيتة تذهب ال? غير رجعة والأحزاب والتيارات السياسية، التي تريد أن تكون لاعباً أساسياً عل? المسرح العراقي وفاعلاً قوياً في المشهد السياسي سوف تجرّد فلسفتها في الحكم والإجتماع من كافة الأفكار والعقائد والصفات والشعائر والشعارات الميتة أو المستهلكة، التي تبق? دوماً عائقاً أمام بلورة صيغة جديدة للوجود أو مشروع للحياة. وكنّا نظن بأن تلك الأحزاب والتيارات السياسية، التي ذاقت الإضطهاد والممارسات التعسفية اللإنسانية من قبل أيادي الغدر البعثي سوف تدعم التركيبة الجديدة للعراق وتساند القضية العادلة لشعب كوردستان وحقه في تقرير المصير أو بناء دولته الكوردستانية المستقلة أسوة بالشعوب الأخر? في العالم وتعمل عل? إنماء الشراكة والمبادلة والتعاون والتضامن في مواجهة القو? التي تنوي خلق الإنسان الأمبريالي الساعي ال? نشر أسمائه وصوره أو سلطته بهدف فتح الإمكان أمام الحرب الأهلية المذهبية والقومية وبناء حكومة الشراكة الملغومة.

تفائلنا بالخير لم يجلب معه شيء إيجابي لنا، فالواقع اليوم العراق الإتحادي تقودنا نحو حكومة تطبق فقه نوري المالكي وتسع? في  إنهاض المشاريع الإنفرادية لتشكيل النموذج الديكتاتوري الفردوي وقولبة وتدجين وتعبئة وعسكرة المجتمع العراقي لتحويل الناس ال? شهداء وضحايا لدعوات مستحيلة أو لاستراتيجيات لا تعود بالنفع عل? البلاد والعباد بدافع ردع التجربة الديمقراطية في إقليم كوردستان وإزالة الآخر المخلتف المخالف لهذا النهج وإن أمكن سلب حقوقه.

فقه المالكي أو معتقده الإصطفائي يحمل في طياته نظرية ولاية الفقيه، فهو ير? بأن برنامجه الحزبي أو نصه المقدّس، بعد القيام بعسكرة المجتمع وتخصيص ميزانية ضخمة لوزارتي الدفاع والداخلية، إذا طبّق فسوف يأتي بالفرج والسعادة لكافة العراقيين، وهكذا يطغ? المحتو? السلفي الإرتدادي عل? البعد التنويري والمستقبلي وعقلية الإستبعاد والإقصاء عل? لغة الإعتراف والشراكة والتبادل والمآل هو فشل صناعة الحضارة وممارسة القوة الهادئة.

التحركات العسكرية الإستفزازية في المناطق المتاخمة لحدود إقليم كوردستان والهجمات الهمجية المتتالية عل? مقرات المجتمع المدني والمكتبات المتواجدة في شارع المتنبي بالعاصمة بغداد والتصريحات السامة لأعضاء في إئتلاف "دولة القانون" كالأسدي والمطلبي ضد رئيس إقليم كوردستان خير دليل عل? سعي أجهزة السلطة المالكية في جس نبض الشارع والأحزاب السياسية المتواجدة عل? الساحة ومعرفة إنعكاساتها. البارز في المشهد العراقي ليس الإختراع والإبداع، بل التجييش والحشد والخطب النارية والمواقف الإستفزازية ولغة الوعد والوعيد وإن أمكن تصدير ماركة الحجاب والدم والتضحية. هل كان هذا ما يتمناه مؤسس حزب الدعوة، الشهيد المفكر محمد باقر الصدر؟ أين حكومة المالكي في تفعيل دور المواطن، وبث الروح الايجابية فيه؟

المجتمعات العراقية تحتاج ال? الفرد القادر والفاعل الذي يمارس حيويته إنتاجاً وإبداعاً أو تميّزاً وتفرداً، وليس الفرد الذي يكون مجرد نسخة عن غيره أو صد? لزعيمه، كما يجري في نظام فقه المالكي. من يشيع العنف ويتبن? ممارسة خياراته، لا يحترم الدستور، بل يخرقه من بابه الواسع ومن لا يغير شاشة الرؤية السياسية ويعيد النظر بالمسلمات والبداهات ولا يعود بأسئلته ال? البداية ينتج إستراتيجيات الرفض والإستبعاد وإستئصال الشريك في الحكم، التي تترجم عداء وبغضاً أو نزعات وحروب بين الحكومة الإتحادية وحكومة الإقليم. نسأله، أين أوراقك في إصلاح أنسنة العلاقات بين المكونات في العراق، لتحل محل العصبية الإيمانية المغلقة وعلاقات النفي والإستبعاد والإزدراء.

وختاما نقول: الحدث العراقي عام 2003 كان فرصة وجودية فتحت أمام شعب العراق، الذي ير? نفسه ال? الآن أمام التحدي الكبير، لكي يثبت جدارته في إعادة بناء بلده بعقل حضاري مدني ومنطق تواصلي تداولي، لكن محاولات الديناصورات التي تريد ممارسة وكالتها السياسية والعسكرية والدينية عل? العراق الفدرالي بصورة إمبريالية وتعمل عل? طغيان العقل الأمني عل? الدولة والمجتمع والناس هي المانع الأكبر أمام بناء عراق فيدرلي إتحادي تعددي، يصان فيه الدستور ويطبق بنوده. أفكارهم وممارساتهم تتجلّ? جهلاً ونفاقاً وتسلطاً وتخريباً.


د. سامان سوراني

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2231 الأثنين 01 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم