أقلام حرة

جرائم النظام البعثي في سوريا وسكوت الآلهة! / سامان سوراني

من أجل العمل عل? تحقيقها. فهي تعبّر عن قدرة المرء عل? العودة ال? ينبوع نشاطه والرجوع ال? مصدر فاعليته، وهذا الينبوع هو مصدر كل شيء، لأنه أصل كل ما في الوجود. الحرية ‌هي الأصل في نشأة المجتمع ولا يمكن أن يقوم المجتمع إلا عل? أساس الحرية.

فمع ولادة "البعث" في أربعينيات القرن الماضي بدأ المأزق الحضاري بعناوينه ونسخه في سوريا وبدأت طريقة التعاطي مع الحقوق والحريات تبن? عل? شعارات تراجعية مستهلكة كالتحرير والمقاومة والممانعة وتبطن برفض المفاهيم والنظم، التي كان من السهل إستثمارها في أعمال التحديث والإنماء أو تجسيدها في إحترام الحقوق وإطلاق حريات التف?ير والتعبير والتنظيم.

الدولة الشمولية في سوريا، التي تحولت بساديتها وفاشيتها ال? كابوس يجثم عل? العقول والأجساد، لم تقم في يوم من الأيام بتسليط الضوء عل? الآفات والأخطاء بل إستخدمت فنون التمويه والشعوذة لتحويل الكوارث والهزائم ال? نصر وبطولات وقاعدة التستر عل? الأخطاء والمساو?ء، لكي تفعل فعلها بصورة مضاعفة فساداً وإستبداداً.

واليوم يشغل النظام الاستخباري الاستبدادي العنصري الدموي في سوريا بتعتيم شامل وإصرار سلطوي أبشع الآلات الجهنمية التطهيرية ليحصد كل يوم أرواح المئات من المدنيين. نحن لا نر? أي تراجع عن الإستمرار في جرائمه وإقترافه المحظور والمجتمع الدولي والشعوب الحية والحرة والضمائر الإنسانية لا تتحرك لإيقاف الهجمات الجوية والميدانية والممارسات اللاإنسانية من قبل هذا النظام الطاغي، الذي يعيش تداعيات النهاية الحتمية، ضد الشعب الحر المنتفض، الذي يراهن على العالم لنصرته، وتخليصه منه‌.

نحن اليوم إزاء ثورة عابرة في سوريا متحررة ال? حدّ ما من القوالب الإيديولوجية التي تختزل الحياة وتستعبد الشعوب لكي تصادر الحريات وتُفقر المجتمعات، فلا مجال بعد للتصورات الفردوسية والطوباوية والخلاصية ولا مكان للنماذج التي تدّعي تقمص دور الزعيم الأوحد والقائد الملهم والبطل المنقذ فيها. 

وهناك دول أقليمية إنتهازية المشرب وشوفينية المطلب تدعم هذا النظام الشمولي وتنس? بأنها سوف تكون في يوم من الأيام مسئولة أمام التاريخ أو تمر بنفس المرحلة، التي يمر به النظام السوري اليوم.

و نظن بأن سرّ سكوت الآلهة الغربية التي تحكم اليوم بمصائر العالم عل? كل هذه المجازر الوحشية تكمن في أن لا يقرر الشعب السوري مصيره، ويختار نظاماً يمثله. والدول ذات الفيتو كالصين وروسيا، التي تخادع الشعب السوري بشعارات مستهلكة وتساند النظام، الذي فقد المصداقية والمشروعية بسبب أعماله البربرية، يضعون منافعهم الإقتصادية وأطماعهم الطفيلية فوق أرواح الضحايا والأبرياء. هذه الدول منشغلة اليوم بالتنافس حول الامتيازات الممكنة بعد سقوط النظام الفاسد، الذي كان يرعى مصالحها بشكل أو بآخر.

نحن نعرف بأن للثورات أبعادها الطوباوية أيضاً، لكن أملنا أن تستثمر طاقات هذه الثورة عل? نحو إيجابي لصياغة العلاقات بين المكونات في مناخات الإعتراف المتبادل والتلاقح والتعاون، بصورة تتيح للخصوصيات أن تتجل? عل? سبيل النفع المتبادل وأن لا تأكل هذه الثورة بالذات أبناءها ولا تسع? في إنتاج أشكال جديدة من العبودية ولا تتحول ال? مجرد ثورة دينية إرتدادية تعمل بمنطق الإرهاب وتهتم بقولبة العقول وتعبئة الحشود وتخلق أعداء للمواجهة والمحاربة والإستئصال وتحول العمل الديني من أفيون مخدر ال? فيروس قاتل يفتك بالمجتمعات السورية لتجعل من الهوية فخ وعصاب ومأزق.

الرهان، هو أن لا يكون إسقاط النظام مسيرة نحو الأسوء والأخطر لتزداد الإنتهاكات والإساءات وتقطع جسور التواصل وتسمم نظام التعايش بين الكيانات المختلفة في سوريا وتبرز استراتيجيات الرفض المتبادل وتسود لغة العداء، بل تجاوز التقسيمات الحاسمة والنهائية، لصنع قو? هادئة، مدنية، تواصلية وبناءة.

و ختاماً: إن الدولة الكلانية تسحق الفرد دوماً وتبتلع المجتمع المدني ومؤسساته وواقع التاريخ يقول بأن لكل ظالم ومستبد نهاية ولا شك في أن عصر الد?تاتورية الأسود في سوريا قد ينقضى ولا يكون هناك مجال للعودة الى الوراء مطلقاً.


الدكتور سامان سوراني

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2232 الثلاثاء 02 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم