أقلام حرة

إعلان الدولة الكوردستانية بين طبول حرب المالكي وجغرافية السياسة الكونية / سامان سوراني

التي تتجاوز واقعها وتغيير شرطها الوجودي أو الحضاري، قد تكون عل? شكل دعوات أو ثورات ولنا في الثورة الفرنسية العظم? خير شاهد وبيان.

في عهد الدكتاتورية كان هناك  وللأسف "مثقفين" يعملون كأبواق تسبّح بحمد المستبدّ والطاغي صدام حسين، وتبرّر استكباره وبشاعاته بمختلف الذرائع القوموية والدينية، وتنفي وجود حروبه الهمجية ضد شعب كوردستان المسالم، بالرغم من أنها كانت تعلم بيقين بأن أهل كوردستان تتعرض طوال سنين لكل أنواع التنكيل والتعذيب، إذ قام النظام البعثي الهمجي بزجّ مئات الألوف من الكوردستانيين في غياهب السجون والمعتقلات وقتل آلاف منهم وطمر جثثهم في مقابر جماعية بقيت أماكن ال?ثير منهم مجهولة لأهاليهم.

و بعد بزوغ فجر عصر تعميم المعلومات، الذي صار أكبر زلزال يدّمر أركان سياسات الاستبداد والإقصاء والإلغاء وبعد أن تحرر العراق من قبضة صدام وأبناء القتلة ومليشياته الأمنية المجرمة، كنا نؤمن بأن المؤسسة الجديدة سوف تنظر ال? نهاية صدام الدموي كرسالة موجهة ال? كل مستبد متمسك بالسلطة ورافض تداولها، الذي يقهر شعبه ويعتقل أحراره ويكبل بهم ويقمع المحتجين المنادين بالحرية والكرامة والتغيير، لذا ساهمنا في تشكيل وبناء دولة ديمقراطية حديثة، عل? أمل إنها تؤمن بالتمثيل السياسي والمناطقي المتوازن وتدعم حق الشعب الكوردستاني في تقرير مصيره، لكن للأسف لم يعمل رئيس الوزراء الحالي، الذي كان أحد المعارضين للنظام الدكتاتوري، منذ تسنمه الرئاسة ال? يومنا هذا لإزالة التشنجات الطائفية والمذهبية من النفوس قبل النصوص وذلك لإخراج العراق من هذا النفق المظلم، وما محاولاته في تشكيل هيئة وطنية شاملة لإلغاء الطائفية السياسية إلا مناورة منه هدفها التغطية عن أهدافه الطائفية، فكيف ننتظر منه أن يساهم في بناء دولة مدنية حرة مستقلة باسطة شرعيتها عل? العراق الفدرالي ويكون له‌ مكان في صنع تاريخ هذا البلد، بعد أن أصبح أسلوب الضغط والترهيب والتهديد جزء من سياسته الفاشلة؟ نسأله مت? كانت المطالبة بالحقوق الدستورية والعدالة تنذر بالفتنة والتفرقة؟ لماذا السعي وراء ممارسة الهيمنة والقهر والإستبداد والعنصرية واللاعقلانية والأحادية وجعل هذه الآفات تصبح خبزاً للمجتمعات العراقية وأبجدية لثقافاتها؟

نحن نعرف بأن مكونات الشعب العراقي ما يزال عازم على بناء دولته على أسس الحداثة ودولة المواطن، لكن نقوله بصراحة بأن قيادات بعض الأحزاب الدينية لا تؤمن بمبدأ الديمقراطية وممارستها ولا تضع مصلحة العراق وسيادته وقراره الوطني المستقل في مقدمة أولويات عملها السياسي ويعطي لورقة الإصلاح أهمية ولا ترغب في الأنفتاح على المكونات الأخرى.

لذا نستنتج اليوم بأنه لم تعد للشراكة الحكومية في العراق الإتحادي معن?ً، بعد أن أصبح الدستور الذي كان وسيطاً وضماناً بين الشركاء، مهملاً وبعد أن أصبح خرق الدستور أمر طبيعي يعيد نفسه بإستمرار وبعد أن دخلت إتفاقية أربيل في زمن النسيان وبعد أن قرر رئيس الوزراء نوري المالكي بتمحوره الإقليمي البدء في تنفيذ مخططاته‌ وهجماته الغير مشروعة ضد إقليم كوردستان ودئبه‌ بعد تفرده بالسلطة وفرض نفسه عنوة في العاصمة العراقية لإحداث الثغرات في صفوف القوى الكردستانية وفي النهاية جرّ العراق بإتجاه الدكتاتورية ودفعه نحو الهاوية. من سيدفع الثمن؟

إن تداعيات سياسات المالكي الغير سليمة أوجدت حالة من غير الاستقرار والقلق ومخاوف حقيقية لد? القو? الديمقراطية الكوردستانية بحيث يفضي كل ذلك وغيره الى نهايات ليست في صالح الجغرافية السياسية لعموم العراق.

الحكومة الإتحادية يجب أن تعرف بأن الكوردستانيين اليوم يعيشون ثورات معرفية، ثورات اكتشاف قيمة الحرية والكرامة، يلتزمون بالدستور وبإنسانيتهم، يمتلكون الإنسانية ويدافعون عنها وبقدر إمتلاكهم لإنسانيتهم يمتلكون الحرية في إصدار القرار، يسعون في رسم مسارات حياتهم الشخصية والقومية، مدركين إنتماءهم ال? الجنس البشري وقيمة مسؤولياته، لا يتقبّلون بعد اليوم ساسة مستبدين، يخدعونهم بأبواقهم وترّهاتهم وتهوراتهم المتخلفة.  نقول لا جدو? من إنقضاض خريجي المعاهد الشمولية عل? تطلعات وآمال الشعب الكوردستاني وأخيراً لن يصمد أصحاب الفكر الأحادي والنزعة الشمولية أمام إرادة شعب كوردستان.

وختاماً يقول فيلسوف الإرادة الألماني فردريش نيتشه (1844-1900): "لا تمشِ في طريق من طرق الحياة إلا ومعك سوط عزيمتك وإرادتك لتلهب به كل عقبة تعترض طريقك."


الدكتور سامان سوراني

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2251 الأحد 21 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم