أقلام حرة

غزة معركة مصر الجديدة؟ / مصطفى الأدهم

بنيامين نتنياهو الى الامام من اعباء الجبهة الداخلية الى  نزهة" الجبهة الخارجية.

فالجبهة الداخلية الاسرائيلية مقبلة على انتخابات نيابية، استعد لها نتنياهو بتحالفه المثير للجدل مع وزير خارجيته، افغادور ليبرمن، زعيم حزب "اسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف. هذا التحالف الذي يريد منه نتنياهو ان يوصله الى كرسي رئاسة الوزراء مجددا كزعيم أوحد لليمين الاسرائيلي قد يخلفه فيما بعد ليبرمن. لكن، استطلاعات الرأي تحدثت عن انخفاض في الشعبية لهذا التحالف فيما هاجمه اغلب ساسة الوسط واليسار في اسرائيل.

خارجيا، لايمكن إهمال "البعد الامريكي"، خصوصا وان نتنياهو كان قد راهن بصيغة " All in " على المرشح الجمهوري الخاسر، ميت رومني، ما يعني انزعاجا للمرشح الديمقراطي الفائز، الرئيس باراك أوباما.

 

من هنا، قد يكون الهروب الى الامام حلا "جيدا" لنتنياهو كي يشد من عصب الجبهة الداخلية حوله، ويضطر خصومه الى الاصطفاف خلفه لضرورة توحيد البيت الداخلي لـ "مقتضيات الأمن القومي"، ما يعطيه دفعة الى الامام على حساب خصومه في الانتخابات القادمة خصوصا اذا ما حقق "نصرا" ما. في الوقت نفسه يضع الرئيس الامريكي امام خيار واحد لا ثاني له، وهو اما دعم اسرائيل ما يعني نتنياهو او "الانتحار السياسي الداخلي"، في وقت يغرق فيه أوباما حتى اخمص قدميه في وحل الأزمة الاقتصادية الداخلية الواجبة الحل قبل نهاية العام الحالي، أضيف لها درن الفضائح الجنسية لكبار قادته من العسكر ما يعني اضافة اثقال جديدة الى سلة التعيينات المرتقبة من وزير خارجية، و وزير دفاع، والآن رئيس لجهاز الاستخبارات  السي آي أي"، وقائدا جديدا للقوات في افغانستان.

ان نتنياهو استغل الوضع الاقليمي الملتهب، وانغماس الرئيس الامريكي في الشأن الداخلي، فأتجه نحو غزة لاحراز انتصار انتخابي عبرها وعلى حسابها.

 

لكن يبدو ان الحسابات قد تغيرت. رد حركة "حماس" النوعي وامتلاكها لقدرات "بعيدة المدى" - في هذه الحالة، ونجاحها في اختراق نسبي لدفاعات "القبة الحديدية"، والتحرك المصري لمرسي غير المسبوق بسحب السفير المصري من تل أبيب، وإيفاد رئيس الوزراء هشام قنديل، كلها معطيات جديدة، لا يمكن التغاضي عنها. وان كان الحراك المصري لم يزل يدور في فلك "الرد الديبلوماسي" الذي عمليا لا يسمن من جوع ولا يغني من فقر. لكنه معنويا يروي عطش المتطلعين الى "دور عربي و مصري" في القضية الفلسطينية، ويعد مؤشرا على مصر "جديدة" على المعني أخذها في الحسبان.

فمرسي اليوم في وضع لا يحسد عليه. بين مطرقة الضغط الشعبي الذي لايمكنه تغاضيه وسندان الضغوط الدولية التي لايمكنه الإفلات منها. خصوصا وانه قد بذل جهودا وأبدى براغماتية غير مسبوقة في تعاطيه الخارجي لاسيما مع الجانب الاسرائيلي، فحارب في سيناء الجهات المتطرفة، واغلق الإنفاق بوجه غزة، ولم يفتح المعابر بشكل دائم، والتزم بالعهود والاتفاقات المبرمة ولم يقترب صوبها، بل وزاد بالعمل على ملف "التهدئة" بين "حماس" والجانب الاسرائيلي، وملف "المصالحة" الفلسطينية بين حركتي "فتح" و "حماس"، فكان ان كافئه نتنياهو بهجوم على غزة أحرجه (اي مرسي) اكثر من غيره وحشره في خانة "إليك" كي يكون الخاسر الاكبر.

ناهيك طبعا عن الخسائر البشرية والمادية، والمعاناة الانسانية للنساء والأطفال والشيوخ.

 

المعركة في باطنها اليوم هي بين مرسي ونتنياهو.. اكثر منها بين نتنياهو وخالد مشعل.. المعركة تدور حول خانة "إليك" - ومن يجلس من فيها؟

فيكون الجالس الخاســـر الاكبــــــر..

والخـــارج منها الرابـــــح الاكبـــــــر؟

 

 

 

مصطفى الأدهــم

18.11.2012

 

في المثقف اليوم