أقلام حرة

العراق: الرئيس يكذّب الناطق الرسمي بإسم حكومته!؟ / مصطفى الأدهم

لنقل ما تريد ايصاله للجمهور والعالم. وهو بعد الوسيلة "الفيزيائية" للتواصل معها، والاستماع لوجهة نظرها.

في الأنظمة الديمقراطية يكتسب موقع الناطق الرسمي بإسم الحكومة كمثال وأية مؤسسة رسمية اخرى اهمية إضافية، حيث لا وجود لمنصب وزير الاعلام احد الأدلة على عدم الديمقراطية حيث تحتكر وزارته الرأي وتفرض وجهة نظرها قسرا من خلال سطوتها " الرسمية " على الصحافة والإعلام.

 

الناطق الرسمي بإسم الحكومة يمثل مصداقية المؤسسة امام الرأي العام. فإن خدشت مصداقيته لسبب ما جرحت مصداقية الحكومة - المؤسسة الرسمية - التي يتحدث وينطق بإسمها، كممثل إعلامي مخول عنها.

 

من هنا نفهم ان لا رأي شخصي للناطق الرسمي، بل هو رأي الحكومة ما يتحدث به.

 

بعد هذه التوطئة، ننتقل الى المشهد العراقي، وما حدث مؤخراً من تصريح للناطق الرسمي بإسم الحكومة الدكتور علي الدباغ، وما تلاه من نفي رسمي لتصريحه جاء على لسان رئيسه المباشر، رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي.

 

القصة بدأت بتصريح للدكتور الدباغ بأنه برئ من أصابع الاتهام بالفساد التي وجهت له فيما يتعلق بالتعاقد على صفقة السلاح الملغية مع روسيا. مضيفا انه كان من نبه السيد المالكي الى وجود "شبهات الفساد فيها". وما كاد الدباغ يفرغ من صولة الدفاع عن النفس، حتى تم رشقه بنفي رسمي على لسان السيد المالكي فصدر عن مكتب الاخير التوضيح التالي:

"نفى دولة رئيس الوزراء السيد نوري كامل المالكي ان يكون السيد علي الدباغ قد اخبره بوجود ما وصفه  بشبهات فساد في صفقة السلاح مع الجانب الروسي، كما نفى دولة رئيس الوزراء في معرض اجابته على سؤال في نافذة التواصل مع الاعلاميين ان يكون كلف الدباغ باية مهمة حول هذا الامر". (1).

 

ماذا يعني هذا؟

ببساطة يعني بلغة الديبلوماسية "نفيا" مهذبا لتصريح الدباغ. ويعني بلغة الصحافة "تكذيبا" للدباغ ونفي ما نسبه لنفسه من دور في " نصح " رئيسه.

وبالتالي فأن النتيجة هي طعن مباشر وصريح - صحفيا، وان كان بصيغة التلميح - سياسيا - بمصداقية الدباغ - ليس على المستوى الشخصي فحسب، بل على الصعيد المهني له كناطق رسمي بإسم حكومة المالكي، وهذا هو الجانب الأهم، لأهمية موقع الناطق الرسمي في رسم صورة مصداقية الحكومة امام الرأي العام - اي الشعب الناخب، المعارضة والمولاة، والعالم. ناهيك عن وسائل الاعلام والصحافة.

 

ماذا يعني كل هذا؟

ببساطة يعني ان لا مصداقية للناطق الرسمي بإسم الحكومة امام الرأي العام. والطاعن في هذه المصداقية هنا هو الحكومة نفسها ممثلة بشخص رئيسها المسؤول المباشر عن الناطق الرسمي، حيث يتبع مكتب الاخير بشكل مباشر الى رئاسة الوزراء.

 

السؤال الجوهري الذي يولد من رحم هذه القصة هو:

كيف يمكن للرأي العام، ووسائل الصحافة والإعلام بشكل خاص الثقة مستقبلا بما سيصدر عن الدباغ على انه يمثل "رأي الحكومة" التي يتحدث وينطق بإسمها؟

من هنا ينشطر السؤال التالي من سابقه، ما هو دور الدكتور الدباغ اليوم في هرمية الكابينة الوزارية؟

ان كان يكذب من قبل رئيسه بكل صراحة إعلامية!

عليه، لماذا يبقى في منصبه ناطقا رسميا؟

ولماذا لا يقال او يستقيل؟!

 

ومن يصدق الرأي العام:

رواية الناطق الرسمي؟

ام نفي رئيس الناطق الرسمي؟

 

ووسط هذه "الدليما" تقف مصداقية الحكومة وصورتها ككل امام الرأي العام؛ الشعب الناخب، المعارضة والموالاة، الصحافة والإعلام، والعالم..

 

كلما طال السكوت، تعمق السقوط. سقوط مصداقية الحكومة في هاوية انعدام الثقة.

الحكومة مطالبة اليوم بشخص رئيسها بتوضيح الصورة وإجلاء الحقيقة للرأي العام، ان كانت حريصة على الخروج من "الدليما" التي وضعت نفسها فيها.

 

مصطفى الأدهم

25.11.2012

 

……………………..

1.   http://pmo.iq/ArticleShow.aspx?ID=727

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2286 الاثنين 26 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم