أقلام حرة

العودة المرعبة للد?تاتورية في العراق والنهايات الكارثية / سامان سوراني

فيما يجد الإتجاه السياسي الحاكم في بغداد ما زال ثابت أو جامد أو متحجر، بل مدمّر أو مرعب. هذا الإتجاه الذي يسع? باللف والدوران ال? دفن روح الوطنية العراقية وإحياء الإستبداد الطائفي أو المذهبي والتعالي القومي. خير دليل عل? ما نعنيه‌ هنا هو قيامهم بحشد قوات عسكرية بإسم "عمليات دجلة" في مناطق مستقطعة من إقليم كوردستان بهدف النيل من التجربة الديمقراطية والتطور الإقتصادي والعمراني في الإقليم الفدرالي. ومن الواضح بأن عقلية القطيع البشري، التي تعجز عن رفع "لا" بوجه الديكتاتور بقول أو بفعل يشهد عل? إرادة التغيير، تصنع دوماً حكومات إستبدادية وأنظمة شمولية أو فاشية، لأن الجماهير تتماه? مع القادة الملهمين وتفن? في شخص الزعيم الأوحد الذي يحول الناس ال? مشاريع قتل? في زمن الحرب أو عبيد لتألهه وجبروته وعذابه في زمن السلم.

صحيح بأننا نقف ضد الحرب، سواء جرت بطائرات الـ 16 أو بالصواريخ الروسية والدبابات أو في قصور النهاية وأقبية الخطف والتعذيب والتصفية، لأن ما عانيناه جراء الحروب المدمرة ضدنا طوال أكثر من 100 عام لا يمكن وصفها بالقلم، لكننا مع كل ذلك لا نقف ضدها لكي نتخل? عن التفكير المستقل وننخرط في القطيع دونما رؤية أو تمييز. هدفنا بناء المستقبل لأبنائنا بعيداً عن لغة السلاح والحروب، التي أشعلت نيرانها ضدنا لينتصر "القائد الملهم" عل? شعبه وينهزم أمام أعدائه. لقد بدأنا بتعليم الجيل الصاعد في كوردستان لغة الحوار والتفاهم لحل مشاكلهم مع الآخرين، ليتواصلوا ويتفاهموا ويتعايشوا ويتبادلوا بين البشر بعيداً عن منازع العنف وظروفه ووسائله.  

لا شيء يحيي العظام وهي رميم، دعونا نستمر عل? خطانا ولا تجلبوا لنا أمراء الظلام الذين يعيشون فساداً في العراق مع كل الحصانة والرعاية ووجوه إنتخبتموه كقادة لقواتكم المحتشدة في مناطقنا الكوردستانية، لتذكرنا بأياديهم الملطخة بدماء أباءنا وأمهاتنا في عمليات القتل الجماعي والتهجير القسري والأنفال السيئة الصيت.

نحن لسنا سذجة، كي ننتظر الخلاص والإنقاذ ممن لا يحسنون الإنتصار إلا عل? شعوبهم ومواطنيهم. والتجارب السابقة أثبتت بأن نتيجة أفعالهم لا تصنع سو? أنظمة للسيطرة ومجتمعات معسكرة ونماذج للتنمية غير فعّالة. فالقفز فوق جذور المشكلات والأزمات، التي استفحلت الى درجة المرض العضال،  لممارسة طقوس الإستعداء ضد الكوردستانيين، كما كان يفعله نظام صدام المقبور طوال عقود بعقلية شوفينية وبربرية، معتبراً الهزيمة نصراً والمشكلة حلاً، تاركاً وراءه قيوده وفقره وأدوات رعبه أو حتفه، لا يفتح الفرص والإمكانات لتشكيل قو? وفاعليات تفكر وتعمل لبناء مجتمعات مدنية بعقول تداولية، عراقية ولا يبني جسراً نسير فوقه نحو فضاءات مغايرة نتجاوز فيها ما يعمل عل? إنتاج المآزق والكوارث.

نقوله بكل صراحة، بأنه ليس هناك أمل في بناء دولة مدنية، طالما الصوت الاول في ادارة الدولة العراقية يدعم فكرة إعادة بناء الجيش والسماح لحمل السلاح تكريساً لعسكرة الشارع العراقي أو لإنهاء الحرية الفردية للمواطن بعد إحياء النزعة العشائرية وتكريسها عرفاً، بعد جعل شيوخ العشائر العربية والوجهاء موظفين بدون دوام لدى الحكومة الحالية، لدعم رئيسها في الانتخابات وتسخير طاقات تلك العشائر للمصالح الذاتية وبعد أن إختزل السيد المالكي الحكومة ومسك بيده الوزارات الأمنية كالداخلية والدفاع والإستخبارات وبعد أن تجاوز هو عل? القضاء وجرده من حياديته وصار مالك القرار السياسي والمالي واستغل الهيئات المستقلة بالرغم من حماية الدستور لها، فهل يعيش هذا السيد في الخوف وإنعدام الثقة وجنون الإرتياب؟

الإتجاه السياسي الحاكم في العراق يجب تتخط? عوائقها الايديولجية المستهلكة وأن تتمرّس بعقلانية جديدة مرنة ومفتوحة، مركّبة ومتحرّكة، تصدر عن الإحساس بالمسؤولية المتبادلة بقدر ما تشتغل بلغة الحوار والتسوية ومنطق الشراكة والمداولة، لا بلغة العنف والسلاح والعسكر وبخلاف ذلك ليس لديه الحق في إنتقاد المواقف المضادة للصف الكوردستاني الموحد تجاه تلك السياسة اللاواقعية، التي تعكس عل? أرض الواقع الحي والمعاش أوهام ومهاوٍ أو عن أفخاخ وكوراث.

وختاماً: "لا يمكن لنا أن نحضر في هذا العالم الحضور القوي الفاعل الخلاق، إلا إذا نجحنا في تغيير أنفسنا وقمنا ببناء العراق الفدرالي عل? أسس ديمقراطية جذرية تضمن حقوق الآخر المختلف وتحترم كيانه وتؤمن بالشراكة الحقيقية. فالديمقراطية هي تجربة سياسية تُعان? وتُبْتَدع بإبتكار ممارسات سياسية جديدة أو بتشكيل واقع جديد أو بخلق مناخ فكري مؤات."

 

الدكتور سامان سوراني

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2289 الخميس 29 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم