أقلام حرة

الأردن بين النفط المجاني العراقي والغاز المقطوع المصري .. حقائق وارقام / مصطفى الأدهم

هذه الحقيقة جعلته يعاني من أزمات اقتصادية نتيجة لانعكاسات الفقر إلى الموارد الطبيعية والحاجة الملحة لها. من هنا، عمل الأردن على توفير الموارد الطبيعية بالحصول عليها من دول الجوار أما مجانا أو بأسعار تفضيلية.

فقر الأردن للنفط سده العراق بشكل أو أخر بتزويده اياها أما مجانا أو بأسعار تفضيلية أقرب ما تكون للمجان من جانب الأردن وهدر نفطي ومالي لثورة الشعب من الجانب العراقي. اما فقره للغاز الطبيعي فسده بأتفاقية ثنائية مع نظام حكم حسني مبارك في مصر عام 2004. 

 

تزويد العراق للاردن بالنفط شبه المجاني ليس جديدا، بل يعود لأيام النظام البائد. لكن، المفارقة الملفتة للنظر أن الحكومات التي تعابقت على سدة السلطة في العراق الجديد، استمرت بشكل أو أخر على نفس النهج الصدامي، على الرغم من الموقف الأردني الرسمي والشعبي غير المرحب بالوضع العراقي الديمقراطي الجديد، بل على العكس كان له دور سلبي في التدخل بالشأن الداخلي العراقي، ليس أقلها التغاضي عن تصدير الإرهاب من أمثال المقبور أبو مصعب الزرقاوي وفتاوى التكفير اضافة إلى ايواء عائلة الطاغية المقبور مع عدم قبوله حتى فتح هذا الموضوع الهام من قبل الجانب العراقي. ناهيك عن الحملة الإعلامية الشعواء التي شنت على العراق الجديد بشكل طائفي مقيت. 

 

وعلى الرغم من كل ما سبق من الحقائق قرر مجلس الوزراء العراقي في أجتماعه بتاريخ (27.11.2012) "الموافقة على اهداء (100) ألف برميل من النفط الخام إلى الشعب الأردني". (1). 

المفارقة أن الشعب الأردني الشقيق بأغلبية واضحة تعكسها تصريحات وكتابات نخبته لا تكن ودا للحكومة العراقية الحالية وتنعتها بأبشع النعوت من قبيل "الصفوية" و"الإيرانية" و"العميلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية" و"الطائفية" في مقابل الإحتفال بالتاريخ الأسود للطاغية المقبور وتمجيده ومدحه. 

وفي مقابل هذا "الكرم الحاتمي" العراقي كان الرد الأردني أقرب ما يكون للفتور فيقول رئيس وزرائه "نحن نرحب بهذه اللفتة ونأمل أن تتلوها قرارات أقوى واعمق". (2).

 

بالطبع فأن الرد الأردني الرسمي لا يقل غرابة عن غرابة الكرم "الحاتمي" لحكومة السيد نوري المالكي في وقت تعاني فيه شريحة كبيرة من الشعب العراقي من الفقر باشبع صوره!.

 

من الزاوية "الغازية"، تم قطع الغاز المصدر إلى الأردن من قبل الجانب المصري المزود منذ أشهر، رغم وقوف عمليات استهداف أنابيب تصدير الغاز المصري إلى كل من اسرائيل والأردن. ورغم وجود أتفاقية ثنائية موقعة بين الأردن ومصر في العام 2004 لتزويد الأول بغاز الثانية لغاية العام 2016. 

لكن، وعلى عهدة صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية، فأن "الملك عبد الله يسعى لإقناع مصر بأعادة ضخ الغاز الطبيعي إلى الأردن، وسط مخاوف من أن يكون وقف الغاز متعمدا من الحكومة المصرية لإذكاء الغضب الشعبي ضد الحكومة، ولتعزيز شعبية المعارضة الإخوانية في الأردن". (3).

من جانبه كتب الرئيس السابق لتحرير جريدة "الشرق الأوسط" السعودية مقالة بعنوان "الأردن والإخوان والغاز"، جاء فيها "...ومجرد ايقاف الغاز المصري عن الأردن، أيا كانت المبررات وهي غير مقنعة، خصوصا أن الغاز المصري لم يتوقف عن اسرائيل، يعد رسالة مقلقة للجميع، وتحديدا الخليج الحريصة على أمن الأردن واستقراره". (4).

 

وعلى الرغم من التحاق الأردن بالمحور السعودي وتحالفه معها استراتيجيا لكنها وشقيقاتها لم تتقدم خطوة واحدة بأتجاه عمان لمد يد العون لها في أزمتها الإقتصادية النفطية الغازية.. على العكس تماما، تركت الحكومة الأردنية محشورة في زاوية الحراك الشعبي المعترض على الأزمة في وقت نقل عن العاهل الأردني تحدثه قبل أيام وعلى مأدبة عشاء خاصة أعدها الوزير الأسبق أيمن الصفدي جاء فيها "اشتكى وسط نخبة من المثقفين ما يصفه رئيس وزرائه عبدالله النسور بـ "السلبية" المصرية في مسألة واردات الغاز. وقتها  تحدث الملك عن الأزمة الإقتصادية الخانقة التي تواجه بلاده ودفعت حكومته لرفع الأسعار بعدما ربطت دول الخليج مساعدتها بقصة رفع الدعم عن السلع والخدمات. في خلفيات التذمر الأردني من تجاهلات دول مثل السعودية وقطر وتركيا للأزمة الأردنية بداء واضحا لحضور الجلسة النقاشية بأن المفردة الملكية تعتب بقوة على مصر الإخوانية التي تماطل في مسألة الغاز لأن قطاع الطاقة الأردني يعتمد تماما على الغاز المصري ". (5).

 

قبل ذلك بأسابيع قال العاهل الأردني بوضوح في خطاب عام "بأن غياب ورفع أسعار واردات الغاز المصرية زاد من المديونية الأردنية بمقدار أربعة مليارات دولار بعد موجة الربيع الأخيرة". (6). 

 

وكانت ايران قد تقدمت عبر سفيرها في عمان بعرض "لتقديم النفط المجاني للأردن لفترة تمتد لـ

30 عاما مقابل تعاون تجاري وسياحة دينية" (7). قوبلت بفتوى تحريم من المرشد العام للإخوان المسلمين وفتور رسمي سرب بأنها خطوة "غير واقعية ولا عملية".

 

من جهتها تضيف "الواشنطن بوست" الأمريكية بأنه" مع كل توقف لضخ الغاز المصري، تضطر شركة الكهرباء الوطنية في الأردن للاستعانة بالوقود النفطي ما سبب عجزا قياسيا في ميزانيتها يقدر ب 3.5 مليار دولار، ربما يدفعها إلى حافة الإفلاس مع استمرار دعم الحكومة الأردنية في دعم الكهرباء بمبلغ 7 ملايين دولار يوميا". (8). 

 

 

وبمقارنة التحرك النفطي المجاني العراقي مع ايقاف الغاز المصري غير المجاني وعدم تحرك دول الخليج التي للأردن معها حلف مفترض، نرى أن العراق قد قدم نفطه مجانا بلا حتى هامش للعب دور اقليمي أو داخلي ولا حتى ألمح إلى مقابل بـ "عملة السياسة" كأن يكون تحرك رسمي واعلامي أردني رسمي أكثر ايجابية تجاه العراق أو اقله تحسين معاملة العراقي المقيم في الأردن الذي يعامل معاملة طائفية ومهينة!.

بينما تتعامل مصر بـ "حرفية" في الشأن الخارجي فتدعم حلفائها في الداخل الأردني بورقة الغاز وتدفع الأردن إلى القبول بدور داخلي للقاهرة من بوابة الغاز وشباك الإخوان!.

أما السعودية التي يفترض أنها حليفة الأردن في ذات المحور الطائفي، فأنها لم تحرك ساكنا سوى مقالات التنديد لوقف الغاز المصري بينما جفت نفس الأقلام عن أقتراح تقديم السعودية للنفط بشكل مجاني أو تفضيلي لعمان أو حث قطر على تزويدها بالغاز؟!.

 

السؤال هو لماذا تهدي الحكومة العراقية ما ليس لها مجانا للأردن الذي لا يقدرها ولا يشكرها؟

بل ولا يحسن من تعامله مع العراقي والعراق؟

ولماذا تدفع مصر الجديدة شركة الكهرباء الأردنية نحو الإفلاس؟

ولماذا لا تقدم السعودية بضعة براميل من النفط لحليفها؟

ولماذا لا تهدي قطر حليفها بضعة أمتار مكعبة من الغاز الطبيعي؟

ولماذا يترك حلفاء الأردن الأخير يواجه المعارضة الغاضبة من جراء رفع الدعم عن المحروقات عاريا من عصا النفط وجزرة الغاز؟

 

الجواب، في وجهه البسيط يمكن في أن السياسة لا تعرف الهدايا المجانية. والموارد الطبيعية والمالية تستخدم في خدمة السياسية الخارجية وتعزيز النفوذ الخارجي للدول. ومن يهدي نفطه بالمجان بلا مقابل معنوي، لا ينتظر أن يسمح له بلعب دور خارجي اقليمي ولا أن يحسن ذلك الكرم الحاتمي من صورته عند المهدى اليه. لأن المهدى اليه يرى الهادي من السذاجة في السياسة الخارجية بمكان أنه لا يطالب بمقابل أعلامي أو سياسي أو معنوي مقابل 10 ملاين دولار من النفط المجاني!.

 

 

مصطفى الأدهم 

14.12.2012.

 

................................

روابط ذات صلة:

(1): http://www.cabinet.iq/ArticleShow.aspx?ID=2575

(2): صائب خليل "رئيس وزراء الأردن لا يشكر العراق على دفعه الجزية".

http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_con

tent&;view=article&id

=69903:2012-12-14-11-19-56&catid=36:2009-05-21-01-46-14&Itemid=54

(3): http://alsawt.net/%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%

D8%B7%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%B3%D

8%AA-%D9%82%D8%B7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A

7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%86/

(4): http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&;article=702200&issueno=12391

(5)، (6): http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\

13qpt966.htm&arc=data\2012\12\12-13\13qpt966.htm

(7):http://www.alquds.co.uk/index.asp

?fname=data%5C2012%5C11%5C11-23%5C23qpt965.htm

(8): نفس المصدر الثالث.

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2305 السبت 15 / 12 / 2012)


في المثقف اليوم