أقلام حرة

حرية مشؤومة وديمقراطية مزيفة

 المتمثلة بالتخلف والجهل والأمية والإقطاع وإضافة الى انتشار الأوبئة والإمراض لعدم توفر العناية الصحية  واتباع سياسة التتريك لطمس الهوية العربية لهذا البلد .

 

وبعد التدخل المباشر لبريطانيا العظمى في طرد الإمبراطورية المريضة من  العراق وادخال العراق في دوامة احتلال جديد لتبدأ رحلة جديدة من النضال من جهة والبطش وشراء الذمم من جهة اخرى .

 

وما بين تأسيس دولة العراق كمملكة وبين اعلان  الجمهورية العراقية    بعد ثورة 14 تموز التي اسقطت الملكية وانتهاء عصرها نزف العراقيون الدماء كالأنهار للحصول على حريته واستقلاله للعيش بحرية وكرامة ولا يزالون.

 

على الرغم من النجاح الذي حققته ثورة 14 تموز بقيادة الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم بالقضاء على الإقطاع وبناء المساكن وتوزيعها على الفقراء وانشاء الكثير من المشاريع الخدمية والإنتاجية الا انها لم تعمر كثيرا بعد العملية الانقلابية ضدها في عام 1963 .

 

منذ استلام البعث للسلطة بعد انقلاب تموز 1968 ولحين انهيار البعث ونظامه الفاشي عانى العراقيون الكثير من هذا النظام وسياسته الغير بناءة وإدخال العراق في متاهات لاحاجة له بها سوى اشباع رغباته الدموية .

 

لقد دخل العراق في دوامة كبيرة وسياسة فاشلة الغاية شل الحرية للفرد العراقي بكافة الطرق والوسائل لربطه بقيادة الحزب والفرد الواحد وتأييد المواطن لهذه السياسة مهما كانت هذه السياسة وان كانت مغلوطة وذات طابع فردي وعلى المواطن اتباع تلك السياسة .

 

 السياسة الدموية  المتبعة  هي لغرض لكتم الافواه وعلى الرغم من احد الاهداف للبعث هو الحرية ولكن دائما كانت مقيدة بقيود من حديد  وان تفوهت بكلمة يجب ان تكون بمدح القائد وبعثه المجيد .

 

اذا لم تهتف فيجب عليك ان تصفق بحرارة لانك محاسب ومراقب في كل التصرفات التي تبدر منك وان لاتغضب ابدا وتطيع كافة الاوامر للرفاق البعثيين لان ذلك يؤدي الى سلم النجاة .

 

ولكن اياك ان تلعن القائد وحزبه ابدا  لانك لاترى النور ابدا ويمكنك ان تسب وتلعن اين شئت من الانباء والاولياء وحتى سبحانه وتعالى رب العالمين دون تمس شعرة منك .

 

انتظر العراقيون الخلاص من تلك الاوضاع الهزيلة ونيل حريتهم الموعودة التي انتظروها عقودا طويلة بعد ان امتلائت السجون بالمناضلين والمقابر بالشهداء ومنفيين خارج اسوار الوطن .

 

هل تاتي الحرية مجانا لابد من ثمن وقد  سدد العراقيون الثمن بصك قابل للصرف من اي بنك كان فهل نال الشعب الحرية .

 

 كنا نتامل خيرا في عراق ما بعد  صدام وحزبه الفاشي ولكن للأسف تلاشت الآمال سريعا بعد تبين اننا استبدلنا حرية مزيفة بحرية مغلفة برائحة الدم من جديد ومشبعة بنفاق سياسي مستورد من خارج البلاد وببدع اسلامية تريد فرض هيمنتها على الشارع العراقي بكافة الوسائل .

 

الحرية شئ مقدس لا يمكن الاستغناء عنه ولا يمكن لشعب ان يبني وطنه دون ان ينال حريته ولكن يجب ان تكون مرتبطة بديمقراطية  صحيحة وغير مزيفة .

 

جميع الاحزاب تريد فرض سيطرتها على الشارع العراقي واستخدمت وسائل مختلفة لفرض هذه السيطرة منها التهجير والتكفير والقتل بواسطة تنظيمات مسلحة اعدت لهذا الغرض تتلقى الدعم من دول مجاورة وتتدرب هناك .

 

لعبت هذه العصابات الدور الاكبر في عملية قتل الحرية وادخال الديمقراطية في دوامة العنف التي لا تنتهي وكما أخذت على  عاتقها الدور في وصل مجموعة كبيرة الى مواقع عليا دون وجه حق ولا يمتلكون اي كفاءة ولا مصداقية وربما حتى شهاداتهم غير شرعية .

 

الحرية تعني ان نعمل وفق القانون ونحترم ذلك القانون لا انه اساس كل بلد متحضر ومتقدم ويسعى لبناء بلده وفق المعايير الصحيحة , وان لاتكون الحرية هي طريقة سيئة نستغلها لتحقيق اهداف شخصية ومصالح حزبية لاتمنح الشعب اي تقدم للامام ,وترافق هذه الحرية ديمقراطية نابعة من صميم تلاحم الشعب في اختيار أناس أكفاء لقيادة البلد وفي كافة الظروف .

 

لكن للأسف كانت ولا تزال ديمقراطيتنا هشة على الرغم من مرور اكثر من 6 سنوات على سقوط  الطاغية لان بنائها وأساسها غير صحيح ومبني على مبدأ طائفي وقومي  وليس على اساس ديمقراطي حر , فاختيار من يمثلون الشعب جاء وفق تحت تاثير قوة السلاح والتهجير داخل البلد وخارجه .

 

حريتنا كانت ولا تزال خائفة لا تستطيع ان ترى النور لأسباب قد تكون خارج إرادتنا على الرغم انه لا توجد قيود تمنعنا ممارسة حياتنا بصورة طبيعية ولكن هناك من استغل هذه الحرية والبسها ثوب الدين واخذ ينشر افكارلا تمت للإسلام  بأي صلة سوى الاسم فقط .

 

فاتخذت من الدين شماعة يتخذها لنشر هذه الافكار السوداء  ليمنع الحريات الشخصية في المجتمع ويفرضها بقوة السلاح والضغط وبشتى الوسائل لمنع المواطن من التمتع بحريته الشخصية ولكن لايزال المواطن يخشى ان تفهم تصرفاته بانها مخالفة من وجهة نظر البعض.

 

كما اتخذت بعض الأحزاب التي تدعي القومية والوطنية من الحرية هدفا لها لإضافة نوع الدعاية الى حزبها كحزب قومي او وطني لكسب رضا الشارع العراقي على الرغم  من أنها لا تعرف معنى الحرية ألا غاية للحصول على مكاسب من وراء ذلك.

 

لايزال العراقيون ينزفون الدماء من اجل تلك الحرية التي حلموا بها لعقود طويلة من الزمن وقد هاجر الوطن أعداد كبيرة تقدر بأكثر 4 مليون  من العراقيين ارض الوطن للبحث عن حريتهم المفقودة والتي حلموا بها ولم يجدوها على ارض الوطن,

 

وقد وجدوها خارج اسوار الوطن ورغم مرارة الغربة الاانهم فضولها على العيش بمرارة تحت وطاة السلاح .

 

فهل ياتي زمن تكون فيه  الهجرة معاكسة لأرض الوطن بعد ان تكون الحرية قد أصبحت حقيقة وليست وهم .

 

علي الزاغيني

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1239 الجمعة 27/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم