أقلام حرة

العدوان الاخير على غزة كان الأبشع ولكنه ليس الأول

فالهزائم أيضا تصنع تاريخ حتى بالنسبة للمنهزمين إن تعاملوا بعقلانية مع الحدث وأخذوا دروسا وعبرا من الهزيمة .احيانا تكون الهزائم مفتاحا ومدخلا للنصر، واحيانا يؤدي نصر عسكري لهزيمة سياسية وحضارية للمنتصر، ذلك أن الحكم إن كانت الواقعة نصرا أو هزيمة لا يكون من خلال الواقع الميداني للحرب فقط بل من خلال النتائج الاستراتيجية للحرب أو المحصلة السياسية، العقلاء أصحاب الإرادة والإيمان بعدالة القضية التي يحاربون من اجلها قد يحولون الهزائم العسكرية لانتصارات سياسية وإن على المدى البعيد.إصدار حكم قيمة على حرب لا يعبر عن حقيقة ما جرى وحقيقة نتائج الحرب، يتحول لأيديولوجيا مُخَدِرة للجماهير وحائلة دون استلهام الدروس والعبر.

نستحضر مفاهيم النصر والهزيمة ونحن نسمع اليوم عبر فضائيات واحزاب عن إحياء الذكرى الأولى للعدوان أو الحرب على غزة، وقد هالنا العنوان بحد ذاته أكثر من مضمون الاحتفال وما أُلبس للحرب من مسميات لا تعبر عن حقيقة ما جرى ولا عن النتائج الحقيقية للحرب.في هذا السياق نبدي الملاحظات التالية والتي تندرج فيما سبقت الإشارة إليه حول التاريخ، فأن لم نستطع تحقيق انتصارات نصنع بها تاريخا مجيدا، فعلبنا تجنب تشويه تاريخنا :-

الملاحظة الأولى:- لم تكن حربا على غزة بل عدوانا على الشعب الفلسطيني، فالحرب الإسرائيلية موجهة ضد كل الشعب الفلسطيني وفي كل اماكن تواجده وليس ضد غزة فقط، غزة جزء من وطن وليست كيانا منفصلا.لا نريد ان نذهب لحد القول بانها حرب إسرائيلية عربية حتى لا يتم اتهامنا بالرومانسية أو عدم الواقعية، ولكنها بالتاكيد حرب فلسطينية إسرائيلية وليست غزاوية إسرائيلية.

الملاحظة الثانية: لا شك أن العدوان الأخير على الشعب الفلسطيني في غزة كان أكثر دموية وإرهابا ولكن لا يمكننا فصله عن سيرورة الصراع مع العدو وهو صراع بدأ منذ أكثر من ثمانية عقود، الصراع مع العدو الصهيوني لم يبدا منذ عام ولم يبدا منذ سيطرة حماس على قطاع غزة .

 

الملاحظة الرابعة -القول بالذكرى الأولى للحرب أو العدوان على غزة يصب في مصلحة الإنقسام ويعبر عن عقلية الانقسام ومحاولة لتأريخ جديد للحرب الفلسطينية الإسرائيلية ولتاريخ العدوان على الشعب الفلسطيني.من يقول بالذكرى الأولى للحرب على غزة يتناسى أنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها عدوان وحرب على غزة كجزء من الشعب والوطن الفلسطيني فتاريخنا مع العدو هو تاريخ عدوان صهيوني متواصل بحيث لا تمر سنة بدون عدوان وخصوصا في السنوات الأخيرة.

الملاحظة الخامسة:-لا شك أن االعدوان الأخير على قطاع غزة كان الأكثر بشاعة ودموية من الناحية البشرية والمادية، وان اهلنا في القطاع تعرضوا لعنت شديد،  وما مارسه العدو بحقهم كانت جرائم حرب،  ولكن أليس العدوان على الضفة اكثر خطورة من العدوان على غزة؟ أليس احتلال الأرض والاستيطان والتهويد عدوان على مجمل الشعب وتهديد للوطن؟ أليس ما يجري في القدس عدوانا أكثر خطورة مما جرى في غزة؟التركيز على العدوان على غزة يُظهر وكأن الأمور في الضفة الغربية عادية ولا يوجد عليها عدوان وبالتالي لا داع للاهتمام بما يجري في الضفة.ويكون الأمر اكثر خطورة عندما يتم تصوير الأوضاع في الضفة بأنها صراع بين السلطة واجهزتها الامنية من جانب والشعب من جانب آخر، بينما الصراع في القطاع بين حركة حماس واهل غزة من جانب والعدو الصهيوني من جانب آخر.

الملاحظة السادسة:بعد عام على العدوان الأخير على الشعب الفلسطيني في غزة يحق لنا التساؤل، أين معسكر الممانعة واين المتباكون على غزة، أولئك الذين ملئوا الدنيا ضجيجا أثناء العدوان وسيروا المظاهرات والمسيرات وعززوا الفتنة الفلسطينية الداخلية؟ماذا فعلوا لصد العدوان؟ وماذا فعلوا لبناء ما دمره العدوان؟ يصمت هؤلاء صمت القبور بل أكثر لأن صمت القبور مؤقت ليوم البعث أما صمتهم فلا يبدو ان بعثا له.

الملاحظة السابعة:خذلان جماعات ودول الممانعة حالها حال جماعات ودول الاعتدال يجب أن يبلغ درسا وعبرة للكل الفلسطيني بأن ما حك جلدك مثل ظفرك، وان لا احد يمكنه مواجهة العدوان الصهيوني المتواصل في الضفة وغزة إلا الشعب الفلسطيني الموحد في إطار قيادة وحدة وطنية. بعد عام من عدوان هاجت وماجت له حركات وأنظمة إسلامية وغير إسلامية ودفعت حركة حماس للصعود لأعلى الشجرة موهمين إياها بأنها قادرة على هزيمة إسرائيل بل وإعادة أمجاد الأمة الإسلامية .... على حركة حماس، وخصوصا في فلسطين، أن تعيد النظر في حساباتها وتعرف أن الآخرين يوظفونها ويوظفون معها معاناة الفلسطينيين، إما ليرتزقوا، والإرتزاق له عدة اشكال ومنه ارتزاق الفضائيات، أو ليبنوا مشاريعهم السياسية والقومية، أو لينفذوا مخططات لواشنطن وللغرب ضمن سياسة الفوضى البناءة.

الملاحظة الثامنة :أن تتزامن الذكرى الأولى للعدوان العسكري الأخير على الشعب الفلسطيني في غزة مع أستشهاد ثلاثة فلسطينيين في الضفة ومثلهم في القطاع يدل على أن العدوان الصهيوني متواصل ضد أهلنا في الضفة واهلنا في غزة، فالعدو واحد سواء رفع الفلسطينيون رايات السلام والتسوية أو رفعوا رايات الحرب والمقاومة.

الملاحظة التاسعة: لا يبدو أن الاحزاب اخذت دروسا وعبرا من الحرب، فللأسف وسواء كانت نتيجة الحرب نصرا كما تزعم حركة حماس ومن يشايعها من الذين يريدون ان يستروا عوراتهم باي شيء حتى بدماء اهل غزة،  أو كانت هزيمة عسكرية،  فلا يبدو أن النخب السياسية الفلسطينية أخذت دروسا وعبرا لتغير من نهجها وتبحث عن القواسم المشتركة وطنيا لتبني عليها استراتيجية وطنية جديدة.حتى ردود الفعل الدولية على المجازر الصهيونية لم يتم استثمارها بشكل جيد وذهبت ادراج الرياح بسبب الانقسام الفلسطيني والعربي معا.

الملاحظة العاشرة:بعد عام ما زال الحصار متواصلا على غزة وما زال الانقسام والفصل الجغرافي والسياسي متواصلا بل يتعمق، ولم يتم بناء ما دمره العدوان، بعد عام من العدوان الأخير، الفلسطينيون في غزة يبنون بيوتا من الطين بتمويل من وكالة الغوث، فهل صدقت تهديدات ليفني عندما قالت سنعيد الفلسطينيين خمسين سنة إلى الوراء؟يبدو أنها صدقت بفعل التخاذل العربي والإسلامي والدولي .

حتى لا نشوه تاريخنا بأيدينا، وحتى لا نؤرخ للانقسام وكأنه حقيقة، فسنسرد أهم المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق شعبنا الفلسطيني، وإن كانت مجزرة غزة الاخيرة أبشعها فليست اولها.

 

5/1/ 1948- قامت منظمة الهاغاناة اليهودية بنسف فندق سمير أميس في مدينة القدس وأسفر عن مقتل عشرين فلسطينيا كانوا بداخله.

7/1/1948- مقتل خمس وعشرين فلسطينيا إثر قيام العصابات الصهيونية-الأرغون-بإلقاء متفجرات على الفلسطينيين في منطقة باب الخليل في مدينة القدس.

19/1/ 1948- قامت عصابات الهاغاناة بقتل سبعة عشر فلسطينيا في هجوم مسلح على قرى شفا عمرو وطمرة – قضاء حيفا والناصرة-داخل الخط الأخضر.

14/2/ 1948- قامت عصابات الهاغاناة بقتل أحد عشر فلسطينيا في هجوم مسلح على الفلسطينيين في مدينة حيفا.

3/3/1948- قامت الهاغاناة بقتل ثلاثة فلسطينيين في هجوم مسلح على قرية بير العدس قضاء يافا وطردت ا لفلسطينيين من القرية المذكورة.

13/3/1948- قامت منظمة الأرغون بنسف قطار يحمل مدنيين فلسطينيين قرب مدينة حيفا حيث أسفر الحادث عن مقتل أربعة وعشرين فلسطينيا وإصابة العشرات بجراح.

الأول من أبريل 1948 قيام منظمة الأرغون اليهودية بقتل ستة وعشرين فلسطينيا في مدينة يافا.

9/4/1948- قامت عصابات الأرغون وشيترون بهجوم مسلح على قرية دير ياسين – القدس- وهاجمت المدنيين فقتلت 250من بينهم 52 طفل و25امرأة وقد استخدمت العصابات الصهيونية السلاح الأبيض في قتل الأبرياء واغتصاب ا النساء.

13/4/1948-  هاجمت الأرغون وشتيرن قرية ناصر الدين أسفر الهجوم عن مقتل خمسين مواطنا فلسطينيا.

24/4/1948 -قامت عصابات الأرغون بقصف أحياء مدينة يافا مما أدى إلى مصرع العشرات وإصابة المئات من الفلسطينيين بجراح.

5/5/1948-  قامت عصابات الهاغاناة وشتيرن بمهاجمة عدة قرى على نهر الأردن وقتلت العشرات من الفلسطينيين بهدف إجبارهم على الرحيل.

14/5/ 1948-  قامت العصابات اليهودية  بمهاجمة قرية بيت دراس وقتلت ثمانية أفراد-نساء وأطفال-

23/5/1948-  مقتل مائتي  مدني فلسطيني في بلدة الطنطورة وتدير القرية

15/6/1948-  قامت الهاغانا بشن هجوم على البيارات الفلسطينية فقتلت تسعة عشر فلسطينيا-مزارعين,نساء وأطفال-

4/10/1953- قامت مجموعة من الجنود الإسرائيليين بمهاجمة قرية قبية – وقتلت سبعة وستين فلسطينيا. إلى جانب تدمير العديد من المنشآت المدنية –45 منزل ومدرسة ومكتب بريد ومركز شرطة-كما قام الجنود الإسرائيليين بقتل عائلة كاملة مكونة من ستة أفراد-أمام الزوج والزوجة-

 

28-29/3/1954-  قام الجنود الإسرائيليين بارتكاب مجزرة في قرية نحالين-بيت لحم-أدت إلى مقتل أحد عشر فلسطينيا.

28/2/1955-  قام الجنود الإسرائيليين بدخول قطاع غزة وقتل تسعة وعشرون فلسطينيا.

10/10/1956-  قام الجنود الإسرائيليين بمهاجمة قضاء جنين وقتل خمس وسبعون فلسطينيا.

29/10/1956- مجزرة كفر قاسم قام جنود إسرائيليين بفتح نيرانهم على العمال العائدين إلى منازلهم في قرية كفر قاسم مما أدى إلى مقتل تسعة وأربعين فلسطينيا.

3/11/ 1956-  قامت قوة من الجيش الإسرائيلي بارتكاب مجزرة بشعة في خانيونس أسفرت عن مقتل خمسمائة فلسطيني,المجزرة طالت المنطقة الشرقية من خانيونس ومخيم خانيونس.

10/11/1956- فتح جنود إسرائيليون نيران بنادقهم على الفلسطينيين في غزة-حي الزيتون- وقتلوا ستة وثلاثين فلسطينيا.

12/11/1956-  قام جنود إسرائيليين باقتحام أحد المنازل في غزة وقتلوا العائلة بكاملها وعددهم أثنى عشر فلسطينيا.

13/11/1956-  قام جنود إسرائيليون باقتحام مستشفى خانيونس فقتلوا أربع وثلاثين مريضا وفتحوا النيران خارج المستشفى فقتلوا تسعين مدنيا.

-يونيو1957   قامت قوات إسرائيلية بقتل خمسة عشر طالبة من مدرسة ابتدائية داخل قرية صنجلة في منطقة مرج بن عامر.

3/11/1966-  قام جنود إسرائيليون بمهاجمة قرية السموع-الخليل- وقتلوا خمسين مواطنا.

 17/9/1982-  مجزرة صبرا وشاتيلا-لبنان- حاصر المئات من الجنود الإسرائيليين مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان ودخلت إلى المخيمين المذكورين قوات حليفة- القوات اللبنانية-مع مساعدة إسرائيلية وقتلت ما يزيد على ألفي مدني فلسطيني-الجدير بالذكر أن أرئيل شارون كان وزيرا للدفاع-

20/5/1990-   مجزرة ريشون لتسيون-عيون قارة- قام أحد اليهود بفتح نيران بندقيته الرشاشة تجاه العمال الفلسطينيين مما أدى إلى مصرع تسعة عشر- سبعة في الموقع وأتثنى عشر نتيجة التظاهرات الفلسطينية التي اندلعت في أعقاب الحادث الدموي-

25/2/1994 - قام المستوطن الإسرائيلي باروخ غولدشتاين بإطلاق النار على المصلين داخل الحرم الإبراهيمي الشريف مما أدى إلى مقتل تسعة وعشرين فلسطينيا وعلى إثر الأعمال الاحتجاجية الفلسطينية التي اندلعت ضد المجزرة,.فتح الجنود الإسرائيليين نيرانهم وقتلوا واحد وخمسين فلسطينيا,ليصل المجموع إلى ثمانين قتيلا.

25/9/1996- اندلعت التظاهرات الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية بعد افتتاح إسرائيل للنفق أسفل المسجد الأقصى مما أدى إلى وقوع مواجهات ضد الاحتلال وقتل الجيش الإسرائيلي خمس وستين فلسطينيا وأصابوا 1450 منهم بجراح .

- في نهاية فبراير 2002 أقتحم الجيش الإسرائيلي مناطق السلطة الفلسطينية وأرتكب مجزرة جنين وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية تم قتل أكثر من 600 فلسطيني وجرح أكثر من 3000 أغلبهم من المدنيين.

بعد اجتياح الضفة الغربية لا يمر شهر إلا ويقوم الجيش الإسرائيلي باعتداءات واجتياحات لقطاع غزة، مرة في جنوبه واخرى في شماله وفي كل مرة كان يسقط العشرات ما بين قتيل وجريح بالإضافة للتجريف والدمار، هذا بالإضافة إلى ان الشعب الفلسطيني قام بانتفاضة الأقصى التي سقط خلالها أكثر من خمسة آلاف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والأسرى وتدمير للبيوت والمؤسسات الخ.

بعد كل ذلك هل يجوز بان العدوان الإسرائيلي بدأ منذ عام فقط؟

 

‏27‏/12‏/2009

[email protected]

www.palnation.org

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1269 الاحد 27/12/2009)

 

 

 

 

في المثقف اليوم