أقلام حرة

منْ تدمر أعطوا ما لزنوبيا لزنوبيا وما لقيصر لقيصر !!

زنوبيا يومَ أرَّقتْ أورليان لم تكنْ لتنتصر وسيفها الشيشة المصريَّة ولم تكنْ لتبنيَ إمبراطوريَّة الزمن الصعب لولا قدرتها على لملمة شتات البادية لتجمع الجميع على إبداع جوهرة الصحراء التي أكملت صناعة طريق الحرير لتكرِّس تنافذ الثقافات لا تقوقعها ولتقول لآل سعود في شبه الجزيرة العربية أنَّ البحر الأحمر مهما كان عميقاً لا بدَّ لنا من اقتناص درره وثرواته كي يهدأ بثورته الحضارية فلا يثورُ ولا يصيبه الهيجان إلا عندما تتفجَّر الحكمة في ينابيعه الخائفة من مائها العذب لا تنتظرُ تنين الصين النائم لينفث ناره بل تمسك بجبروته لتصنع سلام الواقعيَّة على أهبة التطوير والتغيير والحداثة بكلِّ مفاتيح الاقتصاد والبترودولار !!.....................

ما سبق ليست مقدِّمةً للتباهي والشماتة بمن دنَّسوا بلداننا باسم العروبة وهم من يدسُّون السمَّ في عسلها وفي حلوها وفي مرِّها بل مدُّ طريقٍ كاملٍ بدأ ولن ينتهي لكلِّ من يودُّ العبور معنا إلى السلام في سورية في كلِّ واحة نورٍ تلوح كي نجعل سرابها حقيقة في بوادي العرب وصحراء العربان إنْ أدركوا يوماً أنَّهم عربا وهنا لا نقتل طموح الدول واستقلاليَّتها ولكنْ نطمئنُ الأمَّة العربيَّة أنَّ الرئيس الأسد لا يدير قبلة سورية لتكون في قمٍّ فولاية الفقيه كما يراها الرئيس الأسد لا تجتثُّ أحلام الأكثريَّة أو أضغاث أحلام غيرها بل تُؤسِّسُ لوطنٍ سيجعلُ الدين روحانيَّاً لا تهدمه مكة ولا تبنيه قمّ بل يرفع عروبته من دمشق كي يقول من قاسيون لا حجَّ خارج أسوار دمشق إلا لمن يعرف كيف يدركها مهما ضاعت البوصلة وتغيَّرت الاتجاهات فوحده الأسدُ البشَّار يسير بهدوء الجبابرة الرُحماء كي يُبشِّرَ بسوريَّتنا الجديدة وهو يقولُ للجميع تفاءلوا فما بعد الضيق إلا الفرج وما أنتم يا أبناء سورية إلا رواة حضارةٍ لن تنضب مدنيَّتها مهما تقطَّعت الرؤوس ومهما أُغْرقتْ نداءات "الله أكبر " بالساديَّة وهنا نقول لمن يدَّعون الفتح ويشقون صفوف الأمَّة الواحدة كما قال الله سبحانه في سورة الفتح "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" فلتكونوا يا منْ تدَّعون أنَّكم مع الشعب السوريِّ رحماء عليه !!

تدمرُ عادت لا لتظهر وتكملَ لعبة القطِّ والفأر بل لتعطيَ رسائل كثيرة تمتد عبر بادية الشام لتصل إلى شبه الجزيرة العربية ربَّما عبر طائرةٍ مكوكيَّةٍ روسيَّة لأنَّ السياسة عابرة للمشاعر فلا نستطيع أن نبني السياسات على أحقادنا بل على تخفيف الأضرار وتعزيز المكتسبات ورؤية الآفاق القادمة وهنا كانت صفعة تدمر في وقتها تلطمُ السياسات الخليجيَّة في زحف ملوكها وأمرائها وسلاطينها راكعين إلى إدارة ترامب كي يخلع عن رقابهم طوق الأسد الذي بات يخنقهم كلَّما شدَّت إيران حباله ولفَّتها أكثر وأكثر ولكنَّ موسكو حينما أمسكت ملفَّ العدالة السوريَّة لم تبعد أحد ولمَّت من المعارضات الكثير الكثير حتَّى كادت تضيق ذرعاً بمعارضة الرياض التي تظنُّ أن سورية ستقدَّم لعرَّابيها على طبق من ذهب وأنَّها سوف تمضي باتجاه طائفٍ جديدٍ من نوعه في سورية أو باتجاه فدرلةٍ على مقاس دولٍ بعينها أو معارضاتٍ بعينها تعطي نفسها حجماً غير موجودٍ أصلاً لن تحتملها الكيانات السياسيَّة والجغرافيَّة والمكوِّنات الشعبوية في سورية رغم إصرارنا كسوريين على ضرورة خلق نظام سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي تنموي يبثُّ الروح من جديد في طريقة التعاطي السياسي الداخليِّ المنطلق من عقد المواطنة الحقيقيَّة لا من مبدأ " لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم " ولا منْ مبدأ " كلْ لكنْ لا تنسَ أنْ تطعم غيرك " ولنخرجْ من ثقافة المحاصصات ولنكنس عنَّا قمامة من يأكلون البيضة والتقشيرة فالوطن السوريُّ القادم هو الحلمُ الذي سينهضُ بالإنسان قبل الحجر كلٌّ يعرفُ ما له وما عليه من حقوقٍ وواجبات وكلنا مدركين ما قاله في وطن المؤمنين عيسى عليه السلام يوماً "أعطوا ما لقيصرَ لقيصر وما للَّه لله " فهل من قيصرٍ يلوح في الأفق مُبشَّراً ومبشِّراً سوى الرئيس الأسد ؟!!!

 

بقلم الكاتب المهندس: ياسين الرزوق زيوس

سورية حماة

في المثقف اليوم