أقلام حرة

إنَّ الله لا يغيِّرُ ما بقومٍ حتَّى يغيِّرَ ما بحكومتهم من فساد !!

تغرقنا جحافلُ الماضي بأثواب مهترئة من فطرة الاعتناق المحسوم فنظلُّ أسرى نظراتها ونحن نرى عيوننا مشدوهةً تنظر إلى بوَّابة المستقبل لكنَّها تخشى الولوج فيه فلا تغمضُ الخوف عن استفاقتها ولا تستفيق من غمضة الخوف المزمن لنبقى محتارين في كلِّ تساؤل ونتساءل هل فعلاً نحن من رعاة التغيير كي ينمو ويكبر أم أنَّنا من هيئات الزمن المهجور ننهى عن منكرٍ هو المستقبل ونأمرُ بمعروفٍ هو نهج التدمير الممنهج لأمَّةٍ لا تحترمُ كبيراً ولا تعطفُ على صغيرٍ بقدر ما تفتك بنفسها وبأبنائها وخاصة أولئك الغيورين عليها كي تفقد احترامها بين الأمم التي باتت تعيِّر كلَّ أممنا المتناحرة بالعروبة والإسلام ونحن ما زلنا نتناحرُ في كلِّ ماضٍ يهدُّ أركان وجودنا الذي لم يُوجدْ بعد ؟ !!!!

لم تعدْ أحاديث البخاريِّ تمتدُّ بإسناداتها إلى تلك العصور النبويَّة بل باتت تمرُّ على حاضرنا لترسِّخ فيه تخاريف ما يجري من سمسرةٍ على إنسانيَّتنا وتجارةٍ بإنساننا ودوماً الكرة في ملعب الحكومات فأجهزة البثِّ المتعلِّقة بالتغيير هي من تملكها وهي من تتلو على مسامع شعوبها "إنَّ الله لا يغيِّرُ ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم" وهي التي يجبُ أن تُحسِّن صورة " كما تكونوا يُولَّى عليكم " فالشعبُ لا يملك مرآةً سوى في وجوه الحكومات المتعاقبة التي تمضي بوجوهٍ مسودَّة كما أتت بوجوهٍ مسودَّة  و"يوم تبْيضُّ وجوهٌ و تسودُّ وجوه"  لم تعدْ مجدية بعد تشظِّي مرايا الحكومات المتعاقبة التي تمسك الفساد من ذنبه ولا تتجرَّأ على تعقُّب رأسه أو لمس جوانحه أو حتَّى إيقافه عن النعيق لو كان طيراً وعن اللدغ لو كان حيواناً زاحفاً وعن افتراس من يمرُّ بجانبه لو كان تمساحاً ومن ثمَّ إن آذت ذنبه تداويه بكلِّ ما أوتيت من أدويةٍ بات سعرها أضعافاً مضاعفةً في سورية وخاصة على الشعب الموجوع بكلِّ داء بعد غلاء أسعار الدواء بما يتجاوز في بعض الأحيان 400 % سورية التي تصمدُ بأسرارها وبعزائم أبنائها لا بمقوِّمات صمودها التي تكادُ تتلاشى وجدليَّة الأرض والشعب ما زالت تأخذ من لغتنا أوطاناً تصرخ إنَّ الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن فكيف بك حين ترى أرذال القوم وسفهاءهم يتربَّعون على عروش الأموال المسروقة من مخصَّصات الشعب من المحروقات وغيرها ومن تجارة الدولار في السوق السوداء  ومن الاحتكار المفضوح لكلِّ شيء دونما رقابةٍ حكوميَّةٍ صارمة وهنا للأسف يندثر القانون ولكنَّ القانون يمرُّ على موظَّفٍ يبحث عن لقمة عيشه وهو في مصفاة حمص بينما زوجته في مشفىً في اللاذقيَّة وكما أعرفُ في القانون الزوجة تتبع زوجها في مكان إقامته ووظيفته ويحقُّ لها النقل إلى حيث زوجها فكيف بالقانون وجبروته وعدم مرونته يقفون هنا ويمارسون صولاتهم وجولاتهم ويريدون منها مالاً بلسماً كي تمضي دون حروق القانون المشمس  بينما في أماكن أخرى تنفرد مرونة القانون دونما روحٍ ودونما قانونٍ أصلاً وينجح ترجمانٌ محلَّفٌ في حمص وغيرها ترجمانٌ لا يحتاج من الوزارة المختصَّة  وهي وزارة العدل إلا إلى ختمٍ خاص كي يبدأ ترجمته لأبشع ما نمرُّ به في سورية  من مزاولة مهنة الخوف فنحنُ نخاف من الحقيقة ونخاف من مواجهة أنفسنا ومن مواجهة ضمائرنا ومن مواجهة حُكَّامنا ومن مواجهة حكوماتنا التي لا تملكُ وازع الردع ربَّما لأنَّ يدَّ القانون الطولى دوماً تكون بتفسيره المغلوط أو المُحوَّر دوماً مع الأقوياء لا مع الضعفاء ومع السفهاء لا مع الحكماء !!

الشجونُ لا ينتهي والثقافة الحقيقية تندثر عندما ترى شويعراً أو شويعرةً  على منابر ثقافتنا لا يُميِّزُ أو تُميِّزُ الأنثى عن الذكر والتاء المربوطة من فيزونها الضيِّق عن التاء المبسوطة للراغبين و المثنى عن الجمع والواو عن الياء والياء عن الألف التي تجعلنا قاصرين غير قادرين على الانتصاب في أيِّ محفلٍ وما يجعلك تحزن أنَّ الثقافة هي مادة القائمين عليها التجارية البعيدة كلَّ البعد عن أصالة وجودة المنتج لأنَّ مدير ثقافة لا يميِّزُ بين نصٍّ جيِّد ونصٍّ مهترئ لا يستحقُّ أن يملك ذائقة التربُّع على هذا الكرسيِّ الذي بات مغموساً بالجهلة والمتسولين والمغرضين وأصحاب التنويم والتجهيل والتلميع فهل من ثقافةٍ غير عليلة بعد هذا الدَّاء المبين وهل من شعبٍ بعد ذلك يمسك ناصية التغيير ؟!!!

 

بقلم الكاتب المهندس : ياسين الرزوق زيوس

سورية حماة

 

في المثقف اليوم