أقلام حرة

باحة التفكير: ڭولو العام زين...

محسن الاكرمينحلقة اليوم من سلسلة باحة التفكير سنقف من خلالها على مقولة تقفز عن كل الإخفاقات و الاختلالات، إنها مقولة (ڭولو العام زين). مرجعيتها مسجل بعلامة حصرية في التراث الغنائي الشعبي، لكننا نحن جيل رسوم سندباد ألفنا سماعها من مقدم نشرة المساء للتلفزة المغربية أيام مصطفى العلوي وتمجيده للانجازات بنهاية حفل تدشين (ڭولو العام زين)، ومهاجمة للخصوم المفترضين والحقيقيين .

(ڭولو العام زين)، هي عنوان لوحة القيادة السنوية في تقويم الموسم السياسي، والسنة الدراسية، والحصيلة المالية، و النتائج الرياضية. (ڭولو العام زين) هي نهاية خارطة الطريق السهلة وبلا منعرجات مميتة، والتي لا تحتاج أساسا إلى رؤية إستراتيجية ولا إلى تخطيط مسبق، و لا إلي سائق ماهر ومتمرس. (ڭولو العام زين) هي أسهل نتائج تقويم لسلسة الحلقة المفقودة المتمثلة في المواطن المغربي وفشل النموذج التنموي، هي الدفع بالمواطنين إلى ترديد (ڭولو العام زين البنات...) مع موسيقى شعبية نافقة مرفقة بابتسام دفينة وساذجة.

الآن، لن أخفيكم سرا فأنا من المواطنين الذين لهم ذكريات مع أغنيات (ڭولو العام زين)، أنا ممن صنع منهم المرحوم أحمد بوكماخ (مواطنا صالحا) يردد وراء خطب الإمام (ڭولو العام زين) ويختمها بآمين. لا أخفيكم سرا حين تتحول النتائج الرياضية السلبية والتي أقصت المنتخب المغربي في نهائيات كأس العلم بروسيا إلى شطيح وفرح ومنبهات السيارات، إنها ثقافة رخوة بترديد لازمة (ڭولو العام زين)، إنه الفرح المشوه و المزيف حين بدأ المغاربة يحتفلون بنتائج الخسران والإخفاق و الإقصاء. إنه المواطن الصالح الذي لا يمكن له إلا أن يقول (ڭولو العام زين) ولن ينقلب يوما إلى مواطن طالح يقول، كم صرفنا من أموال على منتخب رجع بخفي حنين؟، مواطن يطالب بالمساءلة عن مخصصات المال العام، والمحاسبة عن النتائج المقزمة.

الحمد لله أصبحنا لا نمتلك آليات تحليل أسباب و مسببات الخسارة، ولا حتى صدمة إخفاق تسويق ملف المغرب في تنظيم نهائيات كأس العالم 2026، أصبحنا لا نفكر حتى في البدائل و لا في التصويبات البسيطة، وإنما نشد على القشة التي تغرقنا لزاما ونردد بالجمع (ڭولو العام زين يا شعب المغرب).

(ڭولو العام زين) في نتائج حصيلة اشتغال الحكومية العثمانية السنوية. حين عملت بنصيحة من سبقتها وسدت باب الحوار الاجتماعي وقلصت من هوامش الحرية، حين أرهقت جيوب المغاربة بالزيادات المتتالية، حين زادت من هوامش ربح الشركات الكبرى عند تحرير سوق المحروقات. حين لا زال السيد العثماني ينصت إلى نبض الشارع والاحتقان يزيد يوما عن يوم متسعا وعمقا، حين تصبح كل المحاكمات تخويفا للشعب كي لا يطالب بالحرية ولا بالكرامة ولا بالعدالة الاجتماعية. حين ارتفعت أسعار المواد الغذائية و تدهور المستوى المعيشي لغالبية الأسر المغربية بمن فيها الطبقة المتوسطة. حين تم استنزاف المداخيل البسيطة للأسر في مصاريف غلاء القفة والتطبيب، حين لجأت الأسر إلى الاقتراض الحلال والربوي. حين ارتفعت نسب البطالة وأعلن فشل النموذج التنموي المغربي صراحة. حين أصبحت الأسر عاجزة عن الادخار حتى لكبش العيد ومصاريف الدخول المدرسي أو عطلة مثل الجميع، حين أصبح 30% من الأسر المغربية عايشة بالكريدي. هي حكومتنا والحمد لله، ولا بد من تثمين منجزاته بقولنا (شعب المغرب فيق من النعاس).

(ڭولو العام زين) كانت لها رنة كمان في الحصيلة البرلمانية كذلك، حين تفتقت عبقرية نوابنا الكرام بعدم تصفية صندوق معاشاتهم المفلس في الوقت الميت من السنة التشريعية، حين تم تداول مآسي البرلمانيين وتسويقه لعموم المشاهدين ببكاء خطاب التماسيح، حين لم يتم حديثهم في القبة الموقرة عن قمع الحرية في الحسيمة وجرادة ومجموع مدن المملكة، سنقول رغم أنف البرلمانيين أن (العام زين) ولن يحتاجوا إلى تقاعد مريح، فهم في مهمة وليس قي مجلس ممارسي مهنة برلماني بالتوريث.

(ڭولو العام زين) في النتائج المدرسية حين تتزين منصات حفلات التميز بكل المدن بالبسمة والفرح للنجاح القليل و المعدلات المدوية، حين نستهلك زمنا طويلا في التحضير للامتحانات، حين يصبح التلميذ رقما محايدا عن الجودة والتمكين من الكفايات الأساس، حين نحتفل ونحن نردد (ڭولو العام زين بالنجاح، والجودة مازالا مازالا).

انتهى الموسم الدراسي ولا زلنا نفكر في التعليم الأولي عبر موائد الدراسة والخطب الرنانة، انتهى الموسم الدراسي وأنتم تلاميذ المؤسسات التعليمية المغربية بألف خير، انتهى الموسم الدراسي وظهرت صور التحضير للموسم القادم من خلال الصباغة و التزيين. هي سياسة البصرية القديمة بالرحمة والتي لا تقبل غير (ڭولو العام زين). لكن السر الذي لم أخبركم به هي أنني لا أعرف تتمة للازمة أغنية (ڭولو العام زين) من تم وجدت النصح السديد في استعمال لا النافية، كي نصير جميعا كورالا خلفيا يردد دائما ( لا تڭولو العام زين يا شعب المغرب).

 

ذ محسن الأكرمين.

 

 

في المثقف اليوم