أقلام حرة

السكتة العاطفية

"اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"

يقال ان الامثال تضرب ولاتقاس، فهل دائما السكوت من ذهب!!

السكتة العاطفية او مايسمى ب"الخرس الزوجي" بالحقيقة هي حالة غير صحية،بل انها مرض عضال يتسلل الى العلاقة الزوجية ويصيبها بالوهن ثم الوفاة اذا ماعولجت بطريقة حكيمة..

فالصمت العاطفي او الطلاق العاطفي او الصمت الزوجي كلها اسماء تطلق على الهوة الكبيرة بين الزوجين التي تنشأ بسبب ابتعاد الشريكان عن بعضهما وفشلهما بايجاد لغة حوار سليمة وممتعة تقوم بمقام التوابل للعلاقة الزوجية السليمة التي تبنى عليها الوشائج الاسرية القويمة التي تعود بالخير على افراد الاسرة الواحدة..

ان من اسباب السكتة العاطفية ان يكون احد الشريكين اوكلاهما يفتقر لاسلوب الحوار مهما كان بسيطا وذلك يعود الى تربيته الاولى التي جعلته اما انطوائيا لايرغب بالحديث ويفضل العزلة ،واما ان يكون  مستبدا معتدا برايه وينظر نظرة دونية الى المراة ليرضي غروره،واما ان تكون فجوة كبيرة بينهما من حيث التنشئة الاجتماعية والثقافية،كأن يكون المستوى الثقافي لاحد الشريكين اعلى بكثير من الاخر مما يجعل احدهما يشعر بالتعالي فيما يشعر الاخر بالنقص،فيلجأ احد الشريكين الى الانطواء ويفضل الصمت على الكلام خصوصا اذاجوبه بالسخرية والالفاظ النابية للتقليل من شأنه او تعييره بنقص ما في شخصيته ايا كان هذا النقص ماديا ،ثقافيا،اجتماعيا ،فتبدأ حالة من الصمت يعقبها شللا في المشاعر وتبلد الاجواء العاطفية واحتضارها بعد ان كانت في الامس القريب متاججة او على قدر معقول من التاجج يتيح للحياة الاستمرار،وللاسف الشديد باتت تلك سمة العلاقات الاسرية خصوصا بعد الاربعين ،بعد ان كبر الاولاد واستقلوا بحياتهم وتضاءلت مطالبهم واقتصرت الحياة على بضع عبارات باردة تتعلق بالروتين اليومي للحياة لاتتعدى السؤال عن وجبات الطعام او التسوق،في ظل التقدم الرقمي الذي جمد الحياة وحول العلاقات من علاقات اجتماعية الى علاقات رقمية تجعل ابناء الاسرة الواحدة يعيشون بعوالم مختلفة تحت سقف واحد ،وتلك كارثة اجتماعية تهدد الاسرة والمجتمع..

ان العودة الى الفطرة والطبيعة التي تجعل من الانسان انيسا ومؤنسا ومن هنا قامت الانسانية وازدهرت علاقتها لتجعل الانسان يأنس للانسان ويتالف معه،ويسكن اليه كي لايشعر بالغربة والوحدة والوحشة،لكي يتسامر ويجادل ويسال ويجيب لكي يستطيع ان يشعر بلذة الحياة وديمومتها،قال تعالى"ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة.."الروم21

ان الحفاظ على مستوىً  مهما كان بسيطا من الحوار مع القليل من روح الدعابة تضفي على العالم الاسري جوا من الاستقرار والمودة والطمانينة التي تجعل للحياة نكهة اخرى..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم