أقلام حرة

العراق: بانوراما صغيرة بريشة زائر عابر

في العراق أينما ذهبت ترى مظاهر الاكتفاء المادي بل الرفاه وحتى البذخ لدى فئات اجتماعية ليست قليلة ولا يعاني الفقر إلا الفقراء الصامتون بطبيعتهم. ولكن رغم ذلك يحس المرء أنه تحت تلك الوفرة توجد مكامن للحيرة والقلق، قلق من شئ مجهول يمسك بالروح. قال لي أحدهم : "عندما أتكلم يتهمني البعض أني بعثي .... (ثم قطع حديثة شاتما: "لعنة على...") ولكن يا أخي في ذلك الزمن كان هناك شخص واحد نخشاه (من حزب السلطة) فنرضية أما الآن فلا تدري من ترضي ومن تخشى". لا أدري إن كان هذا الشخص يعبر عن رهاب متأصل ورثها من الماضي أم عن حالة خوف حقيقية إذ لم أسمع أن شخصا قد تعرض لامتهان كرامته بسبب نقده للأحزاب المشاركة في الحكم ولكني أتفهم إحساسه إن كان صادقا في نقله ولم تكن كلمة أمليت عليه من علي (بكسر العين).

وقبل ذلك وأنا في مطار اسطنبول منتظرا الركوب إلى بغداد تعرفت بالصدفة على يساري قديم لم أكن أعرفه ولكن جمعتنا ذكريات مشتركة في أحد بلدان المنفى. ومن خلال حديثي الطويل معه في صالة الانتظار كشف لي عن مزايا يساري مسالم إلى حد الرثاء وكان يتلفت يمنة ويسرة عندما أحدثه ويطلب مني أن أخفض صوتي . ويبدو أن قمع السلطة عندما يطول به الزمن لا يؤول إلى الزوال الفوري بزوال المسبب بل يولد قمعا ذاتيا. إننا إذا أمام صورة بعثي خائف ويساري يخاف أكثر منه. مم يخاف الإثنان؟ لا جواب عندي غير القول أنه المجهول. فمن أمثال هؤلاء (هكذا أتصور) كانوا البارحة يخافون دولة الحزب أو حزب الدولة لا فرق، فهل صاروا اليوم يخافون أحزاب الدولة؟ هل هذه حال العراقيين جميعا؟ من المبالغة قول ذلك لأن العراقيين لا يوفرون أحدا في النقد ولم يعتقل أو يضطهد شخص بسب النقد الذي يصل حد السباب والشتائم لأنه لا الحكومة ولا أحزابها تيبدو قلقة مما يقوله الناس ذلك أن أكثرية الأحزاب المشاركة في السلطة تجمع بين المشاركة فيها واقتسام مغانهما في لحظة ثم الانضمام إلى جمهور الناقدين في لحظة تالية.

وعدا النقد السياسي الذي يتبرأ من كل ما له علاقة بالسلطة يلمس المرء حالة التذمر التي تخص القضايا اليومية كالبطالة لدى الشباب والخدمات والبيروقراطية الإدارية والارتشاء وفوارق الدخل وغيرها. وعلى المستوى الشخصي نرى أن لكل "مواله" والذي كثيرا ما ينعكس في موقف سياسي فأحدهم، في مطار اسطنبول ايضا، جادل بتفضيل الحكم الملكي لأجده فيما بعد واقفا أمام المشروبات الروحية في السوق الحرة متحسرا ومتذمرا أنه لا يستطيع شراء واحدة لأنه من ساكني مدينة دينية تصادر فيه مثل هذه البضائع في المطار وقد يسمع حاملها كلاما مهينا. بل قرأت لكاتب يسكن دولة غربية جاء لزيارة عائلته أن شرطيا في مطار تلك المدينة قد طلب منه نزع قبعته لأنه بحساباته لا تليق بقدسية المدينة.

وعدا ذلك يغيب أي نقاش أو رأي جدي حول السياسة الاقتصادية (لا يوجد ما يمكن أن نسمية سياسة اجتماعية) المتبعة والتي أراها مغرقة في ليبراليتها بحيث يمكن القول أن العراق الآن هو البلد الليبرالي رقم واحد في العالم في زمن تداعي الليبرالية على يد أكبر دعاتها الولايات المتحدة بزعامة ترامب الذي تعيد إجراءاته الاقتصادية النظام الرأسمالي إلى زمن الحماية. فالدولة العراقية لا تتدخل في أي شأن اقتصادي كبر أم صغر عدى بعض الإجراءات الحمائية لبعض المنتجات والتي عادة ما تكون ردة فعل لصيحات المنتجين الزراعيين بشكل خاص الذين ساعدتهم الظروف الطبيعية على انتاج فائض سرعان ما ينضب ليعود المستوردون لسد النقص تيجة عدم وجود مشروعات كبيرة لتخزين الفائض أو تحويله. وبهذا الصدد ربما أمكن القول أن العراق هو أكبر سوق في العالم للسلع المستوردة إلى درجة يصعب على المرء أن يعرف ما هي استخدامات الكثير منها ولو كان العراق مكانا لإعاة التصدير مثله مثل المناطق الحرة في الإمارات لكان الأمر مفهوما.

وبشكل عام هناك الكثير مما يصعب فهمه في العراق. سياسات حكومية مبهمة مضافا لها فيض من الآراء والمواقف الشعبية التي تزيدها إبهاما.

ويرافق هذا التذمر عملية ارتكاس، أي رد فعل رجعي يجعل بعض الناس تروج لفكرة "قبل كان أحسن" أو ما يطلق عليه في مواقع التواصل الاجتماعي "الماضي الجميل". وفي كثير من الحالات يترافق ذلك مع صور من الماضي تعكس أشياء جامدة كالشوارع والمباني والسيارات والتي يبدو أن الماضي يكسبها معنى ليس فيها فهي في نهاية الأمر كينونات جامدة ليس لديها ما تقوله أو تعبر عنه سوى أن تقول أنها قديمة.

وإذا جردنا ظاهرة الحنين إلى الماضي من مغزاها السياسي (رفض النظام السياسي القائم) وحاولنا مقاربتها من منظار اجتماعي إذا صح القول يبرز أمامنا السؤال: لماذا نرى العربي ومنهم العراقي يتعلق بهذه الطريقة المرضية بالماضي؟

إن الجواب الذي قد يبدو بديهيا هو أن حاضر العربي بائس أو أن ماضيه أفضل أو أجمل من حاضره. ولكننا إذا سلمنا بهذا القول فإننا ندخل أنفسنا في حلقة مفرغة لأن ما هو حاضر اليوم سوف يصبح ماض غدا وبالتالي فإن "اليوم" الذي هو بائس يصبح غدا جميلا بعد إن يتحول من حاضر إلى ماضي وهكذا... لذلك لا بد من البحث عن إجابة في مكان آخر. لا أدعي معرفتي بالجواب الشافي ولكني أعتقد أن العربي يتعلق بماضيه لأنه لا يستطيع أن يعيش خارج إطار سلطة فوقية تقوم بكل شئ نيابة عنه تملي عليه أفعاله. وإذا ما حاولنا، وفق منطق "قبل كان أحسن"، أن نطبق معادلة زمنية سيرها إلى الوراء فسيكون لدينا الصيغة المسلية التالية:

من كان يعيش في زمن الحكم الملكي-البريطاني سوف يعتبر الحكم العثماني السابق له أفضل ومن عاش في زمن عبد الكريم قاسم سوف يعتبر الحكم الملكي أفضل ومن عاش حقبة البعث سوف يعتبر حكم عبد الكريم قاسم أفضل ومن يعيش اليوم هذه الحقبة سوف يعتبر حقبة البعث أفضل، ثم وبناء على ذلك، أن من سيعيش !حقبة مستقبلية أخرى ربما سوف يعتبر الحقبة الحالية أفضل

وبالطبع يستطيع كل واحد من هؤلاء أن يجد مبررا لتفضيله.

 أين المشكلة بالنسبة للعراقي؟ إنها تكمن في رأيي في شعوره بالعجز أو الضياع أزاء ما يبدو أنها معادلة غريبة نوعا ما. ويتمثل ذلك في أن الفرد العراقي في الظروف الحالية هو حر بالمعنى الإطلاقي للكلمة فهو حر في أن يمارس أي نشاط اقتصادي واجتماعي ويعبر عن رأيه بحرية كاملة أزاء أي ظاهرة دون خوف من سلطة قامعة ولكنه (هكذا أرى) يحس ان حريته سائبة لا يقيدها هدف ترسمه له قوة قائدة تجعل من حياته ذات معنى هذا إذا اعتبرنا أن النشاط الاقتصادي النفعي (تجاري بغالبيته) لا يمثل هدفا بحد ذاته إذ يبدو أنه لم يعد يضفي على المرء قيمة اجتماعية كبيرة. فالقوة الناشطة اقتصاديا في العراق الحالي هي نوعان: واحد يتقاضى أموالا من الدولة وآخر يبيعه سلعا وما أكثر بائعي السلع في العراق بحيث أن صفة التاجر والتي كان لها مكانتها في السلم الاجتماعي يوما ما لم تعد تعني الكثير. وحتى العمل المنتج والمبدع الذي يفترض به أن يحدد القيمة الاجتماعية للمرء يبدو أنه لم يعد المعيار الحقيقي للقيمة البشرية وحلت محله قيمة أخرى تتعلق بماذا تملك أوكم تملك. وينحصر العمل المنتج بالزراعة وبعض الورش. ويبدو لي أن المثقف أو الفنان الذي لا يملك شيئا أصبح هو السلعة النادرة في العراق. وقد تكون هذه واحدة من حسنات الليبرالية على الطريقة العراقية.

لذلك نرى أن العراقيين جميعا يمارسون النقد ولكنه نقد موجه باتجاه واحد هو الحكومة. ورغم علمهم أن الحكومة وكذلك البرلمان تحكمها أحزاب فهو لا يريدون توريط أنفسهم بالبحث عن التفاصيل أو تشريح طبيعة التجاذب والصراع بين الأحزاب لذلك تراهم يتجنبون أي نقاش في التفاصيل حتى لو كان على أسس فكرية لا تخص حزبا محددا بالنقد ويفضلون إدانة الجميع وهو تبسيط يجدون فيه ملجأ مريحا ويشاركهم بذلك الموقف اليساريون الذين يجدون في لازمة "أنها الأحزاب الدينية" ما يغنيهم عن كل زاد.

وعدا فيض النقد السياسي المسلط على الحكومة يكاد يغيب النقد الاجتماعي غيابا كاملا وهذا ما نراه في ميل بعض المهتمين بالشان الاجتماعي إلى الإكثار من الاقتباس من عالم الاجتماع الذي يكاد يكون الوحيد الذي انتجه العراق الدكتور علي الوردي رغم أن هناك الكثير من المظاهر الجديدة في المجتمع التي تتطلب بحثا والتي ولدتها سياسات الحروب الداخلية والخارجية والقمع السياسي والاجتماعي الذي شهدناها في السابق ومن ثم الانتقال (بعد 2003) إلى حالة الحرية المنفلتة والتي تتطلب هي ايضا بحثا. أي أن مهمة علي الوردي تحتاج إلى من يكملها ليس على مستوى عالم اجتماعي فرد بل على مستوى مؤسسات بحث وندوات ودراسات اجتماعية شرطها الأول أن تتسم بالجرأة ولا تراعي الموروث الجامد وهي مهمة لا شك صعبة بل وخطيرة قد تودي بحتف من يتولاها.

وأميل إلى القول أن "ضياع" المواطن العراقي، إن صحت العبارة، ناتج عن غياب سلطة حقيقية تقوده نحو هدف واضح. إذ مع نشوء الدولة الحديثة لم يعد بامكان المواطن أن يعيش خارج إطار قوة فوقية منظمة سواء كانت هذه القوة غاشمة أو قوة تعمل تحت غطاء القانون. وهذا يفسر جزئيا ميل الكثيرين إلى القول أن "قبل كان أحسن" فهو يحس أن سلطة غاشمة تقوده مرغما وفق خطوط واضحة بل حتى تحت شعارات غوغائية أفضل من سلطة غير مهيمنة لا يدري أين تذهب به حتى لو كانت هذه السلطة قد منحته حرية لم يتمتع بها من قبل. فما قيمة شئ لا يدري المرء ماذا يفعل به؟ ما قيمة حرية لا يستطيع بواسطتها أن يغير مصيره؟

لذلك يمكن القول أن أزمة المجتمع والفرد العراقي هي نتاج لأزمة السلطة المستفحل والتي لا يلوح لها حل في الأفق. هذه الأزمة ناتجة برأيي من ضعف الحكومات المتعاقبة والناتجة عن خلل الدستور الذي منح مجلس النواب سلطة فائضة استخدمها في تعطيل عمل السلطة التنفيذية . أين يبدأ المرء في عملية البحث عن مخرج لهذه الأزمة؟

عند البحث في سيرورة النظام السياسي الذي تأسس بعد 2003 يمكننا إن نلاحظ أن الصراعات التي شابت العملية بأبعادها القومية والطائفية والمناطقية (نسبة إلى المنطقة) بما فيها الصراعات ضمن نفس المكون قد أفضت إلى تحويل مجلس النواب (البرلمان) إلى مركز للقوة الثابتة لكل طرف من الأطراف السياسية بحيث لم نر طوال 16 عاما زوال أو ضعف كتلة من الكتل إلى حد يجعلها غير ذات شأن في القرار السياسي. أضف لذلك أن إدخال صيغة التوافق (رضا الجميع) قد زاد من تعقيد عملية صنع القرار السياسي وقد يكون ذلك مقصودا من خلال التدخل عن بعد في نتائج الانتخابات بحيث لا تفقد أية كتلة قدرتها على أن تبقى ذات صوت مسموع بل وقدرتها على تعطيل القرار السياسي متى رأت أن مصالحها غير مستجابة. ومع الوقت يتحول البرلمان (وقد حدث ذلك بالفعل) إلى تكتل لمجموعة مصالح حزبية متفاهمة ضمنا رغم ما يطفو للعلن من خلافات بينها. إن مجموعة المصالح هذه تمسك بخناق الحكومة (حدث هذا في السابق ويحدث اليوم) وتشل قدرتها على اتخاذ القرار الذي يخص المصلحة العامة بل وعرقلت الكثير من المشاريع التي قدمتها الحكومات السابقة تحت ذريعة أن هذه القوانين تخدم مصلحة كتلة رئيس الوزراء (دعاية انتخابية). وفي خبر قرأته مؤخرا على شاشة أحدى الفضائيات أن مجلس النواب قد أعاد إلى الحكومة 110 مشاريع قرار ولم يصادق إلا على 15 مشروعا. فهل هناك دليل أكبر من ذلك على تعطيل البرلمان للعمل الحكومي وهو أمر لم يبدأ اليوم بل منذ أول وزارة شكلت في 2004؟

وقد فشلت في السابق محاولتان للخروج من صيغة التوافق نحو صيغة الأغلبية السياسية الأولى في سنة 2014 عندما اختير السيد حيدر العبادي كرئيس وزراء توافقي بديلا للمالكي ومرة أخرى بعد انتخابات 2018 عندما اختير السيد عادل عبد المهدي كرئيس وزراء توافقي بديلا عن صيغة الغالبية التي تنافست عليها كتلتا الإصلاح التي يتزعمها "سائرون" وكتلى البناء التي يتزعمها دولة القانون.

من الذي يفشل صيغة الغالبية السياسية وبالتالي إمكانية ولادة حكومة فاعلة؟ أنها الأحزاب والكتل الممثلة بالبرلمان فيما يبدو لي خوفا من أن تقفد امتيازات السلطة ذلك أن ممارسة دور المعارض غير المشارك في السلطة يخيفها فتلجأ إلى لعبة مزدوجة عنوانها: الجسم في الحكومة واللسان خارجها. كم مر سمعنا أن أحد الكتل "تهدد" باللجوء إلى المعارضة فننتظر فلا نرى شيئا؟

إذا نحن أمام حالة يكون فيه البرلمان ليس مكملا أو معاضدا لعمل السلطة التنفيذية بل معرقلا له إلى درجة التعطيل.

 ولا يمكن ان توجد سلطة قائدة للمجتمع خارج سلطة مركزية قوية قادرة قبل كل شئ أن تفرض نفسها على الكتل السياسية وعلى البرلمان الذي أصبح، كما قلت سابقا، مركزا للمصالح الحزبية وما يتفرع عنها من مصالح فردية متشابكة. كما لا يمكن أن توجد سلطة كهذه دون وجود حزب أو كتلة قوية متجانسة تقود هذه السلطة. وهذا ما افتقده العراق منذ 2003. فالائتلاف الوطني الموحد الذي شكل الكتلة الأكبر منذ أول انتخابات برلمانية في 2004 فشل في أن يتحول إلى قوة قائدة للسلطة والمجتمع لاعتبارات كثيرة تقف على رأسها الخلافات التي كانت قائمة بين أحزاب الكتلة وعدم اتفاقها على سبيل واضح يقود إلى بناء دولة جديدة وفق الأسس التي أرساها الدستور الجديد. وقد يعزو البعض الفشل إلى أن تلك الكتلة قد تكونت من مكون معين غير أنه لا بد من الإقرار بأن ظروف تلك المرحلة لم تكن تسمح بتكوين تشكيل عابر للطائفة يملك غالبية برلمانية قائدة لأسباب معروفة.

لقد اصبح ذلك الإتلاف من الماضي وتكونت بعد 2018 ائتلافات عابرة للطائفة ولكن المشكلة ظلت كما هي وظل كل شئ على حالة إذ مرة أخرى لا نرى حكومة قوية والسبب هو نفسه: عدم وجود حزب أو كتلة متجانسة تشكل حكومة أغلبية فتقود السلطة والمجتمع نحو أهداف محددة.

وكما يعرف الجميع فإن حكومة السيد عبد المهدي هي حكومة توافق أو بكلمة أخرى حكومة تاجيل الأزمة التي نشأت بعد انتخابات 2018 حول من هي الكتلة الأكبر. ويبدو ان تأجيل الأزمة بل تأبيدها هو ما تريده جميع الأطراف السياسية طالما كان ذلك يحافظ لها على وجود مستديم في مجلس النواب وفي أجهزة الدولة.

إن سياسة ترضية الكتل السياسية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة لن تخرج البلد من أزمته. لذا فإن إخراج النظام السياسي من أزمته يبدأ بإخراج السلطة التنفيذية من سطوة البرلمان والكتل الممثلة فيه وإطلاق يدها في اتخاذ القرار.

كيف السبيل إلى ذلك؟

لا جواب عندي،

 فالسيطرة على القلاع الحصينة تستوجب حشدا كبيرا وتضحيات كبيرة.

 

ثامر حميد

 

في المثقف اليوم