أقلام حرة

ظاهرة التنمر..

"الناس الذين يحبون انفسهم، لايؤذون الاخرين، كلما كرهنا انفسنا، كلما اردنا ان يعاني الاخرون"..دان بيرس

يعرف "التنمر"على انه الحاق الاذى والاساءة لفظيا واجتماعيا وجسديا بشكل متكرربالشخص المتنمر عليه، وقد يقوم به شخص اومجموعة من الاشخاص ضد شخص واحد او مجمو عة من الاشخاص، وهي شكل من اشكال العدوانية التي يلجأ اليها المتنمر للثار لنفسه من موقف ما اصابه يوما ما، او للتنفيس عن حالة مرضية يعاني منها، فيلجأ لالحاق الاذى بمن هو اقل منه قوة واصغر منه سنا ليمارس التنمر عليه، ويتخذ التنمر اشكالا عديدة:

- التنمر اللفظي :وهو استخدام الالفاظ النابية والمسيئة، والتنابز بالالقاب، وتعيير المتنمر عليه باي شئ للتقليل من شانه وتحقيره.

- التنمر الاجتماعي: وهوتوجيه التهديد والوعيد ونشر الشائعات بين الناس من اجل استبعاد ونبذ المتنمر عليه وغالبا مايستخدم المتنمر الهاتف او وسائل التواصل الاجتماعي للقيام بهذا الامر.

- التنمر الجسدي:وهو ايذاء المتنمر عليه جسديا من خلال الضرب وتوجيه اللكمات واحداث الخدوش بالمتنمر عليه بيده اوباستخدام اي اداة.

وقد يشمل التنمر تخريب ممتلكات المتنمر عليه، اذاكان طالب مثلا فيساء له عن طريق تمزيق كتبه اوحقيبته، اوربما احضار اداة حادة"كتر او موس"لاستخدامها بالتخريب..

ان الشريحة الاكثر تعرضا للتنمر هي شريحة الطلاب بكل فئاتها العمرية من سن الطفولة الى سن الشباب، ويعاني الطفل المتنمر عليه من ضغوطات نفسية كبيرة تعرضه للاكتئاب، القلق، الخوف، اضطراب السلوك، فتراه يتخوف من الذهاب الى المدرسة واللجوء الى اختلاق اعذار لعدم الذهاب كأن يتمارض مثلا، او يعزف عن الذهاب نهائيا الى المدرسة ..

ومما يزيد الطين بلّة عدم شعور الاباء والامهات بالمشكلة نتيجة كتمان الطفل خوفا من المتنمرالذي يهدده على الدوام في حال انه اشتكى لوالديه اولادارة المدرسة، وهذا يزيد الامر سوءا، ولايقتصر التنمر كما يتصور البعض على البنين فقط، انما يتعدى ذلك الى البنات ايضا، والفتاة الضحية الاكثر عرضة وتحملا للتنمر نظرا لطبيعتها الانثوية الضعيفة، وقد يتعدى الامر تنمر الطالب على مدرّسته، او مدرّسه خصوصا اذاكانت مدرسة اهلية، فيشعر المتنمر ان ماله الذي يدفعه اوبالاحرى- مال ابيه- ستجعل المدرسة تغض الطرف عنه، او ان المدرس من غير بلد، اومن غير لون، اومعتقد، او به عاهة، او ان المدرس قد فضل طالبا ما عليه، اوقد يكون سمينا او نحيفا، اوانه قد رسب في امتحان ما..وهكذا..

وحقيقة الامران الموضوع شائك وطويل وان ظاهرة التنمرباتت مشكلة حقيقية لابد من ايجاد حلا جذريا لها عن طريق الاهل وادارة المدرسة والمرشد التربوي، لان التنمر عملة ذات وجهين، الوجه الاول يمثل الضحية- المتضررالاول- وهي التي يقع عليها السلوك العدائي المؤلم مخلفا اوضاعا نفسية لاتحمد عقباها، والوجه الثاني هو "المتنمر" نفسه الذي بات وجوده خطرا يهدد المجتمع، اذا ماعولج بطرق تربوية ناجعة ستؤدي الى تطور الحالة في المستقبل الى سلوك اجرامي المجتمع في غنى عنه، لذا فالحالتين مرضيتين تستدعيان العلاج..

ان الوقوف بوجه ظاهرة التنمر وعلاجها بكل الوسائل، باتت امرا حتميا من قبل الاهل اولا والمدرسة والمجتمع ثانيا، فعلى الاهل تقع المسؤولية الكبرى ثم المدرسة والتي تتمثل بما ياتي:

- مراقبة الطفل اوالابن ونشاطه وسلوكه سلبا وايجابا، وملاحظة اي سلوك غريب يستجد عليه كاضطراب السلوك، الانطواء، العزلة، الفزع، التلكؤ باداء الواجبات، التمارض وايجاد اعذار لعدم الذهاب الى المدرسة، واشعاره بالامان والثقة بالنفس لكي يفضفض عما يواجهه من اعتداء، لكي يستطيع الاهل ردع المعتدي- المتنمر- بالطرق الصحيحة.

- الانتباه الى حالة العنف والسلوك العدواني للابناء ومحاولة معالجتها بطرق تربوية سليمة واعتبارها حالة مرضية لابد من معالجتها.

- الانتباه الى مقتنيات الطفل، حقيبته، كتبه، ملابسه، اذاكانت ممزقة، ومحاولة مغرفة السبب.

- وضع رقابة من قبل المدرسة على سلوك الطلاب خصوصا في اوقات الفرص، لكي تتمكن المدرسة من التعرف على- المتنمر- وردعه كي لايتمادى بسلوكه المريض.

ان المتنمر يختار ضحاياه الاضعف منه لكي يشعر بقونه، وغالبا مايعاني المتنمر من النقص العاطفي نتيجة تربيته في بيت يسوده العنف الاسري اما بين الابوين اوعلى المتنمر نفسه، فلا يفتأ ان يجد وسيلة للانتقام لنفسه والثأر لها عن طريق ايجاد ضحية يمارس عليها العنف- نفس العنف- الذي عانى منه لكي يفرغ شحناته السلبية التي تتراكم يوما بعد يوم لتولد فيما بعد سلوكا اجراميا يهدد المجتمع، لذا فالانتباه لهذه الظاهرة من البداية يكون اسهل بكثير لمعالجنها بدلا من ان تستفحل ويصعب علاجها.. وكما يقال "ان الغصون اذا قومتها اعتدلت، ولايلين اذا قومته الخشب"..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم