أقلام حرة

كشف حساب مع شيعة العراق

في الجاهلية السابقة لعصر الإسلام كان العرب يصنعون آلهة لهم من التمر وعندما يجوعون اثناء ترحالهم يأكلونها. هكذا يفعل اليوم جموع النازلين إلى شوارع العراق ليتهم ليأكلوا ما صنعوه بل ليدمروه شعارهم بذلك "16 سنة لم نر فيها شيئا". أما أنا فأقول لا بل رأيتم وشاهدتم وشهدتم وغضضتم الطرف و جبنتم وجهلتم جهل الجاهلين. وها أنا أقول لكم كيف:

- عشية أول حكومة منتخبة تشكلت برئاسة الدكتور ابراهيم الجعفري في عام 2004 بدأ إقليم كردستان وعلى رأسه السيد مسعود بارزاني بإثارة المشاكل مع الحكومة وكان الجعفري يواجههم بالخلق الرفيع والترفع وغض النظر عن اتهاماتهم واقواليهم. مع من وقفتم؟ الم تلزموا الصمت ووقفتم متفرجين ولم نسمع منكم ولو كلمة استحياء تعاتبون فيها السيد مسعود (كنا لازلنا في مرحلة العتب) على تخرصاته ضد أول رئيس وزراء منكم انتخبتموه في تاريخ العراق الحديث؟

- اضطر الجعفري تحت ضغط كردستان وانتهازية بعض الكتل الشيعية التي تعرفونها إلى التنحي عن زعامة حزب الدعوة ليحل المالكي وانتصر مسعود على إرادتكم. لم تأسفوا ولم تسألوا لماذا وكيف انتصر مسعود وداعمه الأمريكيين والخليجيين و لا من درس تعلمتموه.

- ثم جاء المالكي في 2006 بأصواتكم أيضا فواجه حربا عليه من كل الجبهات.

- عندما صارع كردستان والسيد مسعود بالذات على ضرورة التقيد بالدستور الاتحادي واخضاع مطارات كردستان ومنافذها الحدودية التي كانت تدخل للعراق رجال من كل مخابرات العالم لسلطة الحكومة الاتحادية ماذا كان موقفكم؟هل نزلتم للشارع مؤيدين موقف الحكومة الاتحادية ام لزمتم الصمت "لحد شاف ولحد دري"؟

- عندما كان الشهرستاني وزيرا للنفط بح صوت وهو يردد "أن كردستان تهرب النفط" ماذا كان موقفكم إذا كنتم حريصين على ثرواتكم كما أنتم اليوم؟

- عندما رفض المالكي منح رواتب لموظفي كردستان من ميزانية العراق فوق حصتهم المضخمة 17 بالمائة وكررمرارا أن كردستان تأخذ حصتها كاملة من الميزانية و لا يوجد في القانون اسمه "رواتب موظفي الإقليم" كيف كان موقفكم وماذا فعلتم للحفاظ على ثروتكم.؟

- عندما تداعى بعض أعضاء البرلمان للاعتراض على حصة 17 بالمائة التي تأخذها كردستان وأن حصتهم الحقيقية المتناسبة مع عد سكان الإقليم هي 13.4 بالمائة بما يعني أن كردستان تأخذ سنويا 4 بالمائة زيادة عن حصتها وهذا يعني بلغة الأرقام أنها أخذت 40 قرابة مليا ر دولار زائد عن حصتها من مجموع دخل العراق البالغ ألف مليار دولار بين 2003-2019 . وإذا أضفنا لذلك ميزانية الرئاسة التي حصرت بالأكراد وما يتبعها من جيوش حماية وموظفين وأضفنا إليهم رواتب أعضاء مجلس النواب الكرد وحماياتهم ومصاريفهم الأخرى يكون إقليم كردستان قد نهب على الأقل ربع مداخيل العراق النفطية منذ 2003 وهي من ثروتكم. لماذا لم نراكم تتظاهرون دفاعا عن حقوقكم المهدورة؟

- واليوم حيث يرفض الإقليم تسليم ما قيمة 250 ألف دولار من مبيعات النفط الذي صدره حسب اتفاق وقعه مع الحكومة العراقية بينما يؤكد خبراء النفط أن انتاج إقليم كردستان المؤكد من النفط يصل إلى 400 ألف يوميا (اضربوها في 60 دولار سعر البرميل) والتقديري يصل إلى 600 ألف برميل وسمعتم ذلك على شاشات التلفزيون على لسام المختصين بالشأن و كشف عضو في اللجنة المالية في البرلمان عن قيام وزارة المالية (الوزير فؤاد حسين من حصة الديموقراطي الكردستاني) بتحريف المادة العاشرة من قانون الموازنة الخاص بالإقليم لينص على تسليم بغداد حصة كردستان من الميزانية الاتحادية حتى لو لم تسلم الأخيرة ريع صادرات 250 ألف برميل لماذا لم تتظاهروا محتجين دفاعا عن ثرواتكم؟

- عندما أوى السيد مسعود كل الشخصيات المطلوبة للقضاء والمتآمرة على العراق والفاسدين الهاربين لماذا لم تتظاهروا مطالبين الإقليم بالتزام القانون ومعايير الأخلاق ام كنتم تقضون أوقاتكم في مدن كردستان وتتحدثون متباهين أن مدن كردستان أحسن بكثير من مدنكم وهي التي بنيت بأموالكم وسلمت من الخراب الذي تركته القاعدة وداعش في الموصل وصلاح الدين والأنبار ؟

- عندما سيطر السيد مسعود على 6 حقول نفط من حقول شمال كركوك بعد ان انسحبت داعش أمام بيشمركته بشهادة آلآء طالباني على شاشة التلفزيون وعبرت عن استغرابها من سكوت حكومة العبادي على الأمر وراح يستغل هذه الحقول أمام أنظاركم، ماذا فعلتم؟

- عندما احتلت بيشمركة السيد مسعود مناطق واسعة من سهل نينوى وغيرها من المناطق كانت تعتبر مناطق متنازع عليها مع الحكومة مستغلة هجمة داعش وهجرت السكان العرب من عشرات القرى وصرح السيد مسعود قائلا "إن حدود الإقليم هي الحدود التي يرسمها الدم" ماذا كان موقفكم؟

- وليومنا هذا ترفض كردستان التدقيق في حساباتها وترفض التدقيق في العدد الفعلي للموظفين لديها والذين صاروا يتقاضون رواتبهم من الحكومة العراقية مضافا لحصة الإقليم، كيف كان موقفكم وما هو الآن ولماذ لا ترفعون شعار "كفى نهب ثرواتنا يا إقليم"؟

- ويوقفكم اشاوس السيد مسعود على بوابات كردستان ويعاملكم كإرهابيين محتملين ويصادر جوازاتكم ويطلب منك كفيلا لدخول الإقليم فتكافئوه بأن تصرفوا دولاراتكم الزائدة في فنادقه ومصايفه،

- وفي نزاع المالكي مع تركيا واتهامه لها بإرسال إرهابيين والتدخل بالتحريض ضد حكومة منتخبة والتي وصل بها الصلف لحد قيام وزير خارجية تركيا أحمد دواوود أوغلو بزيارة كركوك دون علم الحكومة متجاوزا كل الأعراف الديبلوماسية ماذا فعلتم هل احتججتم دفاعا عن خرق سيادة العراق؟

- وفي نزاعه مع السعودية التي أرسلت 5 آلاف انتحاري فجروا أنفسهم في صفوفكم وقتلوا منكم الآلاف بينما كان السيد مقتدى والسيد عمار يذهبون ليحظوا باستقبال حافل من قبل الملك عبد الله ماذا كنتم تفعلون؟ اكتفيتم بالتفرج أليس كذلك؟

- عندما قدم المالكي قانون البنى التحتية للبرلمان والذي يقضي ببناء ستة آلاف مدرسة وعشرات المجمعات السكنية بالاتفاق مع شركات صينية وكورية على أن يكون الدفع بالآجل بشكل نفط وليس مال واسقطته الكتل بما فيها الكتل الشيعية بحجة "شبهات فساد" وصوت التحالف الكردستاني ضده رغم أنه يخص البنية التحتية المتهالكة في القسم العربي من العراق بينما تمنع كردستان ممثلي أجهزة الرقابة العراقية من التدقيق في كيفية صرف كردستان لحصتها المالية، ماذا كان موقفكم؟

- وفي الانتخابات الأخيرة في 2018 عندما اعترضت العديد من الكتل على النتائج وطالبوا بإعادة الفرز فتم حرق عشرات الآلاف من صناديق الاقتراع الموجودة في مخازن الشالجية لماذل لم تحتجوا على مفوضية الانتخابات لتزويرها إرادتكم تلك المفوضية التي وصفها الدكتور سلام الزوبعي عن حق بأنها "مجرمة"؟

- وقبل ذلك في انتخابات 2014 عندما طرح المالكي برنامجا سياسيا قائما على تشكيل حكومة غالبية سياسية بعيدة عن المحاصصة وفاز على ضوءها بأعلى نسبة من الأصوات فتواطأ حلفاءه من الكتل الشيعية بالتنسيق مع التحالف الكردستاني ضده وأزاحوه واختاروا مكانه السيد العبادي لماذا لم تحتجون على سرقة إرادتكم؟ وسواء كنتم تكرهون المالكي اليوم أم لا، فلماذا لم تكرهوا بنفس القدر مزوري إرادتكم؟

- وأخير في فترته عطل رئيس البرلمان أسامة النجيفي مناقشة وتمرير 150 مشروع قانون قدمتها الحكومة ورفض طلب القضاء برفع الحصانة عن 13 نائبا متهما بالاختلاس وجرائم أخرى ايده بذلك بهاء الأعرجي الذي كان يشغل منصب رئيس لجنة النزاهة في البرلمان والذي قال عنه المالكي "أن اكبر رأس في النزاهة يعطل عمل النزاهة"، هل عرفتم بذلك أم لم تعرفوا وماذا فعلتم إن كنتم تعرفون (إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم)...ا

هذا غيض من فيض الماضي أما اليوم:

- تعبثون ببراءة أطفالكم أو تسمحون لمن يعبث بها عندما تسمحوا لهم بالنزول لساحات التظاهر لا تبالون ما قد يحصل لهم طلقة من قناص أو قنينية غاز أو حجر؟

- تسمحون لعصابات لا تسألوا من يقف وراءها باغلاق مدخل ميناء أم قصر. وحين ينصحكم وزير النقل السابق عامر عبد الجبار بأن ما تفعلوه خطير وسوف يرتد عليكم تردون عليه في صفحات التواصل بالسخرية.

- وتسمحون لعصابات أخرى بإغلاق مداخل شركات نفط وتمنع الموظفين من دخولها و لا يثير فيكم ذلك سؤالا من هؤلاء وما ذا ينوون. وليس ذلك بصعب على من له عقل. سيتخدمكم الأمريكيون أدوات لهم في طرد شركات النفط الصينية والروسية والكورية لتستحوذ شركاتهم عليه. ألم يقل ترامب بلغة صريحة أنه يريد نفطكم؟ألم يقل أنه يريد أن يأخذ من العراق 3 ترليون دولار؟ أي ثلاثة اضعاف ما كسبه العراق خلال 16 سنة، أي انتاج العراق النفطي كاملا لمدة 48 سنة؟

لقد نجحت أمريكا بواسطتكم في تخريب كل مشاريع عبد المهدي التي اتفق عليها مع الصينيين فالصينيون لن يأتوا بعد الذي شاهدوه.

- كارهوكم بالأمس وأكثرهم يعيشون في أوربا وأمريكا وبعضهم يتقاضى رواتب من الحكومة العراقية أي من أموالكم والذي كانوا يعتبرونكم "شروكية" لا تصلحون لحكم العراق يصبحون اليوم أبطالكم لأنهم وصفوكم ب "الثوار" ويحرضوكم على العنف "والمواصلة حتى سقوط السلطة الفاسدة".

- طبيبة’ تأتي من امريكا لتذهب لساحة التحرير بدلا من أن تذهب للمستشفيات وتعمل بدون ضجة تصبح بنظركم "شريفة تستحق أن تكون وزيرة صحة" لأنها راحت تشتم عادل عبد المهدي. كلكم تشتمون عبد المهدي إذا يحق لكم جميعا أن تصبحوا وزراء.

- هل تمعنتم بما قاله لكم عبد المهدي في خطابين وجههما إليكم؟هل درستم ما قاله رئيس الجمهورية في مناسبتين؟ أين عقلاءكم ليمثلوكم لدى الرئاسات الثلاث ويناقشوا معهم وعودهم فيعودوا لكم برأي أو نصيحة؟

ليس وعيكم هو الذي ساقكم إلى الشارع فالوعي الحق لا يستيقظ على حين غرة، الوعي الحق هو الوعي المستنفر أبدا لا يترك شاردة أو واردة تمر دون تمعن وتفحص وردة فعل مناسبة لها في الزمن المناسب. لم يستيقظ وعيكم على جرائم السعودية وتجاوزات تركيا وصلف مسعود ونهبه لثروتكم وعبث أطفال السياسة من المحسوبين عليكم وجرائم مفوضية انتخابات..و...و...و.

بل أنتم لا تميزون بين من يطلب منكم التعقل فيصبح بنظركم "مع الحكومة" ومن يثير بكم غرائزكم مدفوعا هو بغريزة الانتقام والتشفي منكم لسان حاله (ناركم تاكل حطبكم).

 

 

ثامر حميد

 

في المثقف اليوم