أقلام حرة

وانك لعلى خلق عظيم..

في ذكرى مولده الشريف سنلقي الضوء على جانبا من اخلاق رسولنا الكريم محمد سيد الخلق عليه افضل الصلاة والتسليم والتي لاتعد ولاتحصى، سنتناول نزرا يسيرا من سيرته العطرة وخلقه الكريم..

الاخلاق لغة تعني السجية والطبع، اما اصطلاحا فهي تعني مجموعة الصفات والقواعد السلوكية الفاضلة التي تنظم حياة الانسان الذي خلقه الله باحسن تقويم ليعمر الارض.

"كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة..البقرة231

لقد اختار الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم وهو اعلم الناس بخلقه الكريم، لما عرف عنه من الكم الهائل من الصفات الحميدة التي جعلته مصطفىً من قبل الله لينشر تعاليم السماء ويشيع السلام بين الناس.

ان تميز رسول الله بالاخلاق الكريمة كان سببا لان يكون رسول الله ونبيه، لقد نشا الرسول منذ اللحظات الاولى في حياته متحليا بالخلق الكريم، فكان صادق، امين، زاهد، كريم، رحيم، شجاع، رؤوف، راجح العقل، صبور، مبتعدا عن كل ملذات ولهو الحياة، ولذلك اصطفاه الله لينشر العدل ويحفظ المجتمع من الرذيلة، وقد اقبل عليه الناس بسبب خلقه الكريم"لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم".. التوبة128

لم يكن القضاء على الجاهلية و نشر الدعوة الاسلامية امرا هينا، في ظل مجتمع متمسك بعاداته وتقاليده الموروثة والمتجذرة بالجاهلية، اذ لم يكن الناس ليتقبلوا هذا الدين الذي يقضي على مصالحهم الدينية والدنيوية، وما يتعلق بهما من اموال تدر عليهم من بيع الاصنام والاوثان، والرق والعبودية المقيتة، وغيرها من الامور التي لايستطيع المجتمع الجاهلي ان يتخلى عنها مهما كان الثمن.

ان الصبر والحلم والاناة والحكمة، التي كان يتمتع بها الرسول جعلته قادرا على ادارة شؤون الامة وحل عقدها بتروٍ وحكمة، مستنيرا بهدي الله والقران، ممتنا لاختيار الله له ليملا الارض قسطا وعدلا، وليحرر الناس من عبوديتهم، وجهلهم، وعاداتهم البالية التي كانت كالمرض الخبيث داخل جسد الامة، كوأد البنات مثلا تلك الجريمة النكراء التي يقدم عليها الاب بدم بارد بدفن قطعة من روحه دون ان يرف له جفن، ان استهتار الناس بالقيم الحياتية لايمكن ان يتوقف الا برادع قوي يجعل الامر غير مقبولا بل ومستحيلا، وهذا الرادع يجب ان يستنبط من رحم المجتمع ليكون مؤثرا وفاعلا في احداث التغيير، ولهذا يبعث الله الرسل والانبياء لاعمار الارض واجتثاث الامراض الخبيثة منها، من اجل قيام حياة سليمة ينعم ابناءها بالامان والاستقرار، وهذا كان سبب اختيار الله للرسول الكريم، فهو ابن هذه الامة، عارفا ومطلعا على شؤونها، مستنكرا لامراضها الاجتماعية في مجتمع يسوده الظلم، واستفحال القوي على الضعيف، والفوارق الطبقية التي كانت قائمة انذاك باستئثار نفر من الناس بالجاه والمال على حساب طبقات المجتمع المعدمة، واستفحال الرق والعبودية، وعدم المساواة، معاملة الانسان على اساس عرقه ولونه وطبقته الاجتماعية، اجحاف حق المراة في الحياة والارث وجعلها مملوكة، وأد البنات بغير حق"ولاتقتلوا اولادكم خشية املاق نحن نرزقكم واياهم"..الاسراء31، كل هذه الظواهر وغيرها من الانحرافات الاجتماعية استطاع الرسول الكريم ان يعالجها بهدي القران وان يجد الحلول لهذه المشاكل عن طريق تفسير ايات الله التي نزلت اصلا لتكون دستورا ينظم حياة خير امة اخرجت للناس، لتقويمها وازالة الشوائب العالقة بها من موروثات جاهلية تقوم على هدر قيمة الانسان وكرامته ورغبته في العيش الرغيد، وهذا الامر الجلل اخذه الرسول الكريم على عاتقه لانه اهلا له بما حباه الله من حكمة وموعظة وصبر واناة"قل ادعوالى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن".. النحل 125

هذه هي اخلاق الرسول التي بدات باهل بيته"خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي"حيث كان بمنتهى الرحمةوالانسانية مع اهل بيته كما اوصى بالنساء خيرا"النساء شقائق الرجال" واوصى برعاية اليتيم"انا وكافل اليتيم في الجنة هكذا واشار بالسبابة والوسطى .."

واوصى برعاية الام وبرها لما تحمله من مشقة "ان الله حرم عليكم: عقوق الامهات، وواد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، واضاعة المال"..صدق رسول الله

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم