أقلام حرة

مؤتمرات الشباب.. بوتقة للتواصل مع قادة المستقبل؟

عبد السلام فاروقالشباب طاقة جبارة. إنهم كشموس صغيرة تريد أن تحترق بنار العمل والإنتاج، فإذا أحبطها وأطفأها الواقع الصعب .. باتوا كثقوب سوداء تبتلع الخير والمستقبل المنشود، أو تبتلع نفسها بالتطرف أو التمرد أو الانتحار.

مؤتمرات الشباب فرصة حقيقية لبعض الشباب للتوهج والتألق وإبراز قدرتهم على العطاء.. وإبداء رغبتهم فى المشاركة فى بناء الوطن. لكنها البداية فقط .

هناك الكثير مما ينتظر الشباب ليفعلوه ويتعلموه ويختبروه، والأكثر مما ينتظر المسئولين والقادة لتفعيل دور الشباب بألف مؤتمر، وبألف ألف وظيفة ومهنة وفرصة عمل.

مؤتمر الشباب هو اجتماع قادة.. الرئاسة والحكومة يجتمعون مع القادة الجدد من الشباب. إنها صناعة لقادة الفكر والسياسة والاقتصاد القادمين، وفرصة للتواصل لصياغة الغد .

فهل يمكن تعميم تلك التجربة لتعم المنفعة ؟ فى رأيي أن حركة التغيير الجارية تحمل بشري عظمى بتحقيق تلك الغاية الكبري .. والسطور القادمة تحمل بعض الإشارات حول إجابة السؤال المهم: كيف نستغل طاقات الشباب؟

حركة المحافظين .. وتوسيع نطاق التأثير

السيسي يكتفى بتقديم النموذج والقدوة العامة .

وهو يترك بعدها الحرية للمسئولين والوزراء بالطريقة التى تناسبهم لتفعيل تكليفاته لهم .

المحافظون هم وكلاء الدولة والقيادة السياسية فى مناطقهم الديموغرافية، وعليهم أن يتخذوا من القيادة السياسية بوصلة لما ينبغى عليه تحقيقه والاتجاه نحوه .

مؤتمرات الشباب المركزية هى نموذج يجب الاقتداء به فى كل محافظات مصر، لا أن يتم الاكتفاء بالقاهرة .

هناك إشارات شتى من القيادة السياسية للوزراء والمحافظين حول تلك الرسالة.. فالحرص على إقامة المؤتمرات الشبابية كل مرة فى مكان مختلف ومحافظة جديدة، والاهتمام باستدعاء ممثلين من الشباب من كل المحافظات، وحتى بناء المدن الجديدة وبناء العاصمة الإدارية الجديدة.. هى دعوة مبطنة للخروج من بطن الحوت، أى من المركزية الخانقة القاتلة للمواهب والمثبطة للإنتاج .

لا بد من الخروج من بوتقة القاهرة والوادى والدلتا إلى الأطراف والهوامش والمناطق الجديدة .

وليس باستطاعة مسئول بمفرده القيام بكل المهام . لا بد من أيدى أخرى تنفذ سياسة الرئيس ومنهجه.

نعم يحرص الوزراء فى كل حركة تغيير جديدة أن يتخذوا مساعدين من الشباب .

فأين هم؟

أين هؤلاء الشباب وما أنتجوه وحققوه؟

لا يخبرنا الوزراء الذين اختاروا هؤلاء المساعدين.. ماذا فعل مساعدوهم؟

فإما أنها بروباجندا دعائية لهم ولوزاراتهم، وإما أن هناك أشياء تتحقق لكن الرسالة الإعلامية لم تصل إلى ذلك العمق بعد.

مطلوب تفعيل دور الشباب على الطبيعة، وفى أروقة دولاب العمل الإنتاجى .

كما أن من المطلوب إعلامياً التركيز على ما يحققه الشباب على أرض الواقع .

الشباب.. وابتسامات الوطن

رغم كل الإحباطات والمعوقات تأتى الابتسامات لتريح العقل والأعصاب المتوترة الشغوفة بالغد.

بالأمس تحقق انتصار فريق الشباب لكرة القدم واستطاع الفوز بالبطولة الإفريقية المؤهلة للأولمبياد.

هذه ابتسامة عريضة ارتسمت على وجه الوطن .. شعباً وقيادة.

وكان الشباب هم مَن حققوها، أولئك الذين ما زالوا فى العِقد الثانى من عمرهم .

ومن قبل انتصار كرة القدم، حدث انتصار فريق كرة اليد الأقل جماهيرية، لكنه رسم على وجوهنا ابتسامة واسعة .

وكلما أتحنا للشباب فرصة للعمل الجماعى والفردى زادت البسمات حتى يشرق بها وجه الوطن .

هل نركن إلى الثقوب السوداء، أم نحاول تفعيل طاقات الشباب وتحويلهم إلى مفاعلات نووية وإلى شموس صغيرة تضئ للوطن طريقه ومستقبله؟

القوات المسلحة استطاعت أن تستغل الجزء الأعظم من طاقات الخريجين فى تجنيدهم للعمل الوطنى المنظم .. فلماذا لا تتحول كل المؤسسات إلى كتائب منظمة تعمل لصالح هذا الهدف النبيل؟

الدولة.. والفرصة العظمى

ثمة خطوات واسعة قامت بها الدولة خلال السنوات القليلة الماضية، وما تزال تتقدم.

العشوائيات الكثيرة التى تمت إزالتها وتجديدها، بعد أن ظلت لعشرات السنين لا تجد مَن يعبأ بها.

المدن الجديدة التى أقيمت على تخوم المحافظات فى سائر ربوع الوطن لتستوعب الزيادة السكانية المهولة .

مشروع قناة السويس، أنفاق بورسعيد، العاصمة الإدارية، مشروع المليون ونصف فدان .

كلها مشروعات من الشباب وإليهم .

هم الأبطال الحقيقيون فى كل هذه المشروعات. على أكتافهم يقوم المشروع، وهم الذين يحصدون الثمرة.

ولأن الدولة تدرك هذا الأمر فهى تحاول استثمار طاقة الشباب الاستثمار الأمثل .

إنها تفعل هذا عبر الدفع بمزيد من الاستثمار .

إن ضخ الأموال فى أسواق العقار والتجارة الدولية والبنية التحتية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة هو الضمانة الكبري لاستيعاب طاقات الشباب العاطلة عن التوهج والاشتعال.

من ناحية أخرى تهتم الدولة اليوم بأمر آخر فى غاية الأهمية .

إن الدولة تولى اهتماماً خاصاً بالتدريب الفنى النوعى .

هناك تحول رقمى تسعى الدولة لتحقيقه لا على المستوى المحلى فقط، بل والإفريقي كما أعلن الرئيس من قبل.

مثل هذا السعى الدؤوب لا بد أن له مغزى بعيد المدي .

إن سائر الأنشطة الاقتصادية فى عالم اليوم تعتمد اعتماداً  كبيراً على عامل السرعة . لا بد من تسريع الإنجاز والدفع بعجلة الاستثمار إلى أقصي قدرة لها على الدوران . وهذا لم يعد ممكناً بغير تطوير رقمى واسع النطاق. وهو الأمر الذى يفتقر إلى تدريب الكوادر البشرية من الشباب .

إنهم الشباب مرة أخرى .

منهم وإليهم تتجه أنظار الدولة .

 

ألف شمس لا تكفى

نحن مائة مليون مصرى أكثر من نصفهم شباب.

فكم عدد من يحضرون مؤتمر الشباب ؟ ألف.. ألفان ؟

حركة المحافظين والتغيير الوزارى المرتقب، يحملان البشري بأن هناك تغيير عظيم قادم .

هناك اهتمام أكبر بتفعيل دور الشباب لتحريك عربة الوطن بأقصي طاقتها للأمام .

حتى أن كثيراً من المحافظين ومساعديهم جاءوا من الشباب، فهل سيستطيع هؤلاء القادة الجدد تحويل حلم القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسي بتفعيل دور الشباب .

هذا ما ننتظره ونأمل أن يتحقق فى العام المقبل الذى يحمل معه شعلة الأمل تضيئها ألف شمس .

وبشكل عام .. أنا متفائل .

 

عبد السلام فاروق

 

في المثقف اليوم